حياة القمع والقسوة التي عاشها المجتمع العراقي لعقود من الزمن، خلقت شعوراً لدى معظم الناس بأن القسوة هي الحل الوحيد مع من يخالف القانون.
وأن استخدام الطرق القانونية في محاسبة المخالفين يعتبر نوع من التساهل والضعف في ملاحقة المجرمين.
بحيث ان الناس انفسهم اصبحوا يطالبون بالعقاب الفوري والشديد لمن يرتكب المخالفات.
الإحالة الى القضاء ومايرافقها من اجراءات، تكون طويلة في العادة، وعمليات الطعن والاستئناف قبل الوصول الى قرار الحكم النهائي وألاعيب المحامين الفاسدين الذين يبحثون عن ثغرات في القانون لمصلحة المتهمين ، تجعل المجرم في مأمن بانتظار الهرب او العفو او الاستفادة من صفقة بين السياسيين للخروج من السجن.
قوانين مابعد الاحتلال جاءت غريبة ومتساهلة في التعامل مع بعض الجرائم والنظر ” بإنسانية مفرطة” الى بعض الجرائم باعتبار العراق اصبح بلداً متحضراً وديمقراطياً وبعض قادته يعارض عقوبة الموت لاسباب أخلاقية وعقائدية!!!
جريمة المخدرات التي هي اخطر من الارهاب لانها تساعد في تفشي الارهاب، اصبحت عقوبتها أخف والغيت عقوبة الاعدام التي كان يطبقها النظام السابق والتي جعلت العراق من انظف الدول من حيث انتشار تجارة وتعاطي المخدرات.
البرلمان يرفض وبشدة تعديل الاحكام لكي تصبح أشد واكثر قسوة لانه برلمان يضم اكبر العقول السياسية والقانونية والفلسفية الليبرالية التي تؤمن بالمعالجات العلمية وليس الردع والعقوبة !!
القضية اصبحت خطراً على الجميع ومدمن المخدرات يفقد عقله ولايتورع عن القيام باي عمل للحصول على المخدرات ويمكن ان تستغله التنظيمات الارهابية المتطرفة لتنفيذ اعمالها العنيفة ضد المجتمع والدولة..
على المشرّعين العراقيين التخلي جزئياً عن نزعتهم الانسانية والحضارية ولو بشكل مؤقت لتشريع قوانين رادعة جداً لهؤلاء الحثالات..
النظر بواقعية مهم جداً ، الكثير من الناس لايؤمن ولايخاف الّا من العقوبات الصارمة والشديدة والفورية ، فلا ترسلوا لهم رسائل خاطئة تجعلهم يشعرون انهم بمنجى من العقاب او انهم فوق القانون او ان بإمكانهم الافلات من العقاب.
نحن نقترب من اكتمال العام ١٩ بعد الاحتلال ، هل نلاحظ ارتفاع في مستوى الثقافة القانونية؟ هل ساد حكم القانون واصبح الناس يراعون الحقوق والواجبات ؟
هل ان المدارس تزرع الثقافة القانونية واحترام القانون والنظام لدى التلاميذ؟
هذا كله غير موجود والمدارس تغرس الخرافات والخزعبلات في اذهان التلاميذ !!
بعض القائمين على الأمر من الكبار يمارس المخالفات علناً ويتلاعب بالقضاء ويتدخل في احكامه ( بعضهم اعترف في لقاءات تلفزيونية) ويحصل على امتيازات له ولعائلته وأقربائه بشكل غير شرعي، فكيف نتوقع من الفرد العادي احترام القانون؟