بدأ نقول أن أصلاح الدمار والخراب الذي حل بالعراق بسبب الطبقة السياسية التي حكمت وقادت العراق من بعد الأحتلال الأمريكي الغاشم عام 2003 ليس مستحيلا ولكنه صعب وصعب جدا! ، كما أن النوايا الحسنة والطيبة والخيرة وحدها لاتبني البلد وتصلح أحواله ، أن لم تكن مقرونة بالحكمة والتعقل والصبر ومعرفة أين يكمن الخلل ومن أين يبدأ الأصلاح ، فالنوايا الطيبة التي يحملها السيد الصدر والروح الثورية للأصلاح التي يقودها من أجل القضاء على الفساد بأعتباره يمثل نقطة الشروع بالبدأ بالأصلاح وأيقاف زحفه والقضاء على حيتانه ، أقول أن كل ذلك ليس كافيا! لأصلاح ما دمرته سنوات الخراب والدمار والفساد والمحاصصة والحرب الأهلية الطائفية وما خلفته من أثار نفسية وأجتماعية وأحقاد لا تمحو من القلب والعقل لمئات السنين! ، وغيرها من أعمال الهدم لكل الحياة العر اقية بكل مفاصلها وتفاصيلها ومفاصل الدولة العراقية بقطاعيها الخاص والعام والتي شاركت بها كل الأحزاب والتيارات السياسية وبلا أستثناء!، فهو لم يكن خراب سنة وسنتين وثلاث بل أمتد لقرابة 20 سنة! ، والبديهيات تقول أن أعادة الأصلاح والأعمار أصعب من الخراب والدمار والتهديم ، فخراب سنة وسنتين لربما يحتاج الى عقد من الزمن من أجل أعادة الأمور وأرجاعها الى سابق عهدها ، فما بالك كم نحتاج من سنوات وعقود لأصلاح خراب لمدة 20 سنة ، شمل البشر والحجر والزرع والضرع . أن الأصعب في مشروع الأصلاح والثورة على التغيير الذي يتبناه السيد الصدر وتياره أنه لا يحظى بالرغبة والموافقة من جميع الأحزاب والكتل السياسية! ، وحتى الذين وافقوا السيد الصدرعلى مشروعه الأصلاحي لربما كانوا مجاملين في ذلك! ، لأن مصالحهم السياسية هي من دفعتهم لذلك ، ولا يزكي الأنفس الأ الله عز وعلا . الذي نريد أن نقوله أنه لا يكون هناك أصلاح أن لم تكن هناك رغبة حقيقية وصادقة من قبل الجميع ليهبوا ويقوموا بثورة الأصلاح هبة رجل واحد كما يقال. كما أن الأصلاح يحتاج الى تأني وصبر طويل وحكمة وموضوعية في كل خطوة ، وأنا هنا لست مجاملا ومدافعا عن السيد الصدر أذا قلت أن الشعب يقدر ويثمن روح التغيير والأقدام والرغبة على الأصلاح الذي يريده ويصرعليه السيد الصدر مع تياره ، ولكن بنفس الوقت لا نريد أن تكون خطوات الأصلاح مستعجلة وغير مدروسة سرعان ما يصيبها التعثر وتتعرض الى ردود أفعال من هنا وهناك ولغط كبير وتثير الفوضى والأرتباك وبالتالي كلها تنعكس على عيش المواطن الذي يعاني الأمرين أصلا في سبيل تمشية أمور حياته اليومية وعندها لا يكون هناك أية أصلاح (بل سيكون هناك أصلاح الخطأ بخطأ أكبر!)، وهذا ما حدث عند دعوة السيد (حاكم الزاملي) النائب الأول لرئيس مجلس النواب عند أستدعاءه للسيد وزير المالية للحضور الى البرلمان!، على خلفية موضوع الدولار وأرتفاع سعر الصرف مقابل الدينار العراقي ، والذي قابله السيد الوزير بالرفض الشديد! ، وعده تجاوزا على الدستور وأمتهان لكرامته وشخصيته لا سيما وأن رده كان مطولا وتداولته كل مواقع التواصل الأجتماعي ووسائل الأعلام والفضائيات، حتى أنه أستجار برئيس الحكومة على ذلك!، على الرغم من أن السيد الوزير محسوب على التيار الصدري ومدعوم من قبله!. وحقيقة لاأحد يعرف لحد الآن من كان وراء أرتفاع سعر الدولار أمام الدينار العراقي! والذي هو أساس أستدعاء السيد وزير المالية من قبل السيد (الزاملي)، فالأخبار تتضارب بذلك! ، فهذا يتهم ذاك ، وذاك يتهم هذا ، والكل يريد أن يتنصل من المسؤولية! والخاسروالمتضرر الوحيد من أرتفاع سعر الدولار هو المواطن فقط لا غير. ولكن المعلومة المؤكدة والمعقولة والتي تحدث بها أصحاب الأقتصاد والمصرفيين هو أن سبب أرتفاع سعر الدولار لم يكن من قبل صندوق النقد الدولي كما يشاع ، ولا كان بطلب من حزب وتيار سياسي ! ، فأصل الحكاية تعود عندما أنخفضت أسعار البترول الى أرقام متدنية حيث وصل ( سعر برميل النفط الى 30 دولار)! ، وكان ذلك أثناء جائحة كورونا ، عندها تعذر على الحكومة تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين ، عندها أضطرت الحكومة الى الأقتراض من صندوق النقد الدولي الذي نصح! ، بأن يكون الحل أما بتخفيض رواتب الموظفين الى 20% أو رفع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي لتجاوز الأزمة ،
