رويداً…رويداً بدأت مخالب السياسة وأذرعها بسحب القضاء إلى حلبتها أو مساحاتها، فبعد أن كانت هذه السلطة بعيداً عن متناول أيدي صُنّاع السياسة هاهي اليوم مرغمة في الدخول إلى حلبة السياسة.
القضاء الذي ظل بعيداً عن مناكفات السياسة وصراعاتها التي غطت خيمتها كل مساحات الحياة من تجارة وإقتصاد وصلت حتى إلى التعليم من خلال دخولها أبواب الجامعات والمدارس لكن بالرغم من كل هذه الإنهيارات التي خلفتّها السياسة في قطاعات الحياة كان العراقي يعيش بأمان مادامت سلطة القضاء بعيدة عن تلك المؤثرات والتأثيرات، لكن القضاء اليوم يقتحم السياسة مُرغماً بعالمها المتلاطم.
ربما يفسر البعض هذا الدخول إلى عالم السياسة جاء لفض إشتباك وعودة الإستقرار والهدوء إلى هذا العالم بعدما طغت عليه الفوضى والإرباك أو قد يكون حالة صحية أو مطلوبة تستوجبها مستلزمات المرحلة الراهنة، ولكن التخوّف والقلق يكمن بوجود من هو متمرد أو يظن أنه فوق القانون أو حتى من أرباب السلطة ليضرب قوانين هذا القضاء بعرض الحائط والخشية أن تتحول قرارات القضاء الصادرة إلى مجرد كلمات وجمل ليس منها إلا الحبر المكتوب على الورق عندما لايكون هناك أي تطبيق لها من قبل سلطة متمردة بحجة أنها قرارات تؤثر على السلم الأهلي والمجتمعي أو تُعرّض النظام السياسي في البلد إلى الخطر، وليس بجديد عمّن ضرب قوانين الدستور بعرض الحائط ليتمرد على القضاء وأحكامه، بل ربما يُستنتج أنه لن يكون هناك تسليم للسلطة بشكل سلمي وهو مايعتقده البعض إذ أن كل التوقعات ورؤى المشهد السياسي العراقي ومن جوانب مختلفة تؤكد أن سلمية تسليم السلطة ربما تكون بعيدة عمّن يُديرها في هذا الوقت وهو مايدق ناقوس الخطر من ضرورة إيجاد قوة ضاربة تفرض على السلطة ورموزها تنفيذ قرارات القضاء الذي بدأ يأخذ دوره الطبيعي في الريادة وإستحصال حقوق المواطن المسلوبة منذ سنوات وذات الأمر من المرجعية الدينية في ضرورة الإفتاء لنصرة قضية المواطن العراقي المنتهكة من قبل السلطة حيث غابت كلماتها عن المسامع منذ فترات طويلة.
الخوف والخشية أن تستغل السلطة صمت المرجعية والإستهزاء بقرارات السلطة القضائية في التمادي وإطالة أمد الفساد والإفساد وهو مايخشاه الشعب فعلاً.
دخول القضاء إلى فضاء السياسة قد يعني تحولاً جذرياً في منظومة المشهد السياسي العراقي إذا توفرت فيه أدوات التنفيذ وتطبيق القانون وبعكسه فإن البلد سينتهي إلى المجهول حيث لارجعة منه وذلك هو الإنهيار.