13 يوليو، 2025 10:52 ص

أثرياء الحرب “الروسية-الأوكرانية” .. كيف جنى “تيليغرام” أرباح بالمليارات من وراء الصراع ؟

أثرياء الحرب “الروسية-الأوكرانية” .. كيف جنى “تيليغرام” أرباح بالمليارات من وراء الصراع ؟

وكالات – كتابات :

في الوقت الذي تلتهب فيه فوهات البنادق جراء إطلاق الرصاص؛ تستعر معركة ثانية، لكنها على الإنترنت، وبطلها هذه المرة هو تطبيق (تيليغرام) الروسي الذي يستعين به الأوكرانيون أيضًا لنقل مأساتهم وأوضاعهم الميدانية والعسكرية للعالم؛ مما جعل التطبيق يعزز سمعته وينعكس عليه بالإيجاب في الفترة القادمة، كما يؤكد ذلك تقرير لصحيفة (الغارديان) البريطانية.

ففي الأيام التي تلت بدء الهجوم الروسي على المدن الأوكرانية، استخدم الرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، قناته في تطبيق (تيليغرام) لإرسال فيديو يحمل رسالة تحدٍّ من وسط العاصمة الأوكرانية؛ “كييف”، وطالب الأمة بالاتحاد ومقاومة الهجوم الروسي.

دور التطبيق في الحرب الدائرة..

أُسس تطبيق المراسلة الذي يشبه تطبيق (واتس آب)، عن طريق الشقيقين المليارديرين الروسيين المنفيين: “بافل” و”نيكولاي دوروف”، وقد صار سلاحًا رئيسًاً في المعركة الدعائية الرقمية، مما سيؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة استخدام التطبيق وتعزيز سمعته بين المستثمرين؛ قبل عرض عام أولي محتمل لأسهمه في العام القادم، بقيمة: 50 مليار دولار، بحسب تقرير صحيفة (الغارديان).

إذ إن الرئيس الأوكراني؛ البالغ من العمر: (44 عامًا)، استخدم التطبيق في حملته الرئاسية قبل أن يُحقق فوزًا كاسحًا في الانتخابات الرئاسية عام 2019، واستخدمه كذلك لدحض الإدعاءات التي تقول إن الجيش تلقى أوامر بترك السلاح؛ وبأنه أصدر أوامر بإجلاء البلاد من المواطنين، وأيضًا لتحفيز الجماهير عن طريق إثبات أنه لم يُغادر العاصمة؛ بحسب زعم الصحيفة البريطانية.

ويحظى تطبيق (تيليغرام)، الذي يتجاوز عدد مستخدميه حول العالم: 550 مليون مستخدم، بشعبية كبيرة في “أوكرانيا” تجعله التطبيق الأشهر هناك. بالنظر إلى التشفير الذي تتسم به الخدمة ويعجب المستخدمين كثيرًا، وقدرته على إرسال رسائل إلى مجموعات تضم ما يصل إلى: 200 ألف مشترك – الحد الأقصى لعدد أعضاء المجموعات في تطبيق (واتس آب) المملوك لـ (فيس بوك) هو: 256 عضوًا – فإن هذا التطبيق يوصف بأنه: “الخيار الأمثل” للتنظيمات المسلحة.

حُظر تطبيق (تيليغرام)؛ في “روسيا”، عام 2018؛ بعد أن رفض “بافل دوروف”، أن يُعطي إلى السلطات مدخلاً إلى بيانات المستخدمين – بحسب التقرير -. لكن الحملة التي شنها النظام لقمع التطبيق، التي تضمنت حظر عنوان بروتوكول الإنترنت، كان من السهل مراوغتها، واستمر التطبيق في النمو والتوسع. استسلمت “روسيا” ورفعت الحظر؛ في منتصف عام 2020.

شريان الحياة للأخبار !

وبحسب الصحيفة البريطانية، اعتُمد التطبيق بوصفه مصدرًا رئيسًا للأخبار خارج وسائل الإعلام التي تُسيطر عليها الدولة، وخلال الهجوم الروسي في “أوكرانيا” صار بمثابة شريان حياة للأخبار على مدار اليوم بالنسبة للمدنيين والصحافيين، بل وحتى الجيش.

فقد صار المنصة التي تلجأ إليها جميع أنواع جماعات الاعتراض والاحتجاج، بدءًا من حركات تمرد ضد الإنقراض وصولاً إلى جماعات مناهضة اللقاح، ومن مثيري الشغب في مبنى (الكابيتول) الأميركي؛ وحتى حملات تأييد الديمقراطية في دول تتضمن؛ “بيلاروسيا”؛ المتحالفة مع “روسيا”، و”هونغ كونغ”، و”إيران”.

