18 ديسمبر، 2024 8:03 م

الدستور فى دولة فاشلة

الدستور فى دولة فاشلة

ان مواد الدستور هى المرجعيه القانونيه التى تحدد وتنظيم ابعاد الصلاحيات لمختلف الاشكاليات التى تحصل فى مشاريع الدوله ومدى صلاحياتها وشرعيتها ويكون حكم مفردات الدستور قاطعه وتتولى اعلى السلطات القضائيه فى البت بها. والستور بهذا المحتوى له اهمية كبيره واساسيه, وهو فى الدول الديمقراطيه والدول التى لها تاريخ كبير يحضى بمكانه واحترام كبير من قبل جميع القوى المجتمعيه. لقد حصل ويحصل كثيرا فى رفض قوانين حكوميه من قبل المحكمه الدستوريه العليا لعم شرعيتها ويعاد النظر فيها او ترفض ولا تاخذ حيزا من العمل, هذا يعنى ان الدستور ليس مواد جامدهمعمره وانما تتفاعل مع تطور الدوله ومضامين الحياة.
ان اشكالية الدستور فى الدول الفاشله انه بالاهميه والمكانه التى يجب ان يتمتع بها وتكون فقراته ولوائحه ملزمه لجميع الاطراف. هذه الحاله تظهر بشكل جلى فى تعامل القوى السياسيه العراقيه التى تقوم بتطويع الدستور بما يتفق مع اهدافها وطموحاتها وتجتهد فى عمليات التفسير والتاويل وقد اصبحت هذه الحاله احد المشاكل الكبيره فى مدى استقلالية القضاء والتشكيك فى موضوعيته وحتى كفائته. فى واقع الامر لقد كتب الدستور خارج العراق من حقوقيين امريكان وتم طبخه والتصويت عليه واعتبر نافذا بسرعة كبيره. ان الدستور , كما يؤكد الخبراء والمختصيين بان الدستور العراقى ملغم بالتناقضات ويسمح بمساحات واسعه من التاويل.لذلك كان الدستور موضع خلافات كثيره لم يتم حلها دستوريا وانما تمت نتيجه لضعوطات سياسيه من قوى متمكنه فى العمليه السياسيه.
لقد بات واضحا حدة الخلاف حول موضوعية الدستور منذ انتخاب السيد الحلبوسى رئيسا للبرلمان ونائبيه وهل كان هذا الاجراء يتفق مع مفردات القانون والدستور, فى النتيجه كانت زوبعه فى فنجان لم تغير من وضعية الدستور. كان المفروض انتخاب رئيس الجمهوريه المرشح من الحزب الديمقراطى الكردستانى السيد خوشيار زيبارى فى 7-2 ولكن ذلك لم يحصل لعدم حصول النصاب, كما اخذ يتداول فى صلاحية البرزانى لرئاسة الجمهوريه, وقبل ان تعلن المحكمه الاتحاديه العليا قرارها بعدم صلاحيتة اعلن البرلمان فتح باب الترشيح فى يوم 9-2 وارتفع عدد المرشخين من24 الى 60 مرشحا. ان هذه المدد تعتبر ملزمه كما ان فتح باب الترشيح يعتبرها البعض غير قانونيه. لقد انتهى موضوع السيد الزيبارى من رئاسة الجمهوريه. مما لاشك فيه فان هذا القرار يمثل انتكاسه لتصورات الفادة فى كردستان وبشكل خاص السيد مسعود البرزانى واتهمت المحكمه بعدم الموضوعية وكان القرار سياسيا.
ان الاخبار تكشف عن مرشحا جديدا للحزب هو السيد ” ريبوار احمد” وزير الداخليه فى الاقليم, ان هذه الشخصيه التى اسمع بها لاول مره, كيف يمكن ان اقبل به ولا يعرفه بما يتناسب مع شخصية كبيره عامه ن يكون رئيسا للجمهوريه ولكنه, كما يشيد به السيد البرزانى بانه يجيد اللغه العربيه, حقا “عجيب امر غريب قضيه” رئيس دوله عربيه كردى اولا يجيد العربيه ثانيا, هل يوجد اكثر من هذا الدلال!! , كما يبدو فى حالة نجاحه فى تسليم رئاسة الجمهوريه سوف يطالب بتعويض الاضرار حجمها 