قد يكون لروسيا الحق فيما اتخذته من قرار بغزو اوكرانيا لتامين حدود غربية اصبحت تحت وصاية العدو التقليدي عند تولي ممثل كوميدي -مدعوم غربيا- رئاسة البلاد.
ولاشك ان لاوربا الحق “انسانيا طبعا” ان تعترض وتحاصر روسيا اقتصاديا انتصارا لارواح ابناء جلدتهم وكذلك خوفا من توسع بوتين ابعد من اوكرانيا وان كان واضحا انه لاينوي ذلك.
اما امريكا فكالعادة لاحق لها ولانوايا صادقة فهي التي وضعت الاوكرانيين الضعفاء في مهب الريح ، وهي التي غزت العراق وهو يبعد عنها بحار ومحيطات بينما تلوم روسيا التي تلاصق اوكرانيا وتمت لها بصلة تاريخية وجغرافية وتابعية شبيهة بتابعية الكويت للعراق.
لكن بعيدا عن تلك التوصيفات الايديولوجية و السياسية فان الحرب في اوكرانيا كشفت الكثير مما لم نكن نعرفه ومما كان بعضنا يعرفه ولايحرؤ على قوله ، ومما كان البعض يقوله ولكن لا احد يصدقه،،
فقد كشفت حرب روسيا ان امريكا اضعف من روسيا “في القرار” وان لم تكن اضعف في الجيش والنفوذ ، وهذا عائد لاسباب لسنا في معرض ذكرها لعل ابرزها دور الشعب والمؤسسات وتخلخل مراكز صنع القرار.
وكشفت ان “صدام” لم يقم ببدعة في هذا العالم ولكن الفرق انك يجب ان تكون اقوى اكثر ليهابك العالم ويسكت متفرجا الا من رفسات بسيطة ستهدأ بعد قليل.
وكشفت ان الحكام العرب بتهربهم من استقبال السوريين وغلق الابواب في وجوهم كانوا صنعوا منكرا وعارا ، ظهر ذلك جليا بتظافر كل حكام اوربا وتسابقهم على استقبال الاوكرانيين من اول يوم وبالملايين.
وكشفت ان الشعوب العربية ايضا قامت بعمل خسيس عندما تباطأت او تاخرت او امتنعت او تضايقت من وجود النازحين السوريين.
وكشفت ان الدول الاسلامية وشعوبها كانت ارتكبت عملا مخجلا عندما تخلت عن نصرة الافغان عندما غزتهم امريكا.
وكشفت ان العالم المنافق الذي سكت عن روسيا وهي تقتل مدنيي سوريا لم يخجل من ذلك عند هبته القوية تجاه قصف روسيا لاوكرانيا وربما لم تقتل احدا، فقد اعطت ممرات من اول يوم من المعارك.
وكشفت ان الحكام العرب بعدم تكاتفهم او دعمهم للسوريين وعدم اعتراضهم على بوتين هناك ولا على بشار وقد قتلوا الملايين انما كانوا جبناء فقط وليسوا مداهنين او مناورين من اجل السياسة او مجبرين.
وكشفت ان النظام العالمي القائم هو نظام مهزوز عندما يتعلق الامر بالاقوياء فلاسلطة له ولا ردع وان ظلموا وان تجبروا فقد غزت امريكا ودمرت دون وقف واليوم روسيا ايضا دون ان يوقفها احد وغدا الصين تبتلع تايوان امام عجز من مجلس الامن والامم المتحدة.
وكشفت انه لما هجم الروس الارثذوكس والامريكان الكاثوليك على شعوب العالم وقتلت الابرياء لم يسمها احد حربا مسيحية ولم يكن ماتفعله ارهابا ولكن عندما ياتي ضرر على البشرية في اي مكان من قبل مسلم فهذه حرب اسلامية وارهاب.
وكشفت ان العرب لم يعد بايديهم اي سلاح حتى سلاح النفط الذي استخدموه عام 1973، ففور ارتفاع الاسعار بسبب حرب اوكرانيا امرت امريكا بلدان العرب النفطية فعوضت وعادت الاسعار
وكشفت ان الاوربيين الملحدين والمسيحيين اكثر مساندة لبعضهم من المسلمين المامورين بذلك ، وهذا سببه تولي امرهم من السفهاء العملاء.
وكشفت ان العنصرية ورابطة الدم واللون هي السائدة وان تخفت تحت شعارات براقة انخدعت بها شعوبنا وحكامها فراحوا يتخلون عن ابناء عنصرهم ارضاء للغرب وها هو الغرب يعيد الينا الدرس انه لاحرج من التكاتف العنصري ولاعيب.
وكشفت النفاق العربي العلني دونما حياء في الترحيب باستقبال اللاجئين الاوكرانيين ومنحهم صفة سواح مجانا في ارقى الفنادق في الوقت الذي ضاقت ارضهم الواسعة عن احتضان ابناء عمومتهم ممن الجأته الحرب الى النزوح.
وكشفت ان اطفال الشرق الاوسط الذين احرقتهم روسيا وبشار بالكيمياوي في سوريا وامريكا بالفسفوري في الفلوجة ومثلهم الحوثي وبن سلمان في اليمن وكذلك ليبيا هم ارخص دما واقل رتبة من اطفال اوكرانيا الذين قامت الدنيا ولم تقعد لترويع بعضهم.
وكشفت ان المراة المرابطة في فلسطين تهان والاوكرانية الخليعة تمجد (وكلاهما تدافع عن وطنها)
وكشفت ان تطوع العرب للقتال في فلسطين ليس ارهابا ولا تهورا وانما نصرة لابناء الدم والدين الواحد كما يفعل الاوربيون في اوكرانيا اليوم ، ولابد لذلك ان يعود.
وكشفت ان العالم مرعوب وعلى شفا هاوية بمجرد ان يتهور احد الكبار ويضغط على زر بسيط ينهي حضارته الاخيرة التي صنعها في ثلاثة قرون.
وكذلك فان اقتصاد العالم اصبح متشابكا واقتصاد العرب مهزوزا فما ان تقوم حرب في دولة مهمة في اقصى الارض حتى يجوع من هم في ادناها وخصوصا العرب الذين جعلهم حكامهم لاينتجون ولايزرعون.
وكشفت ان العنصرية عند الغربيين لم تكن للون كما يدعون وانما هي للدين قبل كل شيء وان ادعوا العلمانية، فلم ينتصروا للبوسنيين وهم شقر ايضا بل تركوهم ليبادوا ولكن انتصروا للاوكرانيين في نفس اليوم.
وكشفت ان الاسلام لا زال وسيبقى الدين الحق ودين السلام وان تعمدوا تشويهه وان الامور ستؤول اليه قريبا وسيدخل فيه الناس افواجا.
واخيرا فقد كشفت الحرب الروسية حجم الصدمة التي تلقتها اوربا عندما رات حربا حقيقية على اراضيها بينما وطوال القرن تشاهد فقط الحروب التي تصنعها في بلاد الشرق وافربقيا والعرب والمسلمين دون اي وازع من ضمير.
وسوف تغير الحرب في اوكرانيا كثيرا من المفاهيم قريبا ، وسيثوب بعض العرب من العلمانيين والمنسلخين والمنبهرين الى رشدهم ، وسيصحو كثير من الشعوب الاوربية الموهومة بالقوة والامان وقدرة امريكا ،، من نومتهم.