25 فبراير، 2025 12:51 ص

الممثل السلعة .. والممثل حامل القيمة !

الممثل السلعة .. والممثل حامل القيمة !

خاص : بقلم – محسن الميرغني :

لفن التمثيل تاريخ طويل من الانتقاص لقيمته وأهميته بالنسبة للفنون والعلوم التي ابتكرها الإنسان طوال رحلته الحضارية، في كثير من التواريخ والأيام التي عاشتها البشرية، كان يُنظر للتسلية والترفيه باعتبارها نشاط زائد عن الحاجة، عمل لا قيمة له، ولا أهمية لما يفعله الفنان أو الممثل تحديدًا في المجتمع من وظيفة.

لكن في زمننا هذا؛ وبعد كل هذا الكم الهائل من التطور في فنون الميديا وكل هذه الأموال التي يتم إنفاقها على الفن، وبعد كل هؤلاء الممثلين الذين أثروا في ملايين من البشر بأعمالهم التمثيلية، تبدو للكثيرين أهمية وقيمة الممثل في المجتمع، فهو ليس كمًا زائدًا عن الحاجة، ولكنه وبحسب تعبير “يواخين فينيكس”: “صوت من لا صوت له”..

ومن هنا يمكن أن نُسقط تلك النظرة التقليدية في مجتمعاتنا العربية للممثل باعتباره أراجوز ومهرج لتسلية الخليفة أو الحاكم، ليُصبح واحدًا من الأشخاص المؤثرين والقادرين على صنع تغيير في معادلة الحياة، بما يُقدمه من فن للآخرين.

غير أن هناك من بين طائفة الممثلين والممثلات من يرفضون أن يكونوا غير حاجات وأشياء في أيادي الآخرين، لم يتطور جهازهم النفسي والإدراكي لا بالتعليم ولا غيره، ليدفع بوعيه إلى الأمام والمستقبل. لازالوا قابعين في غمامات الحفلات السرية والانغماس في خدمة الأنظمة والأشخاص الفاسدين في المجتمع، وهؤلاء مهما كانت ثرواتهم ودرجاتهم الاجتماعية، إلا أنهم يرسخون ويكرسون لأنفسهم باعتبارهم أراجوزات وأدوات ترفيه للنظام مجرد “ديلدو” للإمتاع، لا أكثر ولا أقل، وكأنهم لا يُشاهدون ولا يتعلمون مما يدور حولهم..

وبدلاً من أن تجد الممثل المستنير الذي يواجه قضايا ومشاكل مجتمعه بالدفع تجاه التحضر والتطور وقيم الإستنارة، تجده ينشط ويجتهد في لعق أحذية الحكام وتلميع صورهم وسياساتهم النافقة على الشاشات الرديئة، من هنا تظهر المعادلة واضحة عند المقارنة بين فنانين ممثلين، وبين أجساد ممثلين بالعامية: “جتت” أو: “حتت” تتحرك أمام الشاشات..

في السياق الأول يرتفع نجم: “تحية كاريوكا وسناء جميل ومحمود مرسي ومحمود المليجي”.. إلخ إلخ؛ وآخرين كُثر من نطف هذه السلالة المصرية الأصيلة في فن التمثيل.

أما في السياق الثاني تهوي صخور وركامات وشظايا مليارديرات ومليونيرات الحاضر من ممثلين خدامين النظام الجهلة؛ الذين يعملون على إفشاء ونشر الفساد السياسي والاجتماعي جهلاً وإغراضًا، لخدمة الأنظمة والحكام.. وهؤلاء أنتم تعرفونهم من صورهم وكلماتهم التي لا قيمة لها ولا طائل من وراء الاستماع لها، غير تزجية الأوقات الفارغة، بما لا ينفع ولا يُثمن من جوع، وليتحولوا من فنانين يحملون قيمًا ومثلاً للبشر، إلى مجرد سلع في أيادي تجار ومنتجين السوق بمختلف أشكالهم وألوانهم، كأنهم قطع لحمة معروضة في فاترينة ثلاجة، أو ديكورات منزلية سخيفة يعلوها التراب من الركنة.. وهؤلاء ليسوا سوى مجرد تافهين معهم ملايين لا قيمة لهم إلا بما ينفقون.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة