تجارب مصادم FCC-2 تتم على أكمل وجه، وما زال الخبراء والباحثون يتوافدون عليه من كلِّ أنحاء العالم، والكثرة الكاثرة منهم من الدول المحتمل خوضها للحرب المحتملة وهي أمريكا وحلفاؤها ضد الروس وحلفائها.
صورة لمصادم الهادرونات
ولم يغفلْ مهديّ لِما تُدبّره الكتلتان العظميان للمنطقة العربيّة، فالمخطط الصهيو أمريكيّ يريد ضرْب دول آسيا في مقتل بدب أحذيتها الغليظة على أعناق أهل أرض العروبة، كما لم يغفل أيضا أن دول آسيا لن تسكت وستسارع هي الأخرى للزحف نحو المنطقة لتدافع عن نفسها.
ولقد تأكد لمهدي بأنهم سيبدءون زحفهم بإرسال خبرائهم للعمل على المصادم، ولقد استغل مهدي تلك الفرصة وفتح المصادم للجميع من أجل أن يأخذ ما بجيوبهم من مال ليخرج بشعبه من المجاعة التي ضربتهم بسبب ضياع نهر النيل وتسليم مقدرات اقتصاد مصر لدولة إسرائيل من قِبل الرئيس المخلوع.
***
مضى عامان على الاتّفاق الصهيو أمريكي، خلالهما كانت الحروب الأهلية في المنطقة العربية على أشدها، والانقسامات داخل جيوشها تسببت في استنزاف قواهم الجسديّة والماديّة.
تلك النكسات أيقظت بقوة الخلافات القديمة الخاصة بحصص المياه بين تلك الدول العربية من خلال المصبات والمنابع فضلا عن الحدود الجغرافية المتنازع عليها من قبل أيضا، تلك اليقظة بمنزلة دق طبول الحرب فيما بينها.
ولم تنج الدول العربية من داء التطرف المذهبيّ والعقائدي أيضًا، ولقد ظهرتْ ملامح هذا الداء العُضال من خلال مجموعة من الحروب بين السنة والشيعة داخل الدولة نفسها ثمّ بين الدول وبعضها؛ فتقاتلوا وأنهكوا بعضهم بعضا.
ونتيجة لكلّ ما سبق، ترامتْ الجثث في كلِّ مكانٍ على أرض العروبة، وانهدمتْ المنازل فوق رؤوس أصحابها.
وغدت الحياة مستحيلة على أرض العروبة حتى كثُر فيها العواء والزئير والفحيح، وتحوّلتْ الأرض كلّها إلى مجموعة من الغابات يعيش عليها أعتى أنواع الحيوانات شراسة وتوحشًا وافتراسًا.
***
وبالرغم أنّ المخطط سالف الذكر هو السبب في ذلك، إلا أن القادة الأمريكيين أذناب نظام رامسفيلد والصهاينة خرجوا في بجاحة لا نظير لها عبر وسائل الإعلام وأدانوا العرب جميعًا، وفيما قالوا: إنهم قوم إرهابيون، وما كان يجب من البداية أن نتركهم لأنفسهم يدمّرون بعضهم بعضًا ثم يصدرون لنا معتقداتهم الإرهابية بزحف المنتصرين منهم نحونا.
ومن أجل تجنب زحفهم إلينا يجب أن نبادرهم ونذهب إليهم لنحميهم من أنفسهم أولاً، ثمّ نحمي أنفسنا منهم.
ويجب إعداد جيوشنا كاملة العدة والعتاد، حتى إذا حصلنا على شرعية الدخول إلى المنطقة من الأمم المتحدة استطعنا الانتشار جيدا في المناطق الإستراتيجية فيها.
***
ولم تمضِ سوى أيّام على خروج الساسة المتبجحين حتى عقد الكونجرس الأمريكيّ جلسة تناقشوا فيها حول زحْف القوات الأمريكيّة وحلفائها إلى أرض العروبة، وقد كان عدد الأصوات الرافضة للزحف تعادل الأصوات الموافقة له.
صبيحة اليوم التالي من عقد الكونجرس خرج الشعب الأمريكيّ كلّه تقريبًا في مظاهرات عارمة رافضًا التدخل الأمريكيّ في المنطقة العربيّة معللاًَ أنهم ليسوا في حاجة لإرسال أولادهم إلى هناك ليخوضوا حربًا ضد الروس يحترقون فيها.
ولقد قالوا أيضًا لا يجب على دولتنا وأحلافها أن يحاربوا آسيا من أجل فشلنا في منافستهم اقتصاديًا.
اعتصموا أيضا في الشوارع وأقاموا الخيام وافترشوا الأرصفة وندّدوا بجورج رامسفيلد ويعقوب إسحاق ودعوا الأمم المتحدة ألّا تُعطيهم شرعية الزحف إلى هناك.
ولقد ترك جاك رصد نجم أورط ووقف مع الثورة تضامنا لهم، ونتيجة ذلك أن خرج الشعب الأمريكيّ عن بكرة أبيهم فحدثتْ ثورة لم تشهد أمريكا لها مثيلاً على مدار تاريخها كله.
وكان جورج رامسيفلد يتابع مشاهد الثورة بأسىً بالغ، فلمّا شاهد جاك يحرّك الثوّار ويشدّ من أزرهم تأكد له حينئذ أنّ الثورة ستنجح ويفشل مخططه الذي من أجله اعتلى عرش الرئاسة الأمريكية، لذلك تراءى له أن يخطط لإفشال الثورة الأمريكية.
وعلى صعيد آخر خرج جمْعٌ ليس بالقليل من حاخامات اليهود تبعهم عدد غفير من الشعب اليهوديّ متّجهين إلى المؤسسات الإسرائيليّة رافعين شعارات تدين سياسة يعقوب إسحاق تجاه العرب.
وقد قال حاخام المعبد الأكبر بأنّه ولده”يقصد يعقوب” وقد ربّاه، فلمّا علم باجتماع الكابينت الشيطانيّ عارضه فلم يمتثل، فطرده من المعبد وقال له إنّ اليهود شعب الله المختار بطاعة الله وليس بالعمل على تأجيج الحروب والصراعات بين الدول.
وقال حاخامٌ آخر إنّ الحاخام الذي اجتمع معهم في الكابينت وأعطاهم شرعيّة إثارة الفوضى في العالم من أجل تمكن دولة إسرائيل من رقاب كل العالم لم يكن حُجّة على التوراة، وقد ردّ عليه كثير من الحاخامات في طريقة تأويله للنصوص التوراتيّة، وقالوا له مرارًا وتكرارًا إنّ عليهم نشْر نصوص التوراة بالحقّ والعدل وليس بالدم والقتل، وإنهم مُفضّلون على العالمين بالتقوى، بيد أنه رفض ذلك كله وأصر على إثارة كافة الدول على بعضهم البعض.
وهم أحبار اليهود يقولون للعالم وللتاريخ أنّهم لا يدعون إلى مذلّة الشعوب أو قتلهم أو إثارة الفتن بينهم، ويقولون أيضا أنّهم أسياد بالتقوى، ودولة إسرائيل الكبرى ما هي إلّا حضارة لابدّ أن تحكم العالم بالحقّ والسلام.
ولقد أخبرتْ أجهزةُ المخابرات الإسرائيليّة يعقوب إسحاق حركة الشارع اليهوديّ أولاً بأوّل وكان يعلق حينها بنعتهم بالجهل، أمّا بالنسبة للحاخامات فقد علق بأن ما يقولونه مجرد محض هراء.
أمّا مؤيد فكان يتابع ثورات الشعب الإسرائيليّ وأقوال الحاخامات فلم يعبأ بها لأنّهم مجتمعون على رأي واحد هو أنّ فلسطين مغتصبة، ومغتصبوها هم الفلسطينيّون.