وكالات – كتابات :
على وقع الحرب الروسية على “أوكرانيا” تصاعدت المخاوف من اندلاع حرب سيبرانية مدمرة وغير مسبوقة بين الطرفين، إذ يُراقب الخبراء في كلا البلدين عن كثب التطورات، خوفًا من أن تنتقل الحرب من الميدان إلى الإنترنت، مهددة بحدوث خسائر كارثية كبيرة في البنية التحتية؛ وبرغم تلك المخاوف التي يبديها الخبراء، لا تظهر الصحافة الغربية والتابعة لها في المنطقة؛ سوى الهجمات الروسية السيبرانية التي تعرضت لها “أوكرانيا” دون الإشارة إلى العكس بأي معلومة، في إطار نهج وسائل الإعلام تلك في نقل الصوت الواحد طوال فترة الأزمة والصراع المسلح.
“وحدة أمن الدولة” الأوكرانية تخترق المواقع الحكومية الروسية..
في “أوكرانيا”؛ وفي بلدة صغيرة بها، احتشد ضباط المخابرات حول مجموعة من الشاشات، تومض عليها نقاط تُشير للأعمال الداخلية لمواقع الحكومة الروسية، وتُرفَع ملفات وتُحمَل أخرى؛ بينما يبحث المخترقون عن نقطة ضعف؛ بحسب ما تنقله صحيفة (التايمز) البريطانية من مشاهد في تقريرًا لها.
هذا هو المقر السري الجديد لمفرزة إلكترونية تابعة لـ”جهاز أمن الدولة” الأوكراني، “وحدة أمن الدولة”، التي أُجلِيَت من “كييف”؛ تحت النيران الكثيفة في الأسبوع الماضي، حيث استهدفت الصواريخ الروسية مكاتبها في العاصمة، ويستمر نقل أجهزة الحواسيب إلى ذلك المقر بعد استردادها على عجل من المقر السابق.
عقيد الوحدة؛ قال لصحيفة (التايمز) البريطانية: “هذا هو عملي”، بينما يُطلعها على قائمة تضم: 81 ضابطًا روسيًا مزعومًا من “جهاز الأمن الفيدرالي” الروسي المُكلَّفين بشن حرب إلكترونية على “أوكرانيا”، وأرقام جوازات السفر والصور الرسمية لهم، ومُرفَق بكل منها اسم الضابط ورتبته وقطاعه. وبعضٌ من هؤلاء الضباط الروس، مثل الجنرال؛ “سيرغي بيسيدا”، معروفون بالفعل.
الدور الأميركي في دعم القرصنة الأوكرانية..
وكان المحللون في حيرة من أمرهم من فشل هؤلاء المحاربين الإلكترونيين الروس في تفكيك التكنولوجيا وراء البنية التحتية لـ”أوكرانيا”، لا سيما في ضوء الهجوم القوي على شبكة الكهرباء في البلاد؛ في عام 2015، والاستيلاء العدائي على مواقع الوزارة؛ في كانون ثان/يناير، قبل خمسة أسابيع من الهجوم في الشهر الماضي؛ بحسب ما يرى التقرير.
تكمن الإجابة، أو على الأقل جزء منها في أنَّ الغرب عزز دعمه لدفاعات البلاد، مع تحذير المخابرات الأميركية من أنَّ الهجوم بات وشيكًا.
وفي تشرين أول/أكتوبر، أرسلت “الولايات المتحدة” جنودًا من القيادة الإلكترونية للجيش؛ والمتعاقدين في (وادي السيليكون)، الخاصين إلى “أوكرانيا” للمساعدة في تطهير المشهد الرقمي الذي يدعم البنية التحتية للبلاد؛ بحثًا عن البرامج الضارة وإزالتها، وفقًا لتقرير في صحيفة (فاننشيال تايمز).
وتعزيزًا للجهود المبذولة لزيادة تأمين المساحة الرقمية في “أوكرانيا” ضد الهجمات، عمل الأميركيون بسرعة على تعقب البرامج الضارة النائمة التي زُرِعَت منذ وقت طويل؛ وقادرة على إحداث فوضى بمجرد تفعيلها.
وقال العقيد في “وحدة أمن الدولة” الأوكرانية؛ لصحيفة (التايمز): “هذه حقيقة. كانوا في نفس المبنى معي؛ لقد عملوا مع وحدة الإنترنت التابعة لقسمنا لبضعة أشهر، وكانت آخر مرة رأيتهم فيها؛ ربما في شهر كانون ثان/يناير”.
فيما كان الروس قد استهدفوا أهدافًا مدنية وعسكرية؛ على حد تأكيدات الصحيفة البريطانية. وكان من بينها خطوط السكك الحديدية، حيث عثر الفريق الأميركي على: “برامج خبيثة ماسحة”؛ التي كان من الممكن أن تقضي على شبكة الإنترنت بالكامل التي تستخدمها خطوط السكك الحديدية وإزالتها ببضع ضغطات على المفاتيح.
جهود “مايكروسوفت” داخل أوكرانيا..
إضافة إلى ذلك؛ سعت الشركات الخاصة، مثل (مايكروسوفت)، التي تزود “أوكرانيا” بالبرامج، إلى إحباط جهود (الكرملين) الأخرى.
ولأنها تُدرك كيفية انتشار برامج الفدية السابقة، مثل: (بيتيا)، التي استخدمت في هجمات 2017؛ التي ضربت “هيئة الخدمات الوطنية الصحية” البريطانية، بسرعة خارج الحدود، قالت شركة التكنولوجيا العملاقة إنها أنشأت مركزًا معلوماتيًا للمساعدة في مواجهة هذا التهديد.
كتب “براد سميث”؛ رئيس شركة (Microsoft)، في مدونة على موقعه؛ يوم 28 شباط/فبراير، بعد ثلاثة أيام من بدء الهجوم: “ما زلنا قلقين تحديدًا بشأن الهجمات الإلكترونية الأخيرة على الأهداف الرقمية المدنية الأوكرانية، بما في ذلك قطاعات المالية والزراعة وخدمات الاستجابة للطواريء وجهود المساعدات الإنسانية، ومؤسسات ومنظمات قطاع الطاقة”.
ومع ذلك؛ قال العقيد في إدارة “أمن الدولة”؛ إنه لا ينبغي للشركات العسكرية والتكنولوجية الأميركية أن تأخذ كل الفضل. فقد إزدهر قطاع تكنولوجيا المعلومات الأوكراني؛ منذ عام 2014، وقد حفز هجوم “موسكو”؛ جيلاً من الأوكرانيين البارعين في مجال التكنولوجيا للقتال من أجل بلدهم.
وتعمل وحدة العقيد والمتطوعون الأوكرانيون على مدار الساعة لتعطيل فِرَق الحرب الإلكترونية في (الكرملين) وشن هجوم مضاد لإبقائهم في وضع دفاعي. وقال إنَّ فريقه شن هجومًا؛ في 24 شباط/فبراير، في نفس اليوم الذي بدأت فيه العملية العسكرية، على شركة “Systematics Consulting”، وهي شركة تقدم خدمات للدولة الروسية.