خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
تحولت المدن الإيرانية؛ بالتوازي مع اقتراب عيد (چهار شنبه سوري-الأربعاء السوري)، والذي يُصادف آخر ليلة أربعاء من العام الفارسي، إلى ساحة للحرب الشاملة، وربما لا تقل الخسائر البشرية الإيرانية؛ جراء استخدام الألعاب النارية والصواريخ، وتداولها عبر شبكة الإنترنت، عن خسائر الحرب “الأوكرانية-الروسية”، والتي اندلعت قبل أسبوعين. بحسب وصف “رها معيري”؛ في تقريره المنشور بصحيفة (آرمان ملي) الإيرانية الإصلاحية.
وفيات وبتر أطراف في العيد !
وللأسف سوف يتعرض الليلة؛ بعض المواطنين وأغلبهم من فئة الشباب إما إلى الحرق في النيران التي يشعلونها أو للإصابة في العين، نتيجة استخدام الألعاب النارية، فضلًا عن كبار السن الذين يشعرون بالرعب ويتعرضون للسكتة القلبية بسبب أصوات التفجيرات.
وحتى كتابة التقرير؛ وغروب الإثنين 14 آذار/مارس الجاري، تنتشر أصوات التفجيرات العالية وصفارات الإسعاف في أنحاء المدينة؛ حيث لقي: 08 أشخاص مصرعهم؛ أغلبهم من الشباب، وأُصيب: 35 آخرين ببتر في الأطراف بسبب لحظة حماس، بينما الأصل أن “الأربعاء السوري” هو عيد قديم للسرور لا القتل أو بتر الأطراف.
ويقول “مجتبى خالدي”؛ المتحدث باسم هيئة الطواريء: “بلغ مجموع المصابين والقتلى في الفترة: (21 كانون ثان/يناير – 13 آذار/مارس)، حوالي: 283 شخص، بينهم: 239 حصلوا على علاج، بينما لا يزال: 28 آخرين قيد العلاج. كذلك أُصيب: 35 شخصًا ببتر في الأطراف، وتعرضك 81 إلى إصابات بالعين، بينما يُعاني: 132 من حروق خطيرة”.
مع هذا؛ تتبقى ساعات حتى تتحول المدينة إلى ميدان حرب. لا وجود للخنادق أو ستار ترابي، لكن دوي الانفجارات في كل مكان؛ الأمر الذي يستدعي الاختباء في المنزل للبقاء بمأمن.
وعلى مشارف الاحتفالات؛ حذر النائب الاجتماعي للسلطة القضائية من استخدام المواد الحارقة، وأخطر المواطنين برسالة نصية مفادها: “كل من يتسبب في التفجيرات أو اللعب بالألعاب النارية والصواريخ أو غيرها من المواد المشتعلة؛ بما يترتب عليه خسارة مادية أو إصابة جسدية يعرض نفسه للسجن أو الدية بحسب الجريمة”.
الألعاب النارية الصينية..
يقول “مجيد أبهري”؛ الخبير الاجتماعي: “في فترة طفولتي كنا نحرق أكوام من الأشواك والكرتون، ونحتفل بعيد الأربعاء السوري ببعض (البمب) غير المؤذي، دون إشعال النيران أو تعريض أحد لمخاطر الإصابة بالسكتة القلبية أو بتر الأعضاء. لكن في العقود الثلاثة خرجت من البلاد ملايين الدولارات ووجهتها الصين الشعبية. ويمكن معرفة هذا الأمر بسهولة من خلال علب الألعاب النارية، والتي تزدهر مبيعاتها في الأسواق الإيرانية وتدفق الأرباح على جيوب المستورد. والسؤال: كيف تتدفق هذه الكميات من الألعاب النارية على إيران رغم معارضة الحكومة الحالية والسابقة لذلك الأمر ؟.. والمشكلة ليست في الألعاب النارية الصينية، لكن دور من يقومون بعد إنتهاء الاحتفالات بجمع زجاجات الرش الفارغة وأوعية الغاز، والتي تُشبه شظاياها السكين الحاد. وقد رأينا مرارًا قذف أوعية الغاز من فوق الأسطح وانفجارها في الطرقات. وتنافس القنابل اليدوية المحلية المنافس الصيني، وهي تحيل المكان إلى منطقة حرب وأدخنة بطرفة العين؛ بغض النظر عن أصوات التفجير الكبيرة، ناهيك عن تحطم النوافذ، ما يدفع المرأة الحامل إلى الوضع وإصابة كبار السن بالسكتة القلبية !… والحقيقة أن صناعتنا العسكرية تُتيح لنا إمكانية إنتاج أنواع الألعاب النارية الأكثر أمانًا للحيلولة دون خروج العُملات الصعبة من الدولة أولًا، والحوادث المريرة ثانيًا. كذلك لابد من عرض الأنواع المحلية في مراكز معينة”.
لكن لا أحد يعبأ بهذا الكلام. وتحرص البلديات وإداراتها الثقافية على تنظيم احتفالات راقية في الحدائق والمتنزهات لإحياء ذكرى “الأربعاء السوري”، تلك الاحتفالات التي تجمع الأسر معًا في أجواء يغلب عليها البهجة والسرور يقضون معًا ساعات من السعادة التي لا تُنسى. علينا أن نأخذ المبادرة لأننا لو لم نتحرك واكتفينا بالمشاهدة فلا يحق لنا أن نشكو من الحوادث المريرة.