لكن دور (تيليغرام) في نشر المعلومات غير المؤكدة نبّه؛ “دوروف”، صاحب: الـ (37 عامًا)، الذي صار يُعرف بأنه النسخة الروسية من؛ “مارك زوكربيرغ”، بعد أن أسس في 2006؛ منصة التواصل الاجتماعي التي لا تزال الأشهر في البلاد، VKontakte (VK).

ما هي قصة مؤسس التطبيق ؟

يلفت التقرير إلى؛ أنه في الأسبوع الماضي، قال “دوروف” إنه يضع في حسبانه إغلاق الخدمة في: “البلاد المتورطة” في استمرار الصراع.

نشر “دوروف”؛ يوم الأحد 06 آذار/مارس: “لا نريد أن يستخدم (تيليغرام) أداةً تُفاقم الصراعات وتثير الكراهية العرقية”.

لكنه غير رأيه بعد ساعات، في أعقاب طلبات كثيرة من مستخدمين قالوا إنه مصدرهم الوحيد للمعلومات. قدم “دوروف” نصيحة إلى المستخدمين؛ قال فيها: “تحروا الدقة، ولا تأخذوا البيانات المنشورة في قنوات (تيليغرام) أثناء هذا الوقت الصعب، على أنها من المسلّمات”.

يُعرف عن “دوروف” بأنه غريب الأطوار – كما يصفه التقرير البريطاني -؛ فقد ألقى ذات مرة طائرات ورقية مصنوعة من الأوراق النقدية من نافذة مكتبه داخل الشركة التي تُدير موقع (VKontakte)، مما تسبب في معارك في الشارع في الأسفل، وعرض ذات مرة علنًا وظيفة على؛ “إدوارد سنودن”. لكنه الآن لديه مهمة تتعلق بجعل ثاني مشروعاته في مجال التكنولوجيا؛ قصة النجاح التي انتُزعت منه في المرة الأولى.

خلال الاحتجاجات المناهضة لـ”بوتين”؛ في عام 2012، اكتسب “دوروف” شهرة كبيرة لرفضه إغلاق المجموعات التي كانت تستخدم موقع التواصل الاجتماعي؛ (VKontakte) لتنظيم مسيرات. وبعد عامين، وجد نفسه أمام انقلاب استثماري عدائي شهد الاستحواذ على موقع (VK) عن طريق مجموعة (Mail.Ru)، التي يرأسها الملياردير الروسي وحليف “بوتين”؛ “أليشر عثمانوف”. وفي كانون أول/ديسمبر، أحكم (الكرملين) قبضته على الموقع عندما سيطرت عليه شركة التأمين الروسية؛ (Sogaz)، التي أسستها عملاقة الغاز الطبيعي؛ “غازبروم”.

يُشير التقرير: باع “دوروف” الشركة وغادرها وغادر البلاد أيضًا، وصار مواطنًا في “سانت كيتس” و”نيفيس”؛ في “الكاريبي”، بعد رفض ضغط (الكرملين) لنشر بيانات عن قادة الاحتجاجات في “أوكرانيا”.

وليس من قبيل المفاجأة أن (تيليغرام) – الذي أسسه مع أخيه؛ “نيكولاي”، في 2013؛ ويقع مقر عملياته في “دبي” – شُيَّد على أساس ضمان الأمن والخصوصية.

وبالنسبة لـ”دوروف”، الذي لا يُحب تسليط أضواء الشهرة ويميل إلى إرتداء ملابس سوداء دائمًا، فإنه يُنفق الكثير من طاقته على انتقاد المعايير الأمنية لخصومه، وأشهرهم تطبيق (واتس آب).

الصراع مع المنافسين..

في السنوات الأخيرة؛ شكك الخبراء الأمنيون في إدعاء (تيليغرام)؛ بأنه يتفوق على التطبيقات الأخرى، وأشاروا إلى أنه لا يُقدم تشفيرًا بين الطرفين في الوضع الافتراضي ولجميع خيارات التراسل لديه، مثلما هو الحال مع التطبيقات الأخرى المنافسة.

تحدث “موكسي مارلينسبايك”؛ مؤسس تطبيق التراسل الآمن الشهير؛ (سيغنال)، على موقع (تويتر)؛ في الأسبوع الماضي، كي يُذكّر الأوكرانيين بأن (تيليغرام) ليس مشفرًا مثلما يظن الناس، في أعقاب ما زعم أنه عشر سنوات من الحملة التسويقية والصحافية المضللة.

