لن يُفنى العالم بسبب قنبلة نووية كما تقول الصحف، بل بسبب الإبتذال والإفراط في التفاهة التي ستحول الواقع إلى نكتة سخيفة.
واقعنا اليوم تحول إلى نكتة سمجة كما يقول (كارلوس زافون) ذلك الكاتب الإسباني مؤلف رواية (ظل الريح) يتحكم به السُرّاق واللصوص والمقامرين بمصير الشعب وحياته ومستقبله.
أولئك الساسة الذين تملئ وجوههم شاشات الفضائيات وهم يُنادون بمحاربة الفساد وتعاطفهم مع مآسي المواطن وبؤسه، وربما يُبالغون في توصيف المعاناة إلى درجة أن أحد البرلمانيين الجُدد دخل قبة البرلمان وهو يرتدي ثوباً ممزقاً، وآخرين وصلوا إلى مقر السلطة التشريعية بوسيلة النقل (التك توك) تعبيراً عن تضامنهم مع وسيلة النقل هذه التي أنقذت الكثير من جرحى المتظاهرين في أحداث تشرين.
أي واقع سياسي الذي تمتزج فيه الوطنية بالخيانة والصدق بالكذب والتبعيّة لدولة خارجية في تحالف يُدعى السيادة، وما أحلى تلك السيادة التي تُذكّرنا بمقولة برناردشو (المرأة العاهرة أكثر حديثاً عن الشرف).
تفاهة وإنحطاط الواقع السياسي في العراق أصبح بلا طعم ولا لون وبلا رائحة، ولم يعد ذلك الواقع بيئة صالحة للعيش بعد أن أصاب التلوث حاضره وربما يمتد إلى مستقبله.
وزير المالية في هذه الحكومة يقول ليس شرطاً أن يأكل العراقي يومياً فاكهة التفاح..صدقتْ أيها الوزير، ففي بلدٍ مثل العراق ملك النفط والثروات وبحار المياه الجوفية وكنوز الأرض لايستحق مواطنيه أن يأكل التفاح يومياً لأنه ترف ٌ لايستحقونه، في نظام سياسي مغفل أو عاجز يستكثر على مواطنيه تناول فاكهة التفاح..ألم أقل لكم أن واقعنا نكتة سخيفة يتحكم به السفهاء والأغبياء والجهلة، لكن اليقين المؤكد الذي لايقبل الجدال أن تلك القنبلة النووية المزعومة لن تُفني هذا الواقع، بل محاولات التجويع والإفقار والأكاذيب وفساد المفسدين وصراخهم في الفضائيات بالوطنيات وهم عديمي الوطنية، كل هذا سينهي أحلامهم بالسلطة والنفوذ ويضع نهاية لهذا الواقع.
المنظومة السياسية في العراق التي إحتوت التناقضات والمتناقضات باتت اليوم ميتة سريرياً في غرفة الإنعاش تنتظر من يُصدر شهادة وفاتها لإنها فقدت مكونات وجودها ومستلزمات إستمراريتها، فأصبح لزاماً تغييرها وإيجاد بديل يليق بهذا الشعب وتاريخه ممن أكل الخبز مخلوطاً بنوى التمر وتناول التمن مع بعض الحصى، وليس من كان يسكن في بلاد الضباب أو من يدّعي السيادة وهو بلا وطنية أو سيادة.
بالمحصلة لن يكون إلا الصحيح، ولكل بداية نهاية ومازلنا بإنتظار تلك النهاية عسى أن تُعجّل في القدوم.