خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
صمود الرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، في مواجهة الهجوم الروسي مؤخرًا؛ استرعى انتباه الرأي العام العالمي، لاسيما وأنه لم يحصل على أي مساعدات غربية، وصمد بشكل فردي في مواجهة العدوان الروسي. والبعض يُقارن هذا الصمود الإعلامي إلى حد ما؛ بـ”أشرف غني”، والأحداث الأفغانية؛ قبل بضعة أشهر.
وفي هذا الصدد؛ أجرت صحيفة (آرمان ملي) الإيرانية الإصلاحية الحوار التالي مع؛ الدكتور “صلاح الدين هرسني”؛ محلل الشأن الدولي…
المقاومة والعنصرية..
“آرمان ملي” : كيف تقيم صمود الرئيس الأوكراني في مواجهة الضغوط الروسية بأيدي خالية ؟
“صلاح الدين هرسني” : بعض التيارات الأصولية؛ منذ بداية الهجوم الروسي على “أوكرانيا”، اتخذت جانب الجبهة الشرقية وركنت إلى الدعاء والمطالبة بهزيمة الغربيين، وسخروا من مقاومة الرئيس الأوكراني وتمنوا هزيمته.
وتتلخص المقاومة في عقيدة أنصار الشرق بالحركات الإقليمية، ولو يحصل أصحاب الأعين الزرقاء من نسل السلافيين على أقل المعدات الدفاعية، فلن ترغب “أوكرانيا” وشعبها في الاستسلام لرغبات وطموحات زعيم مثل؛ “فلاديمير بوتين”، وسوف تخرج المقاومة عن نطاق المنفعة، ولن يكون لها محل من الإعراب.
ومن منظور المنطق الأرسطي، حين يقترن الفعل بمعنى المقاومة المقدسة والفداء؛ فإنها مقاومة ولا يجب التعامل معها بعنصرية بسبب بعض الملاحظات.
وبالنسبة لنا؛ يعكس قرار “بتروس” بشأن إغلاق ثقب السد مدة 24 ساعة كمتنفس، وكذلك قرار “علي خواجوي”؛ ذلك المزارع الفدائي الذي تخلى عن ملابسه في البرد القارص وأشعل فيها النيران للحيلولة دون سقوط أي قطار في قاع الوادي، معنى المقاومة والفداء.
والبعض يصف مقاومة “زيلينسكي” والشعب الأوكراني بالسياسية وتفريغ هذه المقاومة من مضمونها.
وفي هذا الصدد يجب القول: حين تأخذ المقاومة والفداء صبغة المجاهدة والصمود تكون مقدسة؛ ولا تختلف عن تضحيات الجنس الأصفر والأحمر والأسود وأصحاب العيون الزرقاء والشعر الطويل.
بين “زيلينسكي” و”غني”..
“آرمان ملي” : هل توافق على تشبيه الرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، بنظيره الأفغاني؛ “أشرف غني” ؟
“صلاح الدين هرسني” : يُمثل محور المقاومة المرحوم؛ “المهاماتا غاندي”، تحت لواء المقاومة السلبية في النضال ضد “بريطانيا”، و”مارتن لوثر كينغ”؛ زعيم الحركة المدنية للسود في “الولايات المتحدة الأميركية”، ومقاومة “نيلسون مانديلا”؛ ضد العنصرية والتمييز، ومقاومة مجاهدي الثورة الدستورية في “طهران”، وصمود “رئيسعلي دلواري”؛ الشجاع في “تنـﮔستان” بجنوب “إيران” صد الاحتلال البريطاني في الحرب العالمية الأولى، ودور “محمد مصدق”؛ في تحرير “إيران” من الدوران في فلك “بريطانيا”، وكذلك مؤخرًا مقاومة السيد “حسن نصر الله”؛ داخل جغرافيا الهلال الشيعي.
وبرزت هذه المقاومة في “الولايات المتحدة” أيضًا بأشكال متعددة مثل احتجاجات حركة (تي بارتي) وحركة (ووال استريت) وغيرها؛ والتي تُريد إنهاء سلطة الأنغلوساكسونيين وأصحاب البشرة البيضاء غير المحدودة.
وفي الوقت الراهن يقاوم الرئيس الأوكراني من أصول سلافية؛ “زيلينسكي”، ولم يتمكن بهذا الفعل العقلاني من وقف آلة حرب “بوتين” فقط، وإنما وضع المشاهير سلطة الـ”أوليغارشية” في “أوكرانيا”، وكذلك الرأي العام العالمي تحت تأثير حب الوطن.
وحين يكتسب مفهوم مثل المقاومة صفة القدسية، تكون مقاومة “زيلينسكي” مقدسة؛ مثل حرب الـ 22 يومًا وحركة الانتفاضة. ويطرح أنصار الشرق السؤال التالي: لماذا لم يفعل “زيلينسكي” مثل؛ “أشرف غني”، وباع “أفغانستان” إلى (طالبان) ؟..
والحقيقة لقد أدركنا مؤخرًا أن “زيلينسكي” يُرجح مثل؛ “أشرف غني”، الفرار على البقاء وأن يصنع من الشعب الأوكراني درع بشرية والاستسلام للجيش الروسي المسلح، لكن تلك المقاومة التي استمرت بضعة أيام تستحق التقدير والثناء.
على الأقل؛ فإن هذه المقاومة أزالت من أذهاننا ذكرى الجبناء باعة الوطن أمثال؛ “أشرف غني”. وقد رجح “زيلينسكي” اتخاذ الخطوة الأولى للسلام وإنقاذ دولته، وحين انتبه إلى عدم استعداد “روسيا” للقبول بطلباته أرتدى لباس الحرب وأنضوى بالمعنى الحرفي للكلمة تحت لواء خادم الشعب وأضحى رمز للمقاومة.