يُلفت التقرير البريطاني؛ التجربة التي عاشها “دوروف” مع (VK)، جعلته ينفر من جلب مستثمرين من الخارج؛ كي يمولوا (تيليغرام). ففي ظل ثروته التي تُقدر: بـ 17 مليار دولار، استطاع دعم التطبيق في مراحله الأولى بدون أي مساعدة خارجية. لكن البحث عن طريق بديل من أجل جمع التمويلات الضرورية لتحقيق النمو؛ قادته في نهاية المطاف إلى حملة كارثية في عالم العُملات المشفرة.

في عام 2018، بدأ “دوروف” خطة لجمع المليارات من خلال إطلاق عُملة مشفرة تُسمى: (غرام)، وهو مشروع أثار تحقيقًا من “هيئة الأوراق المالية والبورصات” الأميركية.

بحسب صحيفة (الغارديان)؛ فإن المبيعات الأولية السابقة لعرض العُملات الأولي؛ (ICO)، التي كانت ستُمول منصة جديدة مقترحة لـ (البلوك تشين) تُسمى شبكة (تيليغرام) المفتوحة؛ (TON)، وهي نظام لخدمات التطبيقات ومتجر للسلع الرقمية والمادية، جذبت استجابة حماسية من مجموعة أولية مختارة من المستثمرين، وجمعت: 1.7 مليار دولار.

ولكن بعد عامين، أغلق (تيليغرام)؛ شبكة (TON)، ووافق على تسوية مع “هيئة الأوراق المالية والبورصات” الأميركية؛ بقيمة: 18.5 مليون دولار، التي قالت إن الشركة تجاوزت قوانين التمويل الأميركية. وأمرت الشركة بإعادة الأموال إلى المستثمرين.

لكن الانتكاسة التي شهدها جمع الأموال لن تؤدي إلى بطء النمو: في مطلع 2021، أبلغ (تيليغرام) عن أكبر زيادة في عدد المستخدمين على مدى تاريخ التطبيق، إذ وصل عدد المستخدمين إلى: 25 مليون مستخدم في 72 ساعة.

عودة الروح للتطبيق..

قال “دوروف”، الذي يحمل الجنسية الفرنسية الآن، إن ذلك الاندفاع الكبير للمستخدمين نحو التطبيق يُعزى إلى إعلان من جانب تطبيق (واتس آب) يتعلق بسياسة الخصوصية المرتبطة بمشاركة البيانات مع الشركة الأم، (فيس بوك)، التي صارت “ميتا” في أواخر نفس العام. أضاف “دوروف”؛ في فخر كبير: “لعلنا نشهد أكبر هجرة رقمية في تاريخ البشر”.

قالت “شاوفينغ وانغ”، المحللة لدى شركة “Forrester” للبحوث: “تزايد تحميل تطبيق (تيليغرام) يُعزى (بصورة جزئية) إلى تنامي قلق المستخدمين من قوة أكبر شركات التقنية، ومن مخاوف الخصوصية”.

بعد أشهر قليلة من هذا التزاحم على التطبيق، نقلت صحيفة (Vedomosti) الروسية عن مصادر مجهولة قريبة من الشركة؛ أدعت أن هناك احتمالاً لعرض عام أولي لأسهم الشركة بقيمة: 50 مليار دولار نهاية العام القادم.

ويبدو أن نجاح أي طرح عام أولي سوف يُرسخ صعود (تيليغرام)، الذي بدأ يسلك طريقه في عرضه الصعب المتعلق بكسب المال من مستخدمي تطبيقات وخدمات المراسلة.

يسعى “دوروف”، الذي تعهد بألا يضم (تيليغرام) أية إعلانات، للحصول على الأرباح من المنصة من خلال مزيج من الإعلانات التي لا تتعدى الخصوصية، وكذلك عبر رعاية قنوات (تيليغرام).

يقول “ماك إيوان”؛ من شركة “Enders”: “إن وقت ظهور الحديث عن العرض العام الأولي يبدو كاشفًا بدرجة كبيرة، فهو يأتي على الفور تقريبًا من النمو الكبير المشهود في بداية 2021؛ عندما بدأت إمكانات المستخدم (الخاصة بالتطبيق) في الانفجار. أعتقد أن الزخم الذي لديهم الآن، والحجم الكبير من المستخدمين، والحقيقة التي تقول إنهم يجربون الإعلانات (الآمنة على الخصوصية) تجعله طرحًا محتملاً جذابًا”.

أكد متحدث باسم (تيليغرام) أن الشركة تسعى وراء خطط عرض عام أولي، وأن بعض السندات السابقة للعرض العام الأولي بيعت بصلاحية تنتهي بعد خمس سنوات، لكنه حذر من أن الجدول الزمني ليس أكيدًا.

وقال: “بالنسبة لخطط العرض العام الأولي، سوف يعتمدون على الموقف الاقتصادي حينها”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة