18 ديسمبر، 2024 11:22 م

مشروع الإفطار في المحطة والقطار..أجر لاينقطع في الإقامة والأسفار !

مشروع الإفطار في المحطة والقطار..أجر لاينقطع في الإقامة والأسفار !

كنت أتابع آخر أخبار القطارات حول العالم “أسرع قطار، أجمل قطار، أطول قطار، أغرب قطار، أخطر قطار ، أغلى قطار ، حوادث القطار ” وذلك بعد أن إقترحت على رئاسة التحرير إضافة صفحة جديدة ضمن المنوعات بعيدة عن المألوف في إحدى المجلات الورقية كزاوية ثابتة بعنوان “سكة سفر” فأخذتني عملية البحث تلك الى فضاءات ومساحات أخرى لم تكن بالحسبان الا أنها ليست بعيدة عن عالم القطارات الواسع وكلها تدور حول القطارات كقطب رحى ولاتنفك عنها تبدأ من القطار والمحطة وتعود اليهما ، وهذه المرة الى أغاني وأناشيد القطارات وبعضها مخصص للاطفال ، وبعضها الآخر للكبار ، الأولى كلها جميلة ومبهجة وتعليمية مفرحة، بخلاف الثانية وجلها حزينة وأحيانا كئيبة تتحدث عن ألم الوجد والفراق والسفر والوحدة والهجرة واللجوء ولعل “أغنية القطار الأسود ” التركية تأتي في مقدمتها ، تليها أغنية ” الريل وحمد “العراقية بقصتها المعروفة وكلماتها الشهيرة ، تعقبها أغنية ” قطر الحياة” المصرية ، و “سكة سفر” الكويتية ، ليحلق بي عالم القطارات بعيدا هذه المرة الى أشهر الروايات العالمية عن القطارات” جريمة في قطار الشرق السريع ، فتاة القطار ، قارئة القطار ، أطفال السكك الحديد ..” ومن ثم الى أفلام القطارات ” باب الحديد ، قطار سريع ، قطار الرعب ، قطار منفلت ، الراكب ، السعي الى الجزائر ، والاخير حلقة في سلسلة افلام شرلوك هولمز ” ، ومن ثم الى ألعاب القطارات الحقيقية منها والافتراضية وأشهرها ” لعبة صب واي سيرفر” على تطبيقات الهواتف الذكية والتي تم ابتكارها عام 2013 وانتجت منها سلسلة كبيرة تحظى حاليا بالتحديث المستمر فضلا عن المتابعة الهائلة في كل أرجاء العالم ولشدة تعلق الكثير من الشباب والمراهقين بها فقد نقلها بعضهم من العالم الافتراضي الى العالم الحقيقي في حوادث اثارت رعبا وقلقا ولغطا وامتعاظا كبيرا حين رصدت عدسات كاميرات المراقبة ناهيك عن كاميرات الهواتف النقالة تسابق العديد من المراهقين فوق عربات القطار بعكس الاتجاه اثناء سيره بين المدن والمحافظات في عملية محفوفة بالمخاطر والمغامرات غير محمودة العواقب ، فلعربات القطار ، ولسكة الحديد ، وللمحطة ، ولحقائب السفر وقع خاص على عقول وقلوب الكتاب والشعراء والقصاص والروائيين ، ولها تأثير كبير على الوجدان الانساني والذائقة البشرية بإمكانها أن تحدث من العصف الذهني والوجداني ما لايحدثه غيره ،ولكل واسطة نقل ميزاتها ومغامراتها ومشاعرها وأحاسيسها الجياشة إضافة الى متاعبها وهمومها ، أما عن أغرب ما طالعته عن القطارات فكان عن” اصطدام قطار العلاوي البطيء وسط العاصمة بغداد بسيارة أجرة قرب محطة تعبئة اليرموك ..واستهداف المقطورات العراقية بالحجارة من قبل الأطفال المشاكسين ، وأحيانا من الكبار المراهقين في بعض المناطق التي يمر بها طيلة مدة سيره من البصرة الى بغداد ، واصطدام القطارات بخراف الرعاة أو بحواجز عشوائية غبية تقام على السكة عرضا فيصطدم بها القطار اثناء مسيره بغياب شبه تام للقوانين الرادعة علاوة على الوعي الجماهيري والتي من شأنها تنظيم عمل القطارات والارتقاء بها الى أفق أرحب بعد أن صارت القطارات بما فيها مترو الانفاق الواسطة الأهم في مشاريع النقل الآمنة حول العالم ولاسيما ضمن مشروع “طريق الحرير”الذي تتسابق دول الشرق والغرب حاليا لمده ولمروره عبر أراضيها لما له من مردودات مادية ومنافع اقتصادية هائلة!
