لا صوت يعلو فوق صوت قرقعة الإعلام الغربي في أوكرانيا. من ليس معنا في شيطنة كل شيء روسي فهو ضدنا. انه عين خطاب بوش الابن بٌعَيّدَ تفجيرات الحادي عشر من أيلول الإرهابية في نيويورك عام ٢٠٠١. في ذلك الوقت كان العالم متعاطفا مع ضحايا تلك التفجيرات، ولذلك مر مرور الكرام ما تفوه به بوش الابن بما فيه جملته الشهيرة ان حربه العالمية ضد الإرهاب هي حرب صليبية. نفس السيناريو يتكرر اليوم ولكن بشكله التراجيدي، فصخب الإعلام الغربي بشكل ممنهج ومخطط لطمس حقيقة ما وراء الحرب الروسية في اوكرانيا تملأ أجواء العالم، وهناك اصوات قليلة في الغرب تعلو لتكشف عن مدى نشر الكراهية وممارسة العنصرية السافرة وقمع الحريات السياسة وحق التعبير.
لا ندري هل نحن بالفعل محظوظين لاننا لم نولد إبان فترة الحرب العالمية الثانية التي لم تتوفر فيها وسائل إعلام وشبكات التواصل الاجتماعي و انترنت كي ندرك نعمة الوصول الى المعلومة والحقيقة. فها هو معقل الديمقراطية والحرية يتعامل مع كل ما يحدث ومن يتحدث بعكس ما يجري في أوكرانيا لغير صالح حكومة زيلنسكي ومصالح الغرب فهو مدان وغير مرغوب فيه. وتكفي فقط الإشارة على سبيل المثال عبر تصفح القليل من كتب تاريخ تلك الحقبة، ونقصد فترة الحرب العالمية الثانية، لندرك أن ما يحدث اليوم، ونقصد تعامل عقلية الطبقة الحاكمة الغربية في الازمة الاوكرانية بأعلامها وسياسيها ومؤسساتها الاقتصادية وفي شتى مناحي الحياة الرياضية والفنية والادبية.. ليس وليد صدفة، انه عقلية جهنمية تضرب جذورها في عمق تاريخ النظام الرأسمالي في الغرب. فلا نستغرب ابدا اذا سمعنا يوما ملاحقة المواطنيين الروس ووضعهم في معسكرات اعتقال، او كما نشاهد الان في فتح المجال الاجتماعي والأمني من قبل الحكومات الغربية بمهاجمة قصور وفيلات الاغنياء الروس من قبل الناس مثلما حدث في لندن، كما حدث في فرهود اليهود في العراق ايام الحرب العالمية الثانية، او كما فعلت الحكومة الكندية في نفس الفترة في فتح معسكرات اعتقال لليابانيين ومعاملتهم بطرق وحشية تدمى لها جبين البشرية، لان الحكومة اليابانية كانت تحارب الى جانب الألمان ضد الحلفاء. وبالرغم اعتذار الحكومة الكندية الى الجالية اليابانية لكن ما يتكشف اليوم لنا من خلال حمى العقوبات الاقتصادية الغربية المسعورة بأن تلك العقلية ما زالت فاعلة، ووضعت جانبا لتخميرها واستخدامها في هذه الأيام.
واذا ما أخذنا بمنطق معظم الاعلام الغربي وتسويق صورة بوتين بأنه شخص مهووس عقليا، او مجنون، او يعاني التوحد..الخ من هذه النعوت لانه قام بغزو أوكرانيا ليخفي ذلك الاعلام ماهية النظام الراسمالي وصراع الوحوش الامبريالية على تقاسم العالم، فبنفس المنطق يمكن بسهولة الاستشفاف بأن بايدن هو الآخر مجنون ولا يعي ما يفعله عندما يستيقظ كل يوم ليعلن عن حزمة عقوبات اقتصادية على روسيا ضاربا بعرض الحائط مصالح مواطنيه في عقر داره على اقل تقدير، حيث ترتفع الاسعار بشكل مهول ويزداد التضخم ويحرم الملايين من شعوب العالم من الحصول على مقومات المعيشة باسعار بالكاد يتم تحملها.
صناعة الإعلام الغربي واسطورة صورة زيلنسكي:
من يقرأ تاريخ ترسيخ أسس النظام الرأسمالي في العالم، لا تخدعه فقاعات الغرب “المتمدن والمتحضر” بالتباكي على الانسانية المدمية في أوكرانيا. ان صناعة الاعلام الغربي تستعرض الدمار الذي تلحقه الالة العسكرية الروسية في اوكرانيا من تدمير المباني وجثث القتلى الأبرياء وهروب الملايين من منازلهم الى الدول المجاورة، نقول تستعرضها من أجل توسيع مساحة شيطنة روسيا في العالم وإخفاء الحقيقة، وخلق المبررات لتصعيد العسكرتارية وتمهد لتهيئة أرضية سباق التسلح. ان الحرية في مفهوم النظام الراسمالي الغربي كما نَظَّرَ لها الاقتصادي البريطاني الشهير ابان بزوغ فجر النظام الرسمالي ادم سميث (دعه يمر..دعه يعمل) ليس من شأنها الا ترطيب الأجواء للمنافسة الاقتصادية، و لن تنجح تلك المنافسة في الأسواق خارج حدود الدولة القومية دون العسكرتاريا والحروب كما بينه لنا التاريخ في الحربين العالميتين الاولى والثانية. اليوم تتحدث صناعة الإعلام الغربي عن حرية أوكرانيا واستقلالها التي تخفي في طياتها تموضع الناتو فيها على الحدود الدولة الامبريالية الروسية التي تعني الحرب من اجل الفوز بأوربا حيث سنتحدث عنها لاحقا.
وعليه أن تلك الصناعة لا تتطرق انها وراء كل تلك الماساة الانسانية التي تحدث في أوكرانيا عبر محاولة جر حكومة زيلنسكي الى حلف الناتو لتطويق روسيا. آن جونسون – بايدن وهم القادة لهذه الحرب الى جانب بوتين، يريدون قتال الجيش الروسي حتى اخر انسان أوكراني. اما بالنسبة لزيلنكسي وحكومته ليس لديهم ما يخسره سوى شعب تنصلوا من مسؤولية أمنه وسلامته، ولذلك هي ليس على عجلة بوقف كرة ثلج الدمار العظيمة التي تكبر، وبالعكس تماما، ففي كل يوم يمر دون وصول القوات الروسية الى مخدع زيلنسكي يزداد حجم المساعدات الاقتصادية