30 نوفمبر، 2024 4:49 ص
Search
Close this search box.

“مكافحة الدولرة” الحرب العالمية الحقيقية .. تقودها “روسيا” مع “الصين” وتُهدد “أميركا” بنزعها عن قيادة العالم !

“مكافحة الدولرة” الحرب العالمية الحقيقية .. تقودها “روسيا” مع “الصين” وتُهدد “أميركا” بنزعها عن قيادة العالم !

وكالات – كتابات :

لطالما سعَت دول العالم، لا سيما القوى الكبرى مثل: “روسيا والصين”، إلى تجنُّب السلطة الاقتصادية لـ”الولايات المتحدة”، التي تُمكِّنها من فرض عقوبات على أي دولة، لأن عُملتها؛ (الدولار الأميركي)، هي العُملة المهيمنة على الأسواق العالمية، وحول هذه المسألة أعدَّت؛ “زونيان زوي لو”، باحثة متخصصة في الاقتصاد السياسي الدولي بمجلس العلاقات الخارجية، و”ميهايلا بابا”؛ أستاذة مساعدة في التنمية المستدامة والحوكمة العالمية، وقدمت الباحثتان عددًا من التوصيات لـ”الولايات المتحدة” لكيلا تستيقظ يومًا ما وتجد بساط قيادة العالم سُحِب من تحت أقدامها، يأتي ذلك في تقريرهما المنشور في مجلة (فورين أفيرز) الأميركية.

وفي مستهل تقريرهما، تُشير الباحثتان إلى أن القوات الروسية تستولي حاليًا على عدد من أراضي “أوكرانيا” وتقصف أهدافًا عسكرية ومدنية، وتقترب رويدًا رويدًا من الاستيلاء على العاصمة الأوكرانية؛ “كييف”، وفي مقابل ذلك، كانت استجابة المجتمع الدولي محتدمة وحانِقة تجاه الغزو الذي نفَّذه الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، ضد “أوكرانيا”، مما دفع حلفاء “الولايات المتحدة” للوقوف صفًّا واحدًا لمواجهة هذا الاجتياح الروسي. وقاد الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، المجتمع الدولي لفرض بعض العقوبات التأديبية على النُّخب الحاكمة والشركات الروسية بقصد شل اقتصاد “روسيا” وإرغامها على تغيير المسار، إلا أن هذه التدابير فشلت، حتى الآن، في إجبار “روسيا” على قبول وقف إطلاق النار أو الانسحاب.

مساعي عالمية للتخلص من “الدولرة”..

يُوضِّح التقرير أن الحرب لم يكد يمر عليها 10 أيام، ويبقى أن نرى كيف سيتصرف “بوتين”؛ عندما تُثير هذه العقوبات مزيدًا من الاستياء الشعبي في الداخل الروسي، بيد أن هذه العقوبات التأديبية قد تؤدي إلى نتائج عكسية بطريقة أخرى، وربما لن يُؤدِّي استعراض “بايدن” للقوة الاقتصادية الأميركية؛ إلا إلى تشجيع “روسيا” وخصوم “الولايات المتحدة” الآخرين، وخاصةً: “الصين”، على منع “الولايات المتحدة” من استخدام قوتها الحقيقية التي تجعل تأثير العقوبات كارثيًّا ومدمرًا جدًّا.

وستُسارع “روسيا” و”الصين” في تنفيذ المبادرات الرامية إلى: “التخلص من الدولرة؛ (مفهوم يُستخدم عندما تعتمد دولة ما على الدولار الأميركي)”، من اقتصاداتهما، وإنشاء مؤسسات وهيئات اقتصادية بديلة تحمي أنظمتها من العقوبات وتُهدد مكانة “الدولار الأميركي”؛ بوصفه عُملة مهيمنة على اقتصاد العالم، ومن دون تضافر الجهود، ستُعاني “الولايات المتحدة” من أجل التغلب على هذه التحركات وتُشاهد مكانتها العالمية تتضاءل شيئًا فشيئًا.

ويُؤكد التقرير أن هيمنة “الدولار الأميركي” على النظام المالي العالمي، مدعومًا بالأسواق الأميركية الحيوية والقوة العسكرية الأميركية التي لا مثيل لها، يجعل تأثير أي عقوبات تفرضها “واشنطن” هائلًا، ولم تتمكن أي عُملة أخرى، بما فيها: “اليورو” و”اليوان الصيني”، من الاقتراب لإزاحة “الدولار” عن مكانته المركزية في الاقتصاد العالمي والأسواق المالية الدولية.

ويُعد “الدولار” العُملة الاحتياطية الأكثر انتشارًا في العالم، وهو عُملة الفوترة الأساسية في التجارة الدولية والعُملة الرائدة في جميع المؤسسات المالية العالمية. ويُهيمن “الدولار” على أسواق الأسهم العالمية وأسواق السلع الأساسية والتمويل الانمائي والودائع المصرفية، بالإضافة إلى قروض الشركات العالمية، وفي أوقات الأزمات، يلجأ الناس في شتى أنحاء العالم إلى “الدولار” على اعتبار أنه خيارهم الأول بوصفه: “ملاذًا آمنًا”. ولهذا السبب، تؤدي “العقوبات الأميركية”؛ بصورة فعَّالة، إلى كبح جماح القوة المالية للمعتدي الأجنبي، وتمنعه من زيادة رأس المال في الأسواق العالمية لتمويل أنشطته.

وصحيحٌ أن “روسيا”؛ ربما تكون هي المناصر الأكثر صراحةً لاتخاذ خطوة التخلص من (الدولرة)، لكن أجندتها في هذا الشأن تروق لعدد من القوى الكبرى، على سبيل المثال، نجد أن ما تنتهجه “الصين” مؤخرًا، مثل إلتزامها بتنويع احتياطاتها من العُملات الأجنبية وتشجيعها زيادة المعاملات بـ”اليوان” وإصلاح نظام العُملة العالمي عن طريق إجراء تغييرات في “صندوق النقد الدولي”، يدعم بقوة إستراتيجية “روسيا”، ومن المؤكد أن تدهور العلاقات “الأميركية-الصينية” سيُحفِّز “بكين” على الإنضمام إلى “موسكو” لإنشاء نظام مالي عالمي موثوق به؛ يُمكنه استبعاد “الولايات المتحدة”، وسيؤدي هذا النظام إلى استقطاب عددٍ من الدول الخاضعة لـ”العقوبات الأميركية”، بل قد يجذب بعض حلفاء لـ”الولايات المتحدة” الرئيسين الذين يأملون في تدعيم قوة عُملاتهم الخاصة على حساب “الدولار”، ولذلك، عندما تتحرك “الولايات المتحدة” نحو فرض العقوبات، ينبغي لإدارة “بايدن” ألا تنظر فحسب إلى تأثير هذه التدابير في الحرب في “أوكرانيا”، ولكن عليها أيضًا التفكير في أن هذه التدابير قد تُغير النظام المالي العالمي.

تفوق “الدولار الأميركي”..

يُنوِّه التقرير إلى أنه على مدار عقد من الزمان على الأقل، ظل صُنَّاع السياسة الروس حذْرين من تفوق “الدولار الأميركي”، وفي عام 2012، أعرب نائب وزير الخارجية الروسي؛ “سيرغي ريابكوف”، عن قلق “روسيا” إزاء هيمنة “الدولار الأميركي” على التجارة الدولية، وبعد ضم “روسيا”؛ لشبه جزيرة “القِرم”، في عام 2014، وسَّعت إدارة “أوباما” نطاق العقوبات المفروضة على “روسيا”؛ والتي استهدفت عددًا من البنوك الروسية الكبرى، بالإضافة إلى شركات الطاقة ومؤسسات الدفاع والأثرياء الداعمين لـ”بوتين”، ومن ثمَّ، بدأت الحكومة الروسية في تنفيذ نموذجين حاسمين من الهيكل الأساس المالي لمواجهة العقوبات والحفاظ على استقلاليتها المالية إذا عُزلت عن جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، المعروف باسم: (سويفت)، والذي يسمح للبنوك بإرسال رسائل مالية بعضها إلى بعض، وكان النموذج الأول عبارة عن نظام وطني مستقل للدفع يكون بديلًا روسيًّا لمنصات الدفع، مثل: “فيزا وماستر كارد”، أما النموذج الثاني فهو عبارة عن نظام رسائل مالي ذي ملكية خاصة؛ يُسمَّى نظام تحويل الرسائل المالية، والذي يُعد نسخة روسية من نظام (سويفت).

وفي عام 2017، أصبح نظام تحويل الرسائل المالية؛ (الروسي)، يعمل بكامل طاقته، مما مكَّنه من تحويل الرسائل المتعلقة بالمعاملات بأي عُملة، وفي كانون أول/ديسمبر 2021، أنضم إلى هذا النظام: 38 مشاركًا أجنبيًّا من تسع دول. واعتبارًا من آذار/مارس الجاري، سيكون لدى نظام تحويل الرسائل المالية أكثر من: 399 مستخدمًا، ومنهم أكثر من: 20 مصرفًا في “بيلاروسيا”، وبنك “الرشيد” الأرميني، وبنك “قيرغيزستان” الآسيوي. وتحظى الشركات التابعة للبنوك الروسية الكبرى في “ألمانيا” و”سويسرا”، اللذين يُعدان أهم مركزين للقوة المالية في “أوروبا”، بإمكانية الوصول إلى نظام تحويل الرسائل المالية، وتتفاوض “روسيا” حاليًا مع “الصين”؛ للإنضمام إلى هذا النظام، ويسمح هذا الهيكل المالي البديل للشركات والأفراد الروس بالإبقاء على بعض من حقهم، وإن كان محدودًا، في الوصول إلى الأسواق العالمية على الرغم من العقوبات المفروضة.

ويُشير التقرير إلى أنه؛ منذ عام 2018، قلَّص “بنك روسيا” أيضًا من حصة “الدولار” في احتياطيات النقد الأجنبي لـ”روسيا” بدرجة كبيرة عن طريق شراء “الذهب واليورو واليوان”. وسحب البنك كثيرًا من احتياطاته من سندات الخزانة الأميركية؛ إذ قلَّص “بنك روسيا”، في الفترة من: آذار/مارس وحتى آيار/مايو 2018، حيازاته النقدية من سندات الخزانة الأميركية من: 96.1 مليارات دولار إلى: 14.9 مليارات دولار، وفي أوائل عام 2019، خفَّض البنك حيازاته النقدية من الدولارات الأميركية بمقدار: 101 مليار دولار، أي أكثر من نصف أصوله الحالية. وفي عام 2021، وبعدما فرضت إدارة “بايدن” عقوبات جديدة على “موسكو”، أعلنت “روسيا” قرارها بسحب كامل أصولها بـ”الدولار” من “صندوق الثروة الوطني”؛ البالغ قيمته: 186 مليار دولار، وهو صندوق ثروة سيادي كبير.

ومنذ بداية ولايته الرئاسية الرابعة في عام 2018، تعهَّد “بوتين” بالدفاع عن السيادة الاقتصادية للبلاد ضد “العقوبات الأميركية” وأولويات السياسات التي دفعت اقتصاد البلاد بعيدًا عن “الدولار”، ودعا “بوتين” إلى: “التخلص” من “عبء” الدولار في تجارة “النفط” العالمية والاقتصاد الروسي، لأن احتكار “الدولار الأميركي”: “غير جدير بالثقة” و”خطير”، وفي تشرين أول/أكتوبر 2018، دعمت إدارة “بوتين” خطة وُضعت للحد من تعرض “روسيا”؛ لـ”العقوبات الأميركية”، في المستقبل باستخدام عُملات بديلة في المعاملات الدولية، ومنذ ذلك الحين، توقفت شركات الطاقة الروسية الكبرى عن استخدام “الدولار الأميركي”، وباعت شركة “غازبروم نفت”، ثالث أكبر مُنتج لـ”النفط” في “روسيا”، جميع صادراتها إلى “الصين” باستخدام “اليوان”؛ في عام 2015.

وفي عام 2019، حوَّلت شركة “روس نفط”، أكبر شركة روسية لـ”النفط” و”الغاز”، جميع عقود التصدير من “الدولار الأميركي” إلى “اليورو”، وحلَّ “اليورو” بالفعل محل “الدولار”؛ بوصفه عُملة أساسية للتجارة بين: “الصين” و”روسيا”. وكشفت البيانات الصادرة عن “بنك روسيا”؛ أنه بحلول نهاية عام 2020، نُفِّذت أكثر من: 83% من الصادرات الروسية إلى “الصين”؛ بـ”اليورو”. وفي الشهر الماضي؛ شباط/فبراير 2022، وقَّعت “روسيا” و”الصين” عقدًا مدته: 30 عامًا؛ اتفقتا بموجبه على استخدام “اليورو” في مبيعات “الغاز” المتعلقة بخط أنابيب جديد يربط بين عدد من الدول، والذي سيبدأ عمله في غضون عامين أو ثلاثة أعوام مقبلة.

