18 ديسمبر، 2024 9:16 م

الجامعة التقنية الوسطى : الآليات الفاعلة لإدارة المنظمات في ظل الازمة

الجامعة التقنية الوسطى : الآليات الفاعلة لإدارة المنظمات في ظل الازمة

رغم إن جائحة كورونا لم تنتهي بشكل رسمي وعالمي بعد ، إلا إن من المفيد مراجعة وتقويم الآليات التي استخدمتها وتستخدمها البلدان لمواجهة تداعياتها الخطيرة التي أصابت 448 مليون نسمة وتسببت بوفاة أكثر من 6 ملايين إنسان حسب تقارير WHO ، وقد تسبب الوباء بكساد اقتصادي يعد الأشد منذ الكساد العالمي الذي حصل في ثلاثينات القرن الماضي ، و معظم البلدان لم تنقطع عن استخدام التقويم والمراجعة للتأكد من مدى كفاءة وفاعلية وسلامة إجراءاتها للحؤول دون تكرار ما أصاب العالم جراء الوباء ، وركزت في غالبيتها كأسبقية على الجوانب الصحية من حيث بروتوكولات العلاج وطرق الوقاية بوسائلها المختلفة وكفاءة اللقاحات والتطعيم ، ولسنا بصدد استعراض تلك المحاولات ونتائجها ولكننا وجدنا ضرورة الوقوف عند واحدة من المحاولات المهمة التي نعدها متفردة لأنها تتم من مؤسسة تعليمية عراقية وتتناول محاور مهمة في آثار الجائحة على الجوانب ( الإدارية ، المالية والمصرفية ، السياحة ، المعلوماتية ، الجودة ) ، وقد تم ذلك من خلال المؤتمر العلمي التخصصي الخامس الذي عقدته الجامعة التقنية الوسطى \ الكلية التقنية الإدارية ¬– بغداد ، تحت عنوان ( الآليات الفاعلة لإدارة المنظمات في ظل جائحة Covid 19 ) ، وبمشاركة نخب من أصحاب الخبرة والاختصاص والمستشارين في حقول العمل ، ممن أسهموا في التصدي وإدارة أزمة الجائحة إلى جانب باحثين وأكاديميين من العراق وبعض البلدان العربية الشقيقة الذين قبلت بحوثهم بواقع 53 بحثا من أصل 85 بحثا قدمت للمؤتمر ، ومما يحسب لصالح هذا التجمع العلمي – العملي الاختيار الدقيق للموضوع الذي يناسب المراحل الحرجة التي مر بها بلدنا في ظل الجائحة والتي الجات الجهات المعنية لاتخاذ إجراءات استثنائية في الحظر الشامل والجزئي وما أعقب ذلك من إجراءات لإعادة الحياة للمجتمع تدريجيا ، ويمكن اعتبار المؤتمر تجسيدا لدور الكلية كونها ( تقنية ) وتتحمل دورا لتناول المشكلات وحلولها في مجال تخصصها ، ويحسب لها في ذلك حسن اختيار المواضيع التي تناسب المرحلة وحجم تحديات وأعباء الجائحة التي مر ويمر بها بلدنا العزيز الذي يعاني أصلا من مجموعة تحديات .
وقد استهلت أعمال المؤتمر بعقد ورشة عمل بعنوان ( الاستجابة التفاعلية للمنظمات في أوقات الأزمات ) وشارك بأعمالها خبراء من ( التعليم الالكتروني للتعليم العالي ، المعهد العربي للمحاسبين القانونيين ، مصارف التمويل والاستثمار ، خبراء ومستشارين في مجالات إدارة المال والإعمال ) ، واتسمت الورشة بواقعية الطرح من خلال التعايش مع الأزمة وحيثيات القرارات التي اتخذت لمعالجة آثارها وانعكاساتها ، وتضمنت مجموعة من المداخلات تضمنت طرح الأسئلة والاستعلام عن ماهية وجدوى ما اتخذت من إجراءات ، وبمجموعها أثرت الورشة عنوانا ومضمون وخرجت بمجموعة من الاستنتاجات والتوصيات ، التي أكدت على ضرورة الاستفادة من التجربة الماضية في مواجهة التحديات والأزمات المفاجئة من خلال وضع خطط وحلول جذرية تؤسس لوضع معايير وسياقات بهذا الخصوص ، داعية الجهات المعنية للاستفادة من ظروف الجائحة كونها شكلت أزمة حقيقية من الممكن الاسترشاد بتفاصيلها وإجراءاتها في مواجهة مختلف الإخطار ، ودعت أيضا لضرورة الأخذ بالتوصيات والمقترحات المستنبطة كونها تنبع من واقع غير افتراضي وتمثل حصيلة لتجربة أصحاب الخبرة والتخصص من العاملين في حقول العمل والأكاديميين .
وفي الجانب الآخر من المؤتمر تمت مناقشة البحوث التي اجتازت التقييم من خلال خمسة جلسات حضورية والكترونية بمشاركة دولية وعربية ، إذ استعرض الباحثون ما تضمنته بحوثهم من أدوات البحث والنتائج والاستنتاجات والتوصيات ، بمحاورها الإدارية والمحاسبية والمالية والمصرفية والسياحية ، فضلا عن محوري الجودة ونظم المعلومات . واختتمت أعمال المؤتمر بعدد من التوصيات ، ففي المحور الإداري تمت التوصية باعتماد الأساليب العلمية و المنهجية في تحديد بدائل القرار و المفاضلة بينها و اختيار البديل الأفضل الذي يوازن بين أهداف المنظمة من جهة و قدرتها من جهة و قدرتها في الاستجابة لضغوط الأزمة من جهة أخرى ، وإعادة هندسة إدارة الموارد البشرية استقطاباً و مهارات من خلال مؤشرات للتقويم ، واعتماد المهارات الالكترونية و الرقمية في كونها إحدى أهم مؤشرات تقييم و تطوير المورد البشري في منظمات الأعمال كأسبقية لانتقال هذه المنظمات إلى العالم الرقمي بشكل كامل في إدارة عملياتها ، وتقديم المعالجات الجدية للمعوقات الإدارية للتعليم الالكتروني من خلال التوسع بالبنى التحتية من تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات و تخصيص أماكن ملائمة لإلقاء المحاضرات الالكترونية المجهزة بالانترنت والوسائل الالكترونية المطلوبة بانسيابية عالية ، وفي محور الجودة تمت التوصية بإحداث التطور المستمر لمعايير جودة التعليم ودعم ريادة الأعمال والشراكة مع منظمات الأعمال العامة و الخاصة ، وفي مجال التعليم أيضا تمت التوصية بوجوب التحول إلى التعلم المدمج لضمان جودة المخرجات وتوافقها مع احتياجات سوق العمل ، كما خرجت توصيات في المحور المحاسبي تشير لأهمية إنجاز مهام التدقيق من خلال التزام المدققين بالمعايير الدولية و المحلية في حالات الأزمات لتلافي حصول التجاوزات والفساد ومن خلال تبني خطط و إجراءات كفوءة و فعالة ، وضرورة التعاون و التنسيق بين المصارف في تقديم المنتجات المصرفية الالكترونية للجمهور ونشر الثقافة و الوعي و بالشمول المالي الذي يخلق بيئة مصرفية مستقرة ، واعتماد التكنولوجيا المالية بهدف تطوير حلول للمدفوعات الرقمية التي بينت الجائحة فائدتها بشكل واضح للجميع والعمل لاعتماد ذلك ليس كحالة طارئة وإنما بشكل فعلي في البلاد ، وزيادة تفعيل استخدام أنظمة المدفوعات الالكترونية في الإعلانات و الخدمات المصرفية لتقليل آثار حالة التباعد والحظر ، وتحسين وتحديث أنظمة المدفوعات الالكترونية ووضعها ضمن الأهداف التي يجب أخذها بالحسبان في المرحلة المقبلة بهدف تعزيز دورها أساسا في تسيير التحويل و المدفوعات ، كما كانت هناك توصيات في محور المعلوماتية ، أبرزها ضرورة اعتماد التعليم المدمج كوسيلة لتحسين الأداء التعليمي للطلاب في المراحل كافة و تنويع الأنشطة التعليمية في الجامعات ، كما أبرزت بحوث السياحة أهمية العمل على إنعاش القطاع السياحي من خلال زيادة اهتمام الدولة بدعم القطاع في مختلف مجالاته الدينية و والتاريخية والترفيهية والاثار وتوفير البنى التحية اللازمة للنهوض بالواقع السياحي في العراق تزامنا مع الانفراج النسبي لجائحة كورونا ، فضلا عن تفعيل الاستثمار في القطاع السياحي و التوسع به بمختلف المجالات لما يزخر به بلدنا من ثروات سياحية .