يعد النظام الديمقراطي سمة النظام الدولي الجديد فهو يعبر عن تفاعل الشعوب مع حكوماتها بالشكل السليم والمتوقع ان يكون عليه والنظام الديمقراطي هو حجر الزاوية في التغيير وفي البناء وفي احداث التوازن بين ماهو مطلوب وماهو منجز ,وتجربة العراق هي احدى هذه التجارب واعد لها ان تكون هي المتميزة في منطقة الشرق الاوسط ولكن الارادات الداخلية والخارجية حالت دون وصولها الى المستوى المطلوب فتعثرت وتعرقلت وبدا المواطن يشك في تجربته لذلك لجا الى احد حقوقه المنصوص عليها في الدستور وهو حق التظاهر السلمي الذي كفله الدستور وبدات التظاهرات في اماكن عديدة وبصورة واسعة نتيجة لسوء الخدمات المقدمة للشعب ونتيجة للاهمال المتعمد لحقوق الشعب وهذا ماحفز مفاصل الدولة الى اعادة النظر بعملها وغيرت من منهجها واقتربت اكثر من المواطن ,ولكن قسم من التظاهرات اسيء استخدامه واصبح معاديا للتجربة العراقية الجديدة وحاول البعض تسيسه والعمل به لتفتيت النظام والعودة بالعراق الى الحقبة السابقة المظلمة وباموال الدولة وبامكاناتها باعتبار ان هؤلاء هم من اجهزة الدولة ومن قياداتها ,والحمد لله وبهمة العراقيين تم احباط محاولاتهم رغم الخسائر التي قدمها الشعب نتيجة ذلك .
هنا اشير الى تظاهرة خرجت لمرتين في اسبوع واحد وفي منطقة واحدة (الحسينية وتقع شمال شرقي بغداد)هذه المنطقة البالغ تعدادها حوالي المليون نسمة وهي منطقة منكوبة بمعنى الكلمة فلا خدمات ولاكوادر ادارية نزيهة بل ثلة من السراق والفاسدين على راسهم قائمقام قضاء الاستقلال الذي ورث الوظيفة من والده وهو لايمتلك الكفاءة ولا المهنية بل اللقب العشائري فقط (العامري)والاخوة في هذه المنطقة يعتبرون ان منطقة الحسينية ملكا لهم وليست للدولة ومع الاسف قسم من السياسيين والبرلمانيين الموجودين في الحكومة الحالية لديهم نفس النفس ويتعاملون مالوضع بهذه الصورة فتقطع التخصيصات المالية بفعل فاعل عن المدينة وتحول الى الراشدية موطن سكناهم والمدينة تعاني الامرين فلا طرقات تسير عليها العجلات ولاخدمات صحية ولاتربوية وموظفي الدولة من اهالي المنطقة ممن دوائرهم في بغداد لايستطيعون الوصول في المواعيد المحددة والاهمال على اعلى الدرجات فيها ,لذلك كله وبعد ان نفذ صبر الناس خرجوا الاسبوع الماضي بتظاهرة بسيطة طالبوا فيها بفك الاختناقات عن مدينتهم وتقديم الخدمات البسيطة لهم وبالفعل استجابت القوات الامنية مشكورة لهم وسهلت عملية دخول وخروج الناس منها وايضا عمدت المحافظة الى استجابة بسيطة لهم ولكنها لاتكفي وبالامس خرجت اهالي الحسينية وبكم كبير لاعادة المطالبة بابسط حقوقه والتي التف عليها قائمقام القضاء بالتعاون مع بعض المرتشين من اهالي المدينة ,وكان خروج الاهالي سلميا بحتا ولم يستجب لهم احد بل استمرت مماطلتهم من قبل القوات الامنية وعنتدما اصر الاهالي على ضرورة وجود مسؤول يسمعهم اطلقت القوات الامنية النار على المتظاهرين واصابت عدد منهم واعتقلت عدد اخر ,بعد ذلك تفضل السيد وزير البلديات والاشغال العامة بالمجيء والتفاوض منفردا مع المتظاهرين ووعدهم بتلية الجزء الخاص بمسؤوليته بالتنفيذ والعمل لرفع صوتهم لمجلس الوزراء لتلبية الباقي من مطالبهم .
ان التظاهر بهكذا صورة يقوي الدولة والحكومة ويوثق اواصر الثقة بينها وبين الشعب وعلى الطرفين فهم هذا المنظور ليصلوا الى وضع ديمقراطي سليم يضرب به المثل في باقي مناطق العراق وان يكون الاخلاص في النوايا والعمل هو الهدف المشترك لنصل الى نظام ديمقراطي صحيح يحفظ الحقوق والواجبات ويبني بلدا حديثا مدنيا متطور .