وتم التصويت على رفع سعر الدولار من قبل أعضاء البرلمان!! وهذه هي أصل الحكاية. وهذا ما دفع السيد وزير المالية أن يصرح بالقول في رده ورفضه أستدعاء السيد الزاملي له (أنا لا أكون كبش فداء!!) والذي يعني أن البرلمان هو من وافق على ذلك!. وهنا نقول ، كم كان الأمر حكيما ، لو أن السيد (الزاملي) ، بدل من هذا الأستدعاء القسري للسيد وزير المالية والذي أستفزه كثيرا، لو قام بزيارة ودية الى السيد الوزير وتكلم معه بشيء من الوضوح والشفافية وأستفسر منه عن كل مايريد ويدور في ذهنه عن موضوع سعر صرف الدولار، وهل بالأمكان أعادة تخفيض سعر الدولار؟ وما هي آثار وتداعيات ذلك على السوق العراقية والشارع العراقي؟، ويستمع من الوزير عن ما خفي وما أعلن عن ذلك ، ولعل السيد (الزاملي) يطلع أيضا على الكثير من الأمور التي لا يعرفها عن هذا الموضوع الأقتصادي الصعب والذي يحتاج الى خبراء وأساطين في عالم الأقتصاد لحل مثل هكذا معضلة وفي مثل الظروف التي مر بها العراق منذ 20 سنة ولحد الآن!، أليس كذلك ياسيادة النائب الأول لمجلس النواب؟ . أن لغة الحوار والتفاهم والأستفسار والتقصي عن الحقيقة ومعرفتها هي أحسن من لغة الوعيد والأستفزاز والتهديد وألقاء التهم ، كما حدث مع شخص السيد وزير المالية والتي وصلت الى حد منعه من السفر!؟ ، وهو المحسوب على تياركم والمدعوم من قبلكم حسب ما يقول كل المتابعين للشأن السياسي بالعراق!. ولا بد هنا من القول والتوضيح للسيد الزاملي ولكل من يريد تخفيض سعر صرف الدولار، أن سعر صرف الدولار وأرتفاعه وأنخفاضه بالعراق تحديدا هو ليس (دكمة)! يمكن أن نرفعها الى الأعلى أو ننزلها الى الأسفل متى ما نريد أو نرغب! ، فهذا موضوع اقتصادي صعب وشائك ومرتبط بالكثير من الأمور وله تداعياته ، والمهم في الأمر والذي يتفق عليه غالبية الأقتصاديين هو أن أعادة تخفيض سعر صرف الدولار الآن ، ستؤدي حتما الى ركود أقتصادي يتضرر منه غالبية الشعب العراقي وخاصة الطبقة الفقيرة من الشعب ، وهذا الأجراء سيضرها أكثر مما ينفعها! كما يتصور قادة الأصلاح!. وكم أتمنى من شخص السيد وزير المالية أن يعقد مؤتمرا صحفيا يشرح به كل التفاصيل بهدوء وبلا عصبية! ، ويوضح موضوع الدولار للشعب العراقي ولكل المعنيين والأضرار السلبية لمن يريدون تخفيض سعر الدولار الآن ، والجوانب الأيجابية التي أنعكست على الأقتصاد العراقي من وراء رفع سعر صرف الدولار . وبالوقت الذي نبارك للسيد الصدر قائد ثورة الأصلاح نواياه الطيبة من أجل أصلاح أحوال العراق وشعبه وأن يسدد الله خطاه بذلك ، فأننا نقول بأن الأصلاح لا يكون بالقرارات المستعجلة والفورية وغير المدروسة ، فهي تأتي بالنتائج السلبية ، كما حدث مع دعوة السيد (الزاملي) للسيد وزير المالية والتي سرعان ما أنعكست نتائجها على الشارع العراقي والسوق العراقية وأسواق بورصة الدولار ومضارباتها ، حيث ساد الأرتباك والفوضى والقيل والقال! . أخيرا نقول للسيد الصدر، أن العراقيين يعرفون جميعا بأنك تسبح عكس التيار! فليس الجميع معك والشعب يخاف من الأمواج الداخلية والأقليمية والدولية أن تنهك قواك! وتبتلع مشروعك الأصلاحي وعندها تغرق وتغرق معك كل أحلام العراقيين بالأصلاح لا سامح الله!. والله من وراء القصد.