لااجيد كتابة كلمات الثناءات عن الاشخاص مادام الشخص متبؤا منصبا ، وجمعت شجاعتي للكتابة عن عراقي يستحق الثناء، والتي تربطني به رابطة صداقة امتدت ربع قرن ، الا وهو القاضي غضفر حمود الجاسم رئيس الادعاء العام الذي تقاعد من الوظيفة قبل ايام ، وهناك شقين ممكن تناولها بشخصه الاولى تتعلق بسلوكه كانسان والاخرى مهنية تتعلق بوظيفتة ، وان كلمة القاضي لاتعني مجرد شخص يقضي ويحكم بين الناس فحسب، بل تعني أولا وقبل كل شئ، النزاهة والاستقامة والعدل في الأحكام ، فإذا عدل القاضي في حكمه اكتسب ثقة المواطنين، وأمن الناس على أنفسهم وأموالهم ، وإذا ماانحرف في سلوكه أو وقف مواقف الريبة ، ساءت ظنون الناس في نزاهة قضائه، وفقد المجتمع ثقته في إنصافه وعدله، وكان ذلك مبعثا للفتنة والفوضى .
فوجدته يحمل كافة المعايير المدونة بسلوك القاضي النزيه ، اضافة الى ايمانه المطلق بالقضاء المستقل، ومدافعا عن استقلاليته بجرأة وصراحة، في أي مجلس مهما كان، وكان مدركا باعتبار قدسية القانون فوق كل اعتبار، ومتفهما للتنوع الموجود في المجتمع، وأن لا يسمح لتوابعه أو آخرين خاضعين لنفوذه ، أن يميزوا بين الأشخاص المعنيين في قضايا معروضة عليه، وعرفت بشخصه الشجاعة الأدبية بالجرأة على حسم المواقف ، واتخاذ القرار المناسب المستمد من القانون والعدل، والإيمان بالحق والإحساس بجسامة المسؤولية، معتبرا أن ذلك لن يتحقق إلا إذا مارس المهام على أساس تقديره الجيد للوقائع ، والتفهم الواعي للقانون، حسب ما يمليه عليه ضميره، ودون تأثير خارجي أو تحريض أو ضغط أو تهديد، أو تدخل مباشر أو غير مباشر من أي طرف كان، فقد كان مترفعا عن كل ما يشين عمله المهني، أو يقدح فيه، أو ينأى به عن الحق، لا يتدخل بشكل شخصي في الدعاوى، ولا يتوسط لقرابته ومعارفه، ولا يستغل منصبه في أي أمر يعنيه، وكان حريصا إلى عدم السماح لعلاقاته الاجتماعية أو الأسرية أن تؤثر في سلوكه أو أحكامه ومواقفه ، وكان من يصون مقومات الحياد، وامتنع عن الانتماء السياسي لاي جهة لانها تؤثر على الحيادية ، متخذا من المهنية والحرص، في سيرته، من خلال نزاهته، ونزاهة الجهاز الذي ينتمي إليه، والتحلي بكل الصفات الحميدة التي تجعله بمنأى عن كل طعن أو تجريح، ورغم صرامته، وجديته، ووقاره ، فإنه مع ذلك على خلق، يسع الجميع، ولا يخلو من ظرافة وطرافة، تأتي في بعض الأحيان في التعبير بابتسامات صادقة تطفي على الاجواء روح المداعبة والضحكة التي تدل على نقاء الذات وصدق الابتسامة ، هنيئا لك يا ابا زينب على هذه السمعه ، وهنيئا لك التقاعد .
[email protected]