وأضاف التقرير أن “روسيا” حاليًا بصدد إطلاق عُملة مشفرة مدعومة من الدولة؛ يُمكنها الإلتفاف على “الدولار”، ويمكن للكيانات الروسية الخاضعة للعقوبات التعامل تجاريًّا بصورة مباشرة مع أي شخص يرغب في قبول “الروبل الرقمي” دون تحويله أولًا إلى “دولار”، وبذلك تتجاوز النظام القائم على “الدولار” تمامًا. وخلُصت ورقة استشارية صادرة عن “بنك روسيا”؛ لعام 2020، بشأن “الروبل الرقمي” إلى أن الحكومة الروسية ستدعو المؤسسات المالية غير المصرفية، مثل البورصات والمؤسسات الائتمانية، للإنضمام إلى “شبكة الروبل الرقمية”. ويُمكن أن يُوفر هذا الأمر مصدرًا بديلًا للبنوك الروسية للوصول إلى السيولة الدولية ويحد من تأثُرها بالعقوبات المفروضة.

روسيا والصين: التحالف المناهض لـ”الدولار الأميركي”..

يُلفت التقرير إلى أن مبادرات “روسيا” الأحادية الجانب للإفلات من قبضة “الدولار”؛ قد تكون دفاعية في حد ذاتها، لكنها نجحت أيضًا في العمل مع دول أخرى لتقويض هيمنة “الدولار الأميركي”، وتُمثل هذه التحالفات تهديدًا على المدى البعيد للدور البارز الذي يؤديه “الدولار” في التجارة الدولية، ونتيجةً لذلك، تُشكل تحديًا لقيادة “الولايات المتحدة” للعالم، وأدَّت الرغبة المشتركة للحد من الاعتماد على “الدولار الأميركي” إلى تعزيز العلاقة بين “روسيا” و”الصين”. كما أسهم تبادل العُملات الثنائي بين بنكيهما المركزيين في تمكُّن “روسيا” من تجاوز “العقوبات الأميركية” التي فُرضت؛ في عام 2014، وتسهيل التبادل التجاري الثنائي والاستثمار، وفي عام 2016، دعا رئيس الوزراء الروسي؛ “دميتري ميدفيديف”، إلى موائمة أنظمة الدفع المحلية في البلدين وناقش إمكانية إطلاق نظام جديد للدفع عابر للحدود بين “روسيا” و”الصين” للتسديد المباشر بـ”اليوان” و”الروبل”. وفي عام 2018، صرَّح “بوتين” قائلًا إن: “روسيا والصين أكَّدتا رغبتهما في استخدام العُملات المحلية بطريقة أكثر فاعلية في المدفوعات المتبادلة”.

ويُتابع التقرير موضحًا أنه؛ في عام 2019، طوَّرت “الصين” من علاقاتها مع “روسيا” إلى: “شراكة إستراتيجية شاملة للتنسيق من أجل عهد جديد”، والتي تُعد أعلى مستوى في العلاقات الثنائية الصينية، وفي وقت لاحق، استثمر “البنك المركزي الروسي”: 44 مليار دولار في “اليوان”، مما زاد من حصته في احتياطيات النقد الأجنبي لـ”روسيا” من: 5% إلى: 15%؛ في أوائل عام 2019. وتُقدر حيازات “روسيا” من “اليوان” بنحو: 10 أضعاف المتوسط ​​العالمي؛ وتُمثل نحو ربع احتياطيات “اليوان” العالمية، وقد وقَّعت: “الصين” و”روسيا”، في عام 2019، اتفاقية تقضي بزيادة استخدام عُملتيهما الوطنيتين في التجارة العابرة للحدود إلى: 50%.

