عقدت هيئة التعليم التقني الاجتماع الدوري للجامعات التقنية الأربعة في رحاب الجامعة التقنية الجنوبية في البصرة ، وحضره رئيس هيئة التعليم التقني ورؤساء الجامعات التقنية الوسطى والفرات الأوسط والشمالية والجنوبية ، فضلا عن حضور رؤوساء اللجان القطاعية وممثلي وزارتي التربية والعمل والشؤون الاجتماعية وممثل عن مجلس الخدمة الاتحادي ، وعرضت في الاجتماع الفعاليات التي أنجزتها هذه الجامعات بعد انطلاقها عام 2014 والتي تحققت رغم الصعوبات الكبيرة التي رافقت التأسيس بسبب الظروف الأمنية والاقتصادية الصعبة التي مر بها بلدنا العزيز ، كما تم بحث التحديات التي تواجه التعليم التقني والمهني في العراق والتي تستدعي اهتماما من قبل الحكومات المحلية والحكومة الاتحادية لدعم مؤسسات التعليم التقني والمهني لأهمية هذا القطاع في إعداد ملاكات ماهرة وقادرة على دفع عجلة الاقتصاد في البلاد إلى الأمام ، ورحب الاجتماع بالمبادرات التي تبنتها هذه الجامعات في مجال بناء الشراكات مع القطاع الخاص وجهودها المبذولة بشأن متابعة الخريجين ومساعدتهم في إيجاد فرص العمل الملائمة لهم من خلال تلك الشراكات او من خلال معارض العمل التي تشكل حلقة الوصل بين عرض القوى العاملة التقنية والطلب عليها من مختلف القطاعات ، كما تم بحث عدد من القضايا المتعلقة بتطوير وتوحيد المناهج والاستفادة من الملاكات التقنية المتخصصة في مجال استحداث أقسام وفروع ودراسات تقنية عليا تستجيب للتطورات وتلبي الحاجة في أسواق العمل وتواكب التطورات العلمية التي يشهدها العالم في مختلف الاختصاصات ، وتم الاتفاق على حسم الملف الخاص بالوصف الوظيفي لخريجي الكليات التقنية من حملة البكالوريوس أسوة بخريجي الجامعات الأخرى . فيما تم عرض الفقرات المدرجة ضمن جدول الأعمال من قبل السيد رئيس هيئة التعليم التقني الأستاذ الدكتور عبد المحسن ناجي المحيسن والذي ترأس الاجتماع ، وتم أثراء تلك الفقرات من خلال المناقشات والآراء التي أدلى بها الذوات رؤوساء الجامعات التقنية والحضور إذ استثمرت ملاحظاتهم في اتخاذ القرارات وصياغة التوصيات اللازمة بصدد كل موضوع .
ويدل انعقاد هذا الاجتماع والقيام بفعاليات تقنية موحدة او على سبيل المبادرات والإبداعات التي يتكاثر عددها يوما بعد يوم ، على إن مسيرة التعليم التقني لم تنقطع بعد إن ولدت أربعة جامعات تقنية في مختلف إرجاء العراق من رحم هيئة التعليم التقني ، كما تثبت الانجازات التي تتحقق يوميا في هذه الجامعات إن فكرة إنشائها وانطلاقها كانت صحيحة فمعظم مساراتها أخذة بالتصاعد بعد أن رفعت عنها الأغطية البيروقراطية التي كانت معيقا في العديد من الحالات ، وهذه الجامعات استطاعت أن تشق طريقها في ظل صعوبات عديدة رافقت التأسيس ، فوزارة التعليم العالي ( في حينها ) لم تعدها من الجامعات الفتية كما إنها لم تزود بالإمكانيات المادية اللازمة بسبب محدودية الموارد المالية في موازناتها ، الأمر الذي حفز قادتها وملاكاتها لولوج مختلف المصادر المشروعة في مجال ترجمة شعار الجامعة المنتجة والجامعة للمجتمع وتعظيم مواردها الذاتية ضمن الحدود التي تجيزها التشريعات ، وهي لم تتوقف عند المستوى الذي تأسست به وإنما حققت خطوات واثقة في المجالات العلمية والتربوية والوطنية والبحث العلمي وفي مجال تطوير المناهج ووسائل التدريس والتدريب ومواكبة التطورات التقنية الدولية ، واستطاعت خلال العامين الماضيين من عبور أزمة جائحة كورونا من خلال اعتماد التعليم الالكتروني والتعليم المدمج ، ومثل ذلك تحديا بالفعل لان نمط التعليم التقني يختلف عن سواه من أنماط التعليم كونه يتطلب التركيز على المهارات والتطبيقات وهو ما لا يمكن انجازه من خلال التعليم الالكتروني فحسب ، وكان للجهود والمبادرات التي بذلت من قبل الملاكات التدريسية والتدريبية والساندة دورها في تطوير وابتكار أساليب تحقق الهدف بما هو موجود ، وهي تجربة عراقية جديدة لم يتم ولوجها من قبل وقد أظهرت خبرات جديدة قادرة على التكيف مع متغيرات الظروف وبذلك لم تتوقف الدراسات التقنية قط ، وتلك ليست مجاملة او من باب التجميل لأننا نتحدث عن مسيرة لم تنقطع في ظل امكاتيات وظروف لم تهيأ بالقدر اللازم ونطمح جميعا أن ترتقي مستويات الاداء لأعلى من ذلك عندما يتوافر لها الإسناد المطلوب .
