كثير من الكرد داخل وخارج العراق يصرون على انهم كرد وليسوا عراقيون . يرفضون عراقيتهم بشكل واضح وصريح في جميع المناسبات وامام اي تشكيلات رسمية تنظيمية بما فيها القنصليات والسفارات العراقية. الاستعجال في قضية رفع علم اقليم كردستان العراق بالتنافس مع علم الدولة الام يمثل في حقيقة الوضع عقدة الدولة المغيبة . ولكي لا يتحسس القراء الكرد من الموضوع ، انا من دعاة اقامة دولة الكرد وانفصال اقليم كردستان عن الدولة العراقية لان الاكراد كشعب من حقهم اقامة دولة على الاراضي المقيمين فيها سواء في العراق ، سوريا ، تركيا ام ايران ، لكن ليس من حق الاحزاب الكردية التي تسيطر على دفة المال والاعلام والسياسة في اقليم كردستان ان تدفع بالشعب الكردي في العراق الى رفع اعلام كردستان كدولة مستقلة خارج وداخل العراق واستفزاز باقي الاطياف العراقية بالتصريح علناً ان كرد اقليم كردستان العراق ليسوا عراقيين . يضاف الى ذلك يبث الاعلام الحزبي سموماً داخل الشارع الكردي فيصور كردستان بانها كانت ارض محتلة من العراق وان نفط كردستان كان يسرق منها ، بناءاً على هذه النظرية فان البصرة كانت محتلة ايضاً ونفطها سرق لمدة اربعين عاماً على اعتبار ان العراق لم يشارك في حكمه الشيعة لمدة اربعة عقود. هذه فلسفة فارغة ولعب بالحقائق التاريخية ، فالدولة العراقية الحديثة التي اسسها البريطانيون واعلنو عن تأسيسها في عام 1921 بحدود العراق الحالية ومن ثم تأسيس حكومة وملك وبرلمان في تموز عام 1925ليس احتلالاً لاي بقعة من تلك الدولة ، لان الدعم الحكومي على الرغم من نواقصه كان يشمل الجميع من الفاو الى زاخو. كل الشعب العراقي بجميع فصائله تعرض للاضطهاد والسرقة ومصادرة الحقوق والعدالة الاجتماعية ، هل من المعقول ان يعلن كل فصيل من فصائل الشعب العراقي علمه ودولته المستقلة ويتحدث في اعلامه انه تعرض الى الاحتلال والسرقة ؟
كل عراقي بغض النظر عن انتماءه العرقي يتمنى ان ينصفه الوطن العراقي بثروته ونظامه السياسي العادل المفترض . وان لم يتحقق ذلك تفتيت العراق الى دويلات واهنة لم تكن لمصلحة اي من الانتماءات العرقية . ان المنهج الذي تنتهجه الاحزاب الكردية العراقية وتحشد الشعب الكردي لهذا المنهج لايمكن ان يؤدي الى اقامة دولة كردية تعيش بسلام مع جيرانها وخصوصاً الاطياف العراقية المجاورة لكردستان . والملاحظ ان الاكراد هم جزء من سكان الشرق الاوسط المصابين بعدم القدرة على الحوار واستيعاب الاخر والتعايش السلمي ، من هنا يفترض بالنظام السياسي الكردي ان يصل اهدافه الاستراتيجية المشروعة في اقامة دولة كردستان ليس بالصراع السياسي واستفزاز الشريك وسيادة الدولة العراقية ، بل عن طريق نشر مبدأ الحوار والتعايش بين الكرد والعرب وباقي الاطياف العراقية واحترام سيادة الدولة العراقية وقوانينها. هذه الثقافة توفر البيئة الحقيقية لاقامة دولة كردستان المنتظرة . هذا التفهم لا يأتي عن طريق الصراع مع المركز او تأليب الشعب الكردي ضد الاطياف العراقية الاخرى ، او تصريح الاكراد داخل وخارج العراق بانهم لم يتشرفوا بالانتماء الى الدولة العراقية ويعلنوا نزع عراقيتهم .
محور الحديث هو علم دولة كردستان المغيبة هذا العلم الذي يصر الكرد بأنه يعبر ليس عن دولة كردستان فقط بل يعبر ايضاً عن القومية الكردية ، ليس من حق احد ان يعترض على اختيار شعب واحترامه لقوميته، لكن هذا التعلق بالعلم الكردي من قبل الشعب الكردي يُستغل الان لاستفزاز عراقية العراقيين وسيادة الدولة العراقية. الجميع يدرك ان النظام العراقي السابق في الوقت الذي استخدم السلاح الكيمياوي ضد الشعب الكردي استخدام المقابر الجماعية ضد سكان الجنوب الشيعة وعالج الضباط السنة الذين حاولوا الانقلاب على حكم صدام بالاعدامات الجماعية ، هذه الفئات الثلاثة عاشت المأساة الحقيقية من نظام بائس فضلاً عن غيرهم من الأقليات يجري استفزازها في حالة الأهمال الى علم الدولة المركزية ، ورفع علم اقليم كردستان على الممثليات والقنصليات العراقية او احياناً تمثيلاً للطلبة الكرد في الجامعات العربية والاجنبية .
في الدولة الفدرالية يمكن استخدام الاعلام المحلية داخل الولايات كما هو الحال في الولايات المتحدة الامريكية الى جانب العلم الوطني ، لكن العلم الوطني الامريكي يشكل رمز وطني لكل الامركيين على درجة من الاعتزاز والانتماء . لهذا لايعرف العالم علم مشيكان او منيسوتا او اية ولاية اخرى ، بل العلم الامريكي المخطط ب 13 خطاً تمثل المستعمرات الاولى التي استقلت من بريطانيا وشكلت اولى الولايات في الاتحاد الامريكي ، بالاضافة الى 50 نجمة تمثل جميع الولايات. لا نستطيع ان نحدد الان دوافع النهج الاعلامي والسياسي للاحزاب والدوائر الكردية ونصفها في خانة الانتماء الى الدولة العراقية وتطويرها. وهناك خروقات واضحة للنظام الفدرالي على صعيد عقود الشركات والعلاقات الدولية وصلاحيات الدوائر العسكرية ومن الممكن حسم الموقف الكردي وتحديد مساره، اما اعلان الدولة او الالتزام بالنظام الفدرالي والتخلي عن كل الاستفزازات المقصودة في التلميح بالدولة والبقاء على خط الفدرالية.