كان يشتري كل يوم 20 قالبا من الثلج ويأتي بهذه القوالب إلى القرية ليبيعها ويكسب قوت يومه منها. وفي يوم تموزي لاهب ودرجات الحرارة تشوي حتى الحجر، جاء إلى المدينة كعادته واشترى قوالب الثلج وانطلق بها إلى القرية. ما أن وصل القرية وأوقف سيارته، حتى اكتشف أن الحبل الذي يربط به قوالب الثلج في سيارته محلولة شيئاً ما. بعد أن حل الرباط وبدأ ببيع القوالب واحدة تلو الأخرى اكتشف أن عدد قوالب الثلج هو 19 بدل أن يكون 20 قالباً. من المؤكد أن قالب الثلج هذا قد سقط في الطريق وهو متوجه من المدينة إلى القرية. فقدان قالب الثلج هذا يعني خسارة مادية ولا سيما وأن ربحه من بيع الثلج ضئيل جداً. ما عليه أن يفعل الأن يا ترى وحزنه شديد على ما حل به؟. كي يذهب عن نفسه الاكتئاب قرر تدارك الأمر وأن يزيل عن نفسه هذا الحزن الذي أصابه من جراء فقدان قالب الثلج بأن يعود إلى المدينة من نفس الطريق الذي جاء منه عسى أن يجد قالب الثلج المفقود. الوقت بعد الظهيرة الحارة والشمس قاربت على المغيب، إلاّ أنه انطلق سالكاً طريق المدينة مسرعاً. سار وعيناه تتطلعان إلى جانبي الطريق الترابي قد يجد شيئاً مما تبقى من قالب الثلج. لكن هيهات له ذلك، فالجو حار جداً والشمس ملتهبة فكيف لقالب الثلج هذا أن يصمد. رجع إلى القرية حزيناً أكثر بعد أن عجز من العثور على قالب الثلج المفقود.
كل يوم وهو يأتي إلى المدينة لشراء الثلج، يسير بسيارته ببطىء شديد قد يجد قالب الثلج. وكذلك عند طريق العودة إلى القرية تجده أيضا يتفحص الطريق باحثاً عن الثلج المفقود. يجلس في مقهى القرية يتحدث لكل من يصادفه عن قالب الثلج الذي يبحث عنه. إنه مليء بالأمل على أن يعثر على قالب الثلج هذا. مرت السنون وها هو ما زال يبحث عن قالب الثلج في طريق القرية كل يوم حتى بعد مرور عشرون عاماً على ذلك.
الحقيقة قبل أن أضحك على هذا المجنون الذي ما زال يأمل العثور على قالب ثلج سقط في عرض الصحراء في يوم تموزي لاهب قبل عشرون عاماً، ضحكت على نفسي وأنا ما زلت أصدق بمن يدعي الاصلاح والعمل من أجل الشعب. عشرات السنين ونحن نأمل في أن نزود بالكهرباء وأن نتزود بالبنزين مثلما في العالم. أعوام وأعوام والشباب يحلمون في ايجاد عمل وإنشاء أسرة وما زلنا نحلم ونحلم مثل صاحبنا الذي يحلم في العثور على قالب الثلج بعد عشرون عاماً. القضية ذابت في أيادي مجهولة كما ذاب قالب الثلج في عرض الصحراء.