18 ديسمبر، 2024 10:15 م

السياسة في العراق ولبنان من فن الممكن إلى فن الانتحار

السياسة في العراق ولبنان من فن الممكن إلى فن الانتحار

السياسة وفق منهجها الحديث هي فن الممكن ، وهي علم قيام وممارسة وانتهاء السلطة السياسية ، فهي تعني كيفية قيام السلطة أما عن طريق الانتخاب وفق مبدأ التداول السلمي لها ، أو عن طريق الانقلابات العسكرية كانقلاب الجنرال ابراهيم عبود عام ١٩٥٨ في السودان ، أو عن طريق الثورات الشعبية كالثورة الفرنسية على مخرجات الباستيل عام ١٧٨٩ ، أو ان تنتهي السلطة بانتهاء المدد الدستورية ، وحسب دستور كل دولة، أو بثورة يقودها الجيش على خلفية تنظيمات شعبية كما هي ثورة ١٤ تموز في العراق , واليوم يشهد العراق ومن قبله لبنان انسدادا تاريخيا لا تتحكم فيه السياسة وفق مفهومها العلمي المجرد ، بل تتحكم فيه الذوات المحترفة للسياسة والتي لا تمييز بين فن الممكن أو سلوك الانتحار ،
ان تشابه الظروف السياسية والاقتصادية بين العراق ولبنان مرده إلى تشابه المرجعيات في صفة واحدة الا وهي فساد القدوة ، وان هذه القدوة صارت تعرف جييدا أن أدوارها انتهت حال بزوغ شموس اجيال لم تعد تحتمل ترفهم السياسي أو سلوكهم الهدام، وأنها باتت تحتمي بمؤسسات الدولة من غضب الشعبين العراقي واللبناني بعد أن اشتركا بتشرين واحد ملأ الشوارع اللبنانية والعراقية بشباب عاطل عن العمل جائع جراء سرقة أمواله أو التلاعب بمصير دولته ، ولو أمعن اي مراقب محاييد بنماذج حكام بيروت وبغداد لوجد أن أوجه التشابه بينهم قائم على السلوك العدواني السادي الذي لا يرى الذات إلا من خلال ايقاع الأذى بالآخرين ، وان مرجعيات أغلبهم واحدة لا ترى في التقدم الا عدوا لدودا لطموحاتها أو أدوارها غير المحسوبة في منطقة لم تشهد الاستقرار منذ قيام ونمو النزاعات الطائفية ، مقابل ذلك نقول من المعيب أن ننكر دور الفساد الذي سارت عليه القيادات المخضرمة في مواجهة مطالب الناس ، أو دورها في تعطيل القضاء في كلا البلدين من أخذ دوره في مكافحة ذلك الفساد .
ان توقف الحياة فيهما وانسداد شرايين الاقتصاد لم يعد كل منها بقادر على تحفيز النخبة على الإتيان بجديد ، أو دفع دماء جديدة شابة لتحمل مسؤولية التغيير ، إنما ظلت كل هذه النخب تقدم نفسها بديلا قديما مخضرما بدلا عن الجديد المطلوب او الجديد المرغوب ، وهي لا زالت تتمسك بذات السلوك وذات النهج ، وأنها لاتريد أن تفهم أن هدوء الأوضاع اليوم ما هي إلا فترة إعداد للقادم من الثورات والانتفاضات التي لابد لها وان تطيح بهم ، وأنهم لم يعودوا من المسكوت عليهم لأنهم يسيرون بالبلدين نحو الهاوية أو ربما من مخرجات سياساتهم هذه سيكون حتما الانتحار….