وفي عام 2021، حثَّ وزير الخارجية الروسي؛ “سيرغي لافروف”؛ “الصين”، على التعاون مع “روسيا” للحد من اعتمادهما على “الدولار الأميركي” وأنظمة الدفع الغربية، وسمحت الحكومة الروسية لـ”الصندوق الروسي للثروة السيادية” بالاستثمار في احتياطيات “اليوان” والسندات الحكومية الصينية. ويأمل صانعو السياسات الصينيون أن تُساعد شراكة “الصين” مع “روسيا” في توسيع نطاق الهيكل الأساس المالي القائم على “اليوان”، والذي يشمل النظام الصيني المنافس لنظام (سويفت) ونظام الدفع بالبطاقات المصرفية المنافسة، ومن ثم تعزيز مكانة “اليوان”؛ بوصفه عُملة احتياطية ودعم استقلال “الصين” المالي.

وأوضح التقرير أن “بوتين” يسعى إلى توسيع نطاق هذا الهيكل المالي البديل عن طريق معاملات “روسيا” وصفقاتها مع دول أخرى، وفي عام 2019، ربطت “إيران” و”روسيا” بين أنظمة الرسائل المالية الخاصة بهما، ونتيجةً لذلك، تمكَّنت الدولتان من تجاوز نظام (سويفت)؛ من خلال السماح للبنوك في كلا البلدين بإرسال رسائل المعاملات العابرة للحدود. وناقشت “روسيا” و”تركيا” استخدام “الروبل” و”الليرة التركية” في التجارة العابرة للحدود، وقدمت “روسيا” نسختها من (سويفت) للبنوك في “الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي”؛ (عبارة عن شراكة بين خمس دول ما بعد الاتحاد السوفياتي)، وأعربت عن رغبتها في تمدده إلى عدد من دول العالم العربي و”أوروبا”.

كما سعَت “روسيا” لحشد مزيد من الدعم للتخلص من هيمنة “الدولار الأميركي” في المحافل المتعددة الأطراف؛ مثل مجموعة (بريكس)، المكونة من: “البرازيل والصين والهند وروسيا وجنوب إفريقيا”، و(منظمة شانغهاي للتعاون). وجمعَ “بنك التنمية” الجديد التابع لمجموعة (بريكس) الأموال بالعُملات المحلية؛ باعتبار ذلك جزءًا من هدفه: “للتخلص من هيمنة العُملات الصعبة”.

وفي عام 2020، شدَّد أعضاء (منظمة شانغهاي للتعاون)؛ على أهمية استخدام العُملات المحلية في التجارة فيما بينهم، وأجروا محادثات بشأن تأسيس “بنك تنمية” و”صندوق إنمائي”، ويُمكن لـ”روسيا” و”الصين” استغلال هذه المحافل لتكوين تحالف واسع النطاق للتخلص من هيمنة “الدولار”؛ مع تقديم وعود بمزيد من الاستقلال المالي للجميع وتقليل الاعتماد على “الدولار الأميركي”.

كيف تُعزز “أميركا” مكانة “الدولار” ؟

يُقدم التقرير عددًا من التوصيات لتعزيز مكانة “الدولار الأميركي”، مؤكدًا ضرورة أن تأخذ إدارة “بايدن” بعين الاعتبار هذا الإطار الأوسع، لأنه يُحدد أفضل الوسائل للضغط على “روسيا” للانسحاب من “أوكرانيا”، ويمكن أن يؤدي فرض مزيد من العقوبات الصارمة على “روسيا” إلى مساعدة “أوكرانيا” على المدى القصير، لكن ذلك يُخاطر بتسريع خطوات التخلص من “الدولرة”، والتي يمكن أن تؤدي على المدى البعيد إلى إضعاف القيادة الأميركية للعالم بصورة أساسية. ويجب على “الولايات المتحدة” تعزيز النظام المالي العالمي القائم على “الدولار الأميركي”؛ إذا أرادت الحفاظ على أساس القوة المهيمنة لـ”الولايات المتحدة” والحفاظ على خدمات “الدولار” بوصفه سلعة عامة مستقرة لا غنى عنها لتحقيق الاستقرار المالي العالمي.

