وكالات – كتابات :
سلَّطت المراسلة الإعلامية؛ “سارة فيشر”، و”زكاري باسو”، مراسل شؤون الأمن القومي، الضوء على الحرب بين “روسيا” و”أوكرانيا” على ساحات منصة (تيك توك)، وذلك في تقريرٍ نشره موقع (أكسيوس) الأميركي.
استهل المراسلان تقريرهما بالإشارة إلى أن حسابات على منصة (تيك توك) تنشر على نطاق واسع مقاطع فيديو للقوات الروسية المحتشدة على حدود “أوكرانيا”، مما يُمكِّن العالم من رؤية ما يحدث على أرض الواقع قبل اندلاع حرب محتملة على نحو غير مسبوق.
الصورة الأشمل..
يقترب التقرير من الصورة الأكبر للأحداث، لافتًا إلى أن العالم أبتعد كثيرًا عن متابعة الأحداث تنازليًّا من القمة إلى القاعدة، والتي يعرف فيها الجمهور من خلال وسائل الإعلام الكبرى والحكومات عن التحركات العسكرية الكبرى، ويبدو أن حشد القوات الروسية حول حدود “أوكرانيا” أصبح غنيًّا عن التعريف.
وينتقل التقرير إلى مزيد من التفاصيل، موضحًا أن مقاطع الفيديو المتعلقة ببث عملية نقل المعدَّات الروسية إلى حدود “أوكرانيا” بدأت في الظهور على منصة (تيك توك)؛ خلال التعزيزات العسكرية الأوَّلية التي حدثت في الربيع الماضي، وبعد ذلك، بدأت مقاطع الفيديو في الانتشار مرةً أخرى× في أواخر العام الماضي، عندما بدأت “روسيا” في تعزيز قوتها الحالية التي يبلغ قوامها نحو: 130 ألف جندي.
وكان بعض خبراء دوائر الاستخبارات مفتوحي المصدر والمتخصصين في شؤون الجيش الروسي، ومنهم؛ “مايكل كوفمان”، الباحث في مركز الأمن الأميركي الجديد؛ “وروب لي”، الباحث في كلية “كينغز كوليدغ”؛ بـ”لندن”، قد رصدوا الكثير من سلاسل التغريدات المنشورة عبر (تويتر)، وحصلوا على المئات من مقاطع الفيديو ذات المصادر المتنوعة التي تُبث من خلالها صور لمعدات ووحدات عسكرية أثناء تحركها نحو الحدود الأوكرانية.
وحصل الخبراء على هذه المقاطع من مصادر عديدة من المواطنين الروس الذين ينشرون محتوى عبر منصات التواصل الاجتماعي، مثل (تيك توك) و(تليغرام) و(تويتر) وغيرها من المنصات، حول المشهد غير المعتاد للدبابات وهي تتحرك عبر امتداد الطريق السريع المحلي.
أهمية جمع المعلومات..
يُلفت التقرير إلى أحدث المستجدات؛ حيث نشرت “وزارة الدفاع” الروسية مقاطع فيديو بين ليلة وضحاها تُظهر أن بعض القوات الروسية بدأت في الانسحاب من الحدود الأوكرانية، لكن بعض الخبراء يُحذرون من أن “موسكو” لا تزال لديها القدرة على تنفيذ غزو واسع النطاق.
ويتساءل التقرير عن أهمية هذا الأمر؛ موضحًا أن مجتمع الاستخبارات مفتوح المصدر تطوَّر من مجرد ناصية متخصصة في الإنترنت إلى لاعب أساسي في أحد أهم الأحداث حاليًا على كوكب الأرض، وفي كثير من الأحيان، استبق مجتمع الاستخبارات التحذيرات التي تطلقها الحكومة بشأن الحركة العسكرية الروسية بهامش كبير.
ويُشير التقرير إلى أن مجموعة (بلينغ كات) للصحافة الاستقصائية فازت بعددٍ من الجوائز بسبب تقاريرها التي تعتمد على المصادر المفتوحة عن الأنشطة السرية للجيش الروسي، بما في ذلك إسقاط طائرة ركاب في شرق “أوكرانيا”؛ في عام 2014، وهذه ليست المرة الأولى التي تسُتخدم فيها وسائل التواصل الاجتماعي لتسليط الضوء على صراع من قلب ميدان المعركة. وكانت وسائل التواصل الاجتماعي قوة تنظيمية كبيرة في أوائل عام 2010؛ خلال اندلاع انتفاضات “الربيع العربي”.
ومع ذلك؛ زاد استخدام الهواتف الذكية في جميع أنحاء العالم زيادةً كبيرة منذ ذلك الحين، وسهَّلت المنصات الجديدة؛ مثل: (تيك توك) على المستخدمين تحميل الفيديوهات بطريقة أسرع، وتعمل خوارزمية (تيك توك) المتخصصة على ترويج المحتوى الذي ينشره المستخدمون على نطاق أوسع مما يستطيع المحتوى الاحترافي الوصول له، مما يُسهم في الانتشار السريع لمقاطع الفيديو التي تتناول الصراعات الجيوسياسية الخارجية.
مخاطر جديدة في نزاع روسيا وأوكرانيا..
يُنوِّه التقرير إلى أنه في الوقت الذي يمكن أن تكون فيه وسائل التواصل الاجتماعي مفيدة لمسؤولي السياسة الخارجية والأمن القومي، فإنها تنطوي كذلك على مخاطر جديدة، وفي العام الماضي، انتشرت على “الإنترنت” معلومات، وصفها التقرير بأنها خاطئة ومضللة، حول الاشتباكات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مع إخراج الصور ومقاطع الفيديو من سياقها.
وفي هذا الصدد؛ حذَّر عدد من المسؤولين الأوكرانيين من أن التحركات العسكرية الروسية، وكل هذا الاهتمام الذي تحصل عليه، ربما يؤدي إلى تغذية سردية عن غزو وشيك من أجل زعزعة استقرار “أوكرانيا” وإحداث حالة من الذعر.
ويختتم المُراسلان تقريرَهما بالإشارة إلى؛ أنه في الوقت الذي تجري فيه حاليًا الاستعدادات لحرب برية محتملة أمام أعين الجماهير قاطبة بطريقة لم تحدث من قبل، تضيف الهجمات السيبرانية، إحدى أقوى الأدوات في النزاعات الجيوسياسية الحديثة، بُعدًا جديدًا أكثر سرية لطبيعة الحروب لم يكن موجودًا في السابق. واتَّهمت “أوكرانيا”؛ “روسيا”، بشن هجوم سيبراني مُعطِّل، الشهر الماضي، لكن “روسيا” نفت مسؤوليتها عن هذا الهجوم.