والحق يقال أن أشد ما لفت انتباهي وأثار إعجابي بعد هذه الجولة في رباعية ” السفر ، السكة الحديد ، المحطة ، القطار” ذلكم المشروع الخيري الرائع الذي أطلقته بالأمس (سواعد الاطعام – محلة روح غريبة ) في مصر الحبيبة والمخصص لإفطار الصائمين في شهررمضان المقبل داخل القطار على التمر والماء واللبن وبعض الاطعمة الخفيفة التي يجود بها الخيرون .
ولايسعني هاهنا الا أن اقترح اقتباس التجربة وتعميمها عربيا بل ودوليا خلال شهر رمضان المقبل ، أحله الله تعالى علينا باليمن والبركات غير فاقدين ولا مفقودين وتقبل الله تعالى صيامنا وصيامكم ، اقول اقترح تعميم التجربة في كل دولة لها منظومة نقل حديدية مهمة ومعتبرة اضافة الى مترو الانفاق وذلك لتوزيع طعام الافطار بين الصائمين في المحطات أثناء المغادرة والوصول والانتظار من جهة ، وداخل القطارات اثناء سيرها من جهة أخرى ، قبيل أو بعيد أن يحين موعد الافطار بحسب التوقيت المحلي لكل منها ، وأقترح ان تكون الوجبة المقدمة خفيفة عبارة عن ( صحن استعمال مرة واحدة توضع داخله قنينة مياه معدنية + قنينة لبن شنينة صغيرة + خمس تمرات + قطعة كيك أو لحم بعجين وماشاكل + موزة ..برتقالة ..قطعة حلوى “، وليضع كل مشارك وعامل ومنفق وداعم لهذا المشروع نصب عينيه قوله ﷺ” مَنْ فَطَّرَ صائمًا، كان له مِثْلُ أجْرِهِ، غَيْرَ أنَّهُ لاَ يُنْقَصُ مِنْ أجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ” .ومن ثم يغلف الصحن بالنايلون وتلصق فوقه قطعة كلينكس صغيرة معطرة + كيس نايلون لوضع المخلفات داخله بعد الانتهاء من الوجبة للحفاظ على النظافة العامة مكتوب عليها – حافظ على نظافة قطارك ومقطورتك – حتى لايتحول المشروع الخيري الجميل الى فوضى من النفايات بما يحمل عمال النظافة الافاضل -جل حبي وتقديري واحترامي لهم – عبئا مضافا الى أعبائهم الكثيرة بما يدفعهم الى الاعتراض على المشروع والمطالبة بإيقافه أو منعه عاجلا أو آجلا !
ورب سائل كريم يسأل هاهنا وحق له ذلك ” أليس ركاب القطار هم من المسافرين وقد أباح لهم الشارع الكريم اسوة بالمرضى الافطار في نهاره والقضاء بعد ذلك ، وأن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه ، كما يحب ان تؤتى عزائمه ؟!” والحق يقال بأن علماء الامة قد أفتوا بإباحة الفطر عند السفر لعموم قوله تعالى ” فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ” وبجواز اتمام المسافر صومه في حال لم يخش على نفسه مشقة ولا ضررا، لأن النبي الاكرم ﷺ وآل بيته الأطهار ، وصحابته الأخيار رضي الله تعالى عنهم أجمعين ، قد صاموا خلال الاسفار وقد أفطروا ، وبناء على ذلك فقد أجمع الامام مالك وأبو حنيفة والشافعي وغيرهم على ، أن ” الصوم أفضل لمن أطاقه بلا مشقة ظاهرة، ولا ضرر، فإن تضرر به؛ فالفطر أفضل” .
كما اقترح تعميم التجربة الرائعة لتشمل كراجات نقل المسافرين والمعتمرين وحافلاتهم في شهر رمضان المبارك ليعم الخير وتعمم الفائدة ، وحبذا لو يضاف لها بروشور – مطوية – جميلة وملونة وبتصميم رائع تتضمن (( أحكام المسافر في الصلاة والصيام ودعاء المغادرة والركوب والوصول )) .
ولله در القائل :
دع التكاسل في الخيرات تطلبها ** فليس يسعد بالخيرات كسلان