يقوم البنك المركزي العراقي منذ الاحتلال ببيع الدولار إلى المصارف الأهلية حفاظا منه على سعر الدينار العراقي ، وأسهاما منه كما يروج في عملية تنظيم الاستيراد ، وان عملية البيع تتم يوميا لتعزيز أرصدة المصارف في الخارج . عدد المصارف الاهلية العاملة في العراق ، هي(٢٧ ) مصرف إسلامي ، (٢٥ ) مصرف اهلي تجاري ، (٢ ) بنك اجنبي إسلامي ،( ١٠ ) مصارف تجارية أجنبية ، (٢) مكتب تمثيل مصرف اجنبي ، المجموع( ٦٦ ) مصرف اهلي و (٧) مصارف حكومية ، لو افترضنا أن متوسط مبيعات البنك المركزي من الدولار يوميا وذلك وفق أقل الأحصاءات المعلنة عن البنك المركزي هو ( ١٦٠ ) مليون دولار وبمعدل ٢٠ يوم عمل ، فإن مجموع المباع شهريا سيكون ناتج ضرب ٢٠ يوم في ١٦٠ مليون( أقل تقدير) ٣,٢ مليار دولار شهريا ، أي أن مجموع ما يباع سنويا ٣٨،٤ مليار سنويا ، وهذا أضعف الإيمان لأن البنك المركزي وحسب المتداول باع العام الماضي ٤٨ مليار دولار ، لنعد إلى تقديرنا المتواضع ونقول أن المبلغ المذكور تم تحويله إلى حسابات المصارف لقاء العملة الوطنية لتعزيز أرصدتها لمجابهة تسديد مستحقات الاستيراد ، وللدولة موارد من ثلاثة منافذ إذا تم تطبيق القوانين وسلمت النوايا ، وهي على النحو التالي ،
اولا .. ما حصل عليه البنك المركزي من عوائد منح إجازة التأسيس والضرائب والرسوم التي حصلت عليه الدوائر الحكومية المعنية جراء معاملة هذا التأسيس، أو جراء الغرامات على المصارف المخالفة لتعليمات البنك المركزي ، وهذا ما يمكن أن يجيب عليه البنك المركزي والدوائر ذات العلاقة .
ثانيا..لوزارة المالية حق استحصال ضريبة الدخل على أنشطة هذه المصارف والبالغ عددها ٦٦ مصرفا أهليا ووفقا لتداولها العملة والأرباح والفوائد المستحصلة جراء هذا النشاط التجاري الصرف ، ولو افترضنا جدلا أن متوسط ضريبة الدخل المتواضعة على عائدات تلك المصارف هي ٨٪ ، فإن عائدات وزارة المالية ستكون ، ٣,٠٧٢ مليار دولار سنويا ، أي ما يعادل ، ٤,٤٨٥ تريليون دينار،
ثالثا..عائدات الرسوم الكمركية ، لو تم فعلا كما تتصور إدارة البنك المركزي أن المبالغ المحولة لحسابات المصارف تخصص كلها للاستيراد ، فإن متوسط الرسوم على السلع بشتى انواعها والمتوقع الحصول عليها هي ١٢٪ ، فإن إجمالي هذه الرسوم سيكون ٤،٦٠٨ مليار دولار أي ما يعادل ٦،٧٢٨ تريليون دينار سنويا، وبهذا يكون إجمالي عوائد الدولة وفق هذه الإحصائية المتواضعة ١١،٢١٣ تريليون دينار . باستثناء عوائد البنك المركزي المؤشرة بالفقرة اولا .
مما تقدم ومن خلال متابعتنا فإن الاستيرادات السنوية الفعلية تبلغ أكثر من ٧٠ مليار دولار ، وهي ناتجة عن تفاعل اعادة الاموال الحكومية المسروقة على شكل سلع وخدمات بغية إجراء عملية غسيل لها بالاستيرار المظهري أو شبه الكمالي ، أو عن طريق التحويلات بالدينار العراقي أو عن طريق التبادل العيني السلعي ، وقد اشر الكثير من الخبراء والاقتصاديين على ارقام مذهلة للمستوردات والتي لا تخضع للرسوم الكمركية أو ضرائب التداول السلعي. والتي تمر عبر المنافذ الحدودية الوهمية أو المنافذ الرسمية المختومة بختم الفساد الإداري .
ان تداول الدولار بهذا المشهد المقلق كان وراء تراجع السعر الاسمي للدينار العراقي ، وكان لتخفيض البنك المركزي سعر صرف الدينار الأثر المباشر لانخفاض السعر الحقيقي لهذا الدينار ، مما تسبب في ارتفاع نسبة التضخم ، وكان ذلك التخفيض وراء كل تذبذبات اسعار الصرف اليومية ، وكان وراء كارثة ارتفاع مناسيب الفقر وتعاظم معدلات البطالة .