380 مليار دولار التى اصابت الشعب الكردى من عدائية وعدوان صدام, وكان العرب العراقيين كانوا يعيشون فى جنات هاواى ونسائهم الجميلات. انتبهوا ايها العراقيون ما يحضر لكم رئيس جمهوريتكم المحتمل!! على اى حال فان تسميه رئيس الجمهوريه يجب ان يتم خلال 30 يوما من تاريخ انتخاب رئيس البرلمان. هذا يمكن ان يحصل ولكن سوف يتم تطويع الدستور للقبول بالامر الواقع. رفضت حكومةاقليم كردستان امرا اصدرته المحكمه الاتحاديه العليا يلزمها تسليم كامل منتج النفط على اراضيها للحكومه المركزيه واعتبرت قانونا لتنظيم العمل بالنفط والعاز مخالفا للدستور, علما بان شكوتين قدمت من وزير نفط سابق فى عام 2012 و2017 . كان رد فعل حكومه الاقليم بأن القرار غير عادل وغير دستورى, هذا يعنى سياسى وبفعل قوى سياسيه, وانها سوف تتخذ جميع الاجراءات الدستوريه والقانونيه لضمان وحماية جميع العقود المبرمه فى مجال النفط والغاز. ان كردستان لا تتخلى عن الحقوق المنصوص عليها فى الدستور العراقى, هذا تفسير متناقض.
من خلال رصد عمليات التجاوز على الدستور يصبح الدستور مجرد صورة لتجميل الحكومه والدوله باعتمادهم الدستور والقانون كدولة ديمقراطيه. ان الاختراقات وتأويل مواد الدستور وفقا لقوة الكتلة الحزبية والسياسيه النافذه اصبح عرفا مشتركا, يتفقوا على البغض منها ويختلفوا عن الاخرى مع وجود طريق خلفيه لتسليكها دون ان تثير احتجات شعبيه. ان الدكتور يحيى الكبيسى الذى كان دائما حريصا ودقيقا فى تقييمه للاوضاع والمجريات فى دوله المحاصصه, كان منذ انجاز عملية رئاسه المجلس النيابى ينتقد الاسلوب الذى تمت به التعامل مع مفردات القوانين, وهو محق فى ذلك, وكان ايضا ناقدا لقرار المحكمه العليا بعدم صلاحية السيد الزيبارى لرئاسة الجمهوريه , معتمدا على مبدا” المتهم بريء الى ان يتم ادانته”. ان هذا المبدأ القانونى وهو من بديهيات الققه القانونى, ولكن حينما يكون القانون قانونا يسرى على الجميع وتتوفر الاراده المجتمعيه فى احترامه والعمل به. ان هذا الشروط المثاليه التى ينطلق منه الدكتور يحيى الكبيسى لا تتوفر فى العراق حاليا لانها لم تكن موضع اهتمام المحتل الذى دمر الدوله ووضع الحواجز والعقبات لتطوير وعى ااجتماعى وقانونى, هذا يشمل ايضا قرارات المحكمه الدستوريه الاتحاديه والتى يجب ان تكون بالضروره سياسيه تتفق الى حدما مع المتطلبات الوطنيه وتكون قرارتها لها صبغة سياسيه. ان تهافت القوى والاحزاب فى العراق وتجربة المحاصصه المقيته قد دمرت الدوله واشاعت الفساد واخذ السلاح يحكم الدوله, فى هذه الحاله لابئس ان يحصل وعيا اجتماعيا وطنيا فى صفوف القضاة فى مختلف مواقعهم لتعطيل ووقف قضايا مثل خط انبوب نفط البصره- العقبه الذى ليس ضروريا وبكلف العراق ما لايستطيع سداده وكذلك بالنسبه لقضايا ميناء الفاو والربط السككى وتقديم المجرمين والفاسدين وسارقى المال العام الى المحاكم لينالوا عقوباتهم, وليس اخيرا اعادة النظر فى الدستور بما يتماشى مع ما حصل من عوامل تعاون وتقه بين السياسين العرب والكرد وايقاف العمل بشرط الاكراد فى حصول موافقه مدنهم التلاثه على اى محاوله لتصحيح مفردات متناقضة فى الدستور