وفي الوقت الذي يصعب فيه ذكر تفاصيل ما قدمته الجامعات التقنية منذ تأسيسها عام 2014 وحتى اليوم في مجال المبادرات والابتكار والإبداع وإتباع أساليب متطورة وغير تقليدية في الكثير من الاحيان لتسيير الأعمال والأداء ، فان من الواجب مناشدة الجهات المعنية بأهمية دعم هذا القطاع بما يمكنه من التطور وتجاوز الصعوبات ، فالتعليم التقني الأساس في توفير الموارد البشرية المزودة بالمهارات والمعارف والخبرات القادرة على التكيف للعمل بمختلف القطاعات في التخصصات ( الطبية ، الهندسية ، المعلوماتية ، الإدارية ، المالية ، الفنون التطبيقية ، الزراعية ، غيرها ) ويتم إعدادها لرفع استطاعتها لتجد فرص العمل بما لا يشكل ضغطا وعبئا في مجال التعيين الحكومي ، وان الاستثمار والاستفادة في الموارد البشرية التقنية مرهون بتفعيل قطاعات العمل والإنتاج في العام والمختلط والتعاوني والخاص ، كما إن طاقات هذه الموارد يمكن إن توجه وتوظف في المشاريع الصغيرة والمتوسطة الفردية والجماعية وفي حاضنات الأعمال التي لم تلقى اهتماما في بلدنا بعد ، وهذه الجامعات بحاجة لدعم محلي واتحادي ليجعلها بالمكانة التي يجب أن تكون عليها كما هو الحال في البلدان المتقدمة التي تمتلك فيها الجامعات التقنية مفاتيح الحلول لمعظم مشكلات المجتمعات ، وجامعاتنا التقنية المحلية أثبتت حضورها من خلال جودة البحوث المنجزة والأعمال المبتكرة ونجاحها الملفت في الدخول بالتصنيفات الدولية للجامعات ، ويعد دخولها واحتلال مراكز مرضية في تصنيفات عالمية ( مهمة ) من الطفرات عند مقارنتها مع غيرها من الجامعات الأخرى في الداخل او الخارج من حيث العمر والإمكانيات ، والتعليم التقني في بلدنا بحاجة إلى تغيير مهام واختصاصات هيئة التعليم التقني باعتبارها الجهة الوطنية الجامعة لهذا النمط من التعليم ، وهو ما يستوجب المرور بالقنوات التشريعية التي تتطلب إعداد مسودة التعديل التاسع لقانون وزارة التعليم العالي رقم 40 لسنة 1988 او من خلال مشروع لقانون تقدمه الوزارة و يتبناه مجلس الوزراء ، لكي لا تبقى هذه الهيئة بالشكل الذي لم يعالجه التعديل الثامن للقانون انف الذكر ، وبما يعطي الاستقلالية للجامعات التقنية ويوفر جهة تنسيقية لها في الأمور المشتركة في مجالات المناهج والقبول والعلاقة مع المؤسسات الدولية وغيرها من الأمور التي يمكن أن يحددها مجلس الهيئة الحالي و خبراء التعليم التقني .