18 ديسمبر، 2024 11:24 م

المرتزقة من غزو العراق الى حرب أوكرانيا

المرتزقة من غزو العراق الى حرب أوكرانيا

كشفت الحرب في أوكرانيا بين ما كشفت آليات وعمل الحكومات في تجنيد المرتزقة للقتال في الحروب. فقد أصبح الكلام عن هذا الامر علنا بعد ان كان ولفترة ليست بعيدة” تابو” وأحد اسرار الحكومات ووزارات الحرب او أحد مواضيع نظرية المؤامرة التي يتهم بها كل من يتجرأ ويخالف الروايات الرسمية الحكومية او الاعلام العالمي المهيمن على المعلومات والاخبار او يعرف ومطلع على معلومات مختلفة تنشرها مواقع مستقلة في الأيدولوجية والتوجه وحتى تصريحات أصحاب الاختصاصات في نفس التخصصات. نقرأ اليوم في الصحف اليومية الغربية والعربية كيف تقوم روسيا وأوكرانيا بتجنيد المرتزقة والتفاوض حول نوعية المقاتلين ورواتبهم وامتيازاتهم مع الحكومة السورية ورئيس النظام ونفس الامر ينطبق على أوكرانيا وطلبها من دول حلف شمال الأطلسي لمتطوعين يقاتلون في صفوف جيشها او في تشكيلات للمقاتلين الأجانب الذين بدؤا بالوصول فعلا ومنذ أيام الى أوكرانيا سواء من فرنسا او من كندا والكيان الصهيوني والسويد وغيرها وهذا ما لم نقرأه او نسمعه عند غزو العراق وفي احتلال وتدمير مدنه وخاصة مدينة الموصل.
اعتمدت الولايات المتحدة في كل حروبها وتدخلاتها التي لا تعد ولا تحصى منذ عقود على المرتزقة الذين يسميهم البنتاغون ” بالمتعاقدين ” ولأن كل شيء في هذا البلد هو تجاره فهذا السوق هو سوق مربح ورائج يتعهد به مقاولون بضمنهم ساسة ممن لديه مثل هذه الشركات واهم هؤلاء صاحب شركة “بلاك ووتر” “ايريك برنس” الصديق الحميم للمجرم جورج بوش ونيغروبونتي الذي يعتبر احد اهم مزودي الحكومة الفدرالية بالمرتزقة اوقات الانقلابات التي حدثت في أمريكا اللاتينية وامريكا الجنوبية ، نيغروبونتي هو الذي جمع جيشا كاملا من المرتزقة من كولومبيا ونيكاراغوا وغيرها لغزو العراق وصل تعداده الى 200 الف مرتزق من المقاتلين ومن المتعاقدين بحسب مؤلف كتاب “العراق ارض المرتزقة” للضابط لفرنسي .جورج بريسية دي فالون، للقيام بتوفير خدمات أخرى تخص كل ما يتطلبه وجود الجيش من خدمات اثناء وجوده في بلد الحرب. ورغم ان الولايات المتحدة لا تخفي استخدام المرتزقة وتنشر صحفها الكثير عن تعاقدات وزارة الدفاع معهم الا انها اخفت في حرب العراق وجودهم ولم تتكلم عن قتلاهم لكن موقع “أي كوزالتي ” غير الحكومي الذي قام بإحصاء اعداد موتى وجرحى الغزو على العراق قد وثق اعداد القتلى من المرتزقة والمتعاقدين بشكل منفصل عن اعداد موتى وجرحى الجيش الأمريكي.
ومع وصول الرئيس أوباما للحكم بدأت مرحلة خطيرة في الحرب النظامية في كل من العراق وأفغانستان. لقد تم تسويق أوباما للرأي العام كرئيس اسود مناهض للحرب في العراق لكن ذلك لم يكن الا دعاية ناعمة موجهه للرأي العام الأمريكي والعالمي المعادي للغزو لأن الحقيقة هي انه كان أسوأ من جورج بوش، فقد شهدت فترة حكمه تطبيق خطة جون برينان مدير المخابرات المركزية تشريع القتل بطائرات الدرون للمدنيين جربت اول ما جربت ضد الأفغان وتشكيل وحدات اغتيال خاصة لتصفية المعادين للاحتلال والغزو في العراق وهو ما تم تنفيذه بدخول داعش ، وخلال فترة حكمه تمت أخطر عملية عسكرية في العراق وهي عملية تدمير الموصل ، يمكن ان تسمى بالحرب الخفية لأنها اعتمدت على تجنيد المرتزقة للسيطرة على الموصل العاصية على الخضوع وتدميرها بالقصف الصاروخي الأطلسي وابادة سكانها المدنيين بمشاركة دول حلف شمال الأطلسي المحتلة ومعها إيران ونظام بشار الأسد ونوري المالكي رئيس وزراء عملية الاحتلال السياسية. بنفس طريقة تجنيد المتعاقدين الامريكية واليوم الروسية في سورية، وجد تنظيم داعش او تنظيم الدولة في الموصل بعد ادخال مرتزقة من النظام السوري المدربين والمتمرسين من عسكريين وميليشيات طائفية لمتابعة القادة الوطنيين وكبار جنرالات الجيش العراقي والمقاومين وتحديد أماكن سكناهم لاغتيالهم، ومن ثم اغراء الفقراء والبسطاء في الأرياف والعاطلين بالرواتب لتجنيدهم والتعاقد معهم تحت اسم كاذب واستخدامهم بالضبط مثل المرتزقة الذين تجندهم الولايات المتحدة للقتال في دول أخرى. وعلى غرار الولايات المتحدة، طلب وزير الدفاع الروسي الذي زار دمشق قبل بدء المعارك في أوكرانيا من بشار الأسد تأمين مرتزقة اشترط ان يكونوا ضباط ذو خبرة كبيرة بحرب المدن والشوارع ومقاتلين متمرسين بشكل كامل بالقتال، كما في عملية تدمير الموصل، لا يقل عددهم عن ثلاثين ألف مقاتل، فيما تستقبل القاعدة الروسية في حميميم المتطوعين وتسجل أسماء الراغبين المتوفرة فيهم شروط القتال المطلوب.
وكما تعاون نوري المالكي وقاسم سليماني أثناء عملية الموصل، يرسل بشار الأسد بشكل اجباري شباب سورية وبالأخص شباب”المصالحة” لهذه المهمة للتخلص من فئة شاركت بالثورة ضد نظامه.
هكذا تصنع الدول المرتزقة والمنظمات الإرهابية ويتم تسميتهم بحسب المصالح التي يستخدمون لها وتطلق عليهم التسميات الحسنة او السيئة، تارة يسمون ارهابيون وأخرى مقاتلون من اجل الحرية، أخرى ارهابيون إسلاميون او متطوعون شجعان إذا ذهبوا الى أوكرانيا كما يسميهم الاعلام الفرنسي والغربي عموما!
تكشف الحرب في أوكرانيا بشكل واسع ان تجنيد المرتزقة وتصنيع المنظمات الإرهابية منه ليست مهمات واعمال بسيطة يقوم بها افراد او جماعات محدودة كما تدعي هذه الدول بشأن المنظمات الإرهابية الملصقة بالعرب والمسلمين بل هو عمل تقوم به شركات متخصصة تمتلك إمكانيات كبيرة ولها علاقات تجارية مع الحكومات وترتبط بها وبخططها العسكرية كما هي شركة بلاك ووتر وشركة بلاك ووتش البريطانية وشركة فاغنر الروسية وكل هذه الشركات عملت في العراق وليبيا ودول أخرى لتنفيذ جرائم خطيرة محددة وباغتيالات بالأسماء تأتي من دوائر المخابرات ومن الدول الكبرى مباشرة.
في سورية وفي العراق يقدم شبابنا حطبا إضافيا لكل ما تقوم به الدول المحتلة والغازية في بلداننا، يساقون للموت وللقتل تطوعا او قسرا لا يهم، وحتى في هذه المآسي تطل شياطين التجارة والسمسرة لتسليب الشباب المحكوم عليه بالذهاب الى الموت بطلب مزيدا من الأموال مقابل تسجيلهم في قوائم القتال وكأنهم ذاهبون الى الجنة! ربما لم يبقى هناك مشهد مأساوي لم نراه في سوية والعراق لكي تكون الحرب في أوكرانيا مأساة إضافية تشارك بها حكومة المنطقة الخضراء والنظام السوري لقتل شعبنا في البلدين الشهيدين!