ويُمكن لإدارة “بايدن” المحافظة على تفوق “الدولار” عالميًّا من خلال تخفيف التوترات مع “الصين”؛ وتشجيع “الصين” على استخدام نظام (سويفت) بدلًا من التحول إلى أنظمة بديلة، ويجب على “الولايات المتحدة” ألا تُنفذ سياسات قد تؤدي إلى فك الإرتباط المالي مع “الصين”. ويجب على الهيئات المالية الأميركية المنظمة الاستجابة لطلبات نظرائهم الصينيين لتعزيز التواصل والتعاون بشأن أنظمة السوق. كما يجب على المسؤولين الأميركيين تشجيع مزيد من الشركات الصينية لكي تُدرج في أسواق الأسهم الأميركية، مما يُحفِّز “الصين” على دعم استقرار الأسواق المالية العالمية القائمة على “الدولار”.

وشدَّد التقرير على ضرورة أن تعمل “الولايات المتحدة” على إضعاف قوة “روسيا” المالية الأساسية: وتقليل العائدات التي تُدرها من خلال صادرات “النفط” و”الغاز”. ويُعد تعاون “الولايات المتحدة” مع “أوروبا”؛ في مجال الطاقة، أمرًا حاسمًا لتقليل اعتماد “الاتحاد الأوروبي” على الطاقة الروسية، ومن أجل تحقيق هذه الغاية، يتعين على إدارة “بايدن” توفير إمدادات طاقة بديلة لحلفائها في “أوروبا” ومنطقة “آسيا” و”المحيط الهاديء” على المدى القصير، أما على المدى المتوسط إلى بعيد المدى، فيتعين على “الولايات المتحدة” كذلك التعاون مع حلفائها لمحاربة صادرات الطاقة النووية الروسية.

ويُضيف التقرير: تسمح الهيمنة المطلقة لـ”روسيا” في سوق صادرات الطاقة النووية العالمية؛ (إذ تمتلك روسيا: 60% من حصة السوق)، لها بتسخير سيطرتها على تكنولوجيا الطاقة النووية وإمدادات الوقود لاستخدامه بوصفه سلاحًا في أوقات التوترات الجيوسياسية، ويجب على “الكونغرس” الأميركي تعزيز قدرة “بنك التصدير والاستيراد” في “الولايات المتحدة” على تطوير شراكات مبتكرة بين القطاعين العام والخاص؛ وتقديم مزيد من الدعم المالي للشركات الأميركية في سوق صادرات الطاقة النووية.

كما يتعين على “الكونغرس” منح “مؤسسة التمويل الإنمائي”، وهي مؤسسة تمويل التنمية التابعة للحكومة الأميركية، سلطاتٍ واسعة لكي تغدو مصدرًا موثوقًا به لرأس المال في الأسواق الناشئة والبلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. وتُعد “مؤسسة التمويل الإنمائي” أداةً مهمة، ولكنها غير مستغلة بالقدر الكافي في إدارة الشؤون الاقتصادية، وقد حاولت “روسيا” تعزيز الجهود الرامية إلى التخلص من “الدولرة”؛ من خلال مؤسسات التنمية المتعددة الأطراف، ويجب على “الولايات المتحدة” أن تتصدى لذلك.

ويجب على “واشنطن” رفع مكانة “مؤسسة التمويل الإنمائي”؛ والعمل مع مؤسسات تمويل التنمية التابعة لحلفاء “الولايات المتحدة”، مثل: “بنك اليابان للتعاون الدولي”، لتعزيز الدور الذي يضطلع به “الدولار” ودعم قيادة “الولايات المتحدة” في التمويل الإنمائي الدولي.

وتختتم الباحثتان تقريرهما؛ بالتنويه إلى أن الاقتصاد الأميركي القوي هو الأداة الأكثر فعالية ومصداقية لمواجهة الأعداء الذين يسعون لزعزعة الثقة في “الدولار الأميركي”. وتمتثل بعض الدول والشركات لـ”العقوبات الأميركية” لأنها تُحاول الإحتفاظ بإمكانية الوصول إلى الأسواق الأميركية والحصول على “الدولار الأميركي” والنظام العالمي الذي تقوده “الولايات المتحدة”، ويجب أن تكون الحكومة الأميركية مُدركة للعواقب غير المقصودة لسياسة العقوبات الخاصة بها؛ وأن تسعى لإيجاد طرقٍ لتقويض شراكة “روسيا” و”الصين” نحو التخلص من “الدولرة”، وإذا فشلت “واشنطن” في أداء ما عليها من واجب، فإنها بذلك تختار، في حقيقة الأمر، خلع عباءة قيادة العالم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة