أحرجني التصريح الذي أدلت به النائبة سهاد العبيدي لصحيفة (العالم الجديد) في أربعاء الإسبوع الماضي.. بل وأخجلني أيضاً، كشخص يحمل ذات اللقب الذي تحمله السيدة النائبة..
فمشكلة هذه النائبة القادمة من صفوف القائمة العراقية، والممثلة في عضوية لجنة الخدمات بمجلس النواب العراقي انها لاتعرف شيئاً عن الخدمات، أو قد تفهم بعض الشيء منها، لكن تحيزها الطائفي وتعصبها السياسي والفئوي، أعمى بصيرتها تماماً، فجعلها لا ترى حتى هذا الكم البسيط الذي تفهمه في مجال الخدمات!!
لقد صرحت هذه النائبة لمندوبة الصحيفة بأن(التحقيقات أثبتت ان رئيس الوزراء نوري المالكي منح عقوداً لأحد مستشاريه المدعو عصام الأسدي الذي يرتبط بشراكة تجارية مع نجل رئيس الحكومة)!وسأتوقف عند هذا الحد من التصريح ولا أريد أن أكمله، لأن فيه كلاماً آخراً يخرج عن حدود العقل وعن دائرة المنطق العام، كما يخرج عن مجال التصديق لأي مواطن عراقي بسيط فما بالك لو كان هذا المواطن نائباً، أو (نائبة)؟!
وللتذكير لا أكثر، اود ان اشير الى أن هذه النائبة (الكربولية أكثر من الكرابلة) كانت قد صرحت لجريدة السفير قبل شهرين تقريباً بتصريح (فطير) لايمكن أن يصدقه حتى مجانين (الشماعية)، وليس قراء السفير، أو الوزير.. والتصريح كما نشر نصاً:(كشفت النائبة عن القائمة العراقية سهاد العبيدي عن وجود أكثر من 100 مسشار في هيئة المستشارين لدى رئيس الوزراء المالكي، وإن رواتبهم بقدر راتب الوزير. وإن البعض منهم مجرد اسماء يأخذون الرواتب وفق الدرجات الخاصة – بقدر راتب الوزير- مضيفة بأن هؤلاء الذين لايداومون أثناء عملهم تابعون لأحزاب محددة)!! ياسلام عليك يا نابغة، ومفكرة عظيمة.. (أكثر من 100 مستشار) مرة واحدة..!!
يعني إحتمال أن يكون عددهم ألفاً، او ألفين، او ربما أكثر، ما دام الرقم الذي ذكرته النائبة الفلتة هو أكثر من مائة مستشار، والمشكلة أن هؤلاء (الذين لايداومون أثناء عملهم تابعون لأحزاب محددة)! وصدقاً أنا لا أعرف متى يداوم هؤلاء المستشارون، خصوصاً إنهم لايداومون أثناء عملهم كما تقول النائبة..فهل يكون دوامهم مثلاً بعد منصف الليل، إذا هم لا يداومون في النهار فعلاً؟
وما دام الأمر متعلق بالليل (والدوام)، فيقيناً أن السيدة النائبة تعرف دوامهم أكثر منا حتماً، لاسيما ان جميع المستشارين هم من الرجال كما يبدو!!
ولا أريد هنا إستعراض تصريحات أخرى لهذه النائبة المعروفة بدفاعها عن (الحزب القائد) دفاعاً مستميتاً، والمشهورة أيضاً بإلحاحها ومطالباتها الشديدة في مجلس النواب، وبعض وسائل الإعلام، بإقرار تعديل المساءلة والعدالة، وذلك بسبب وقوع أغلب أعضاء وجماهير القائمة العراقية تحت طائلة قانون المساءلة، كما تقول العبيدي شخصياً.. لذلك فهي ترغب بتعديله وإفراغ محتواه، خدمة (للبعثيين)، ولجماهير القائمة العراقية..!!
المهم دعونا الآن من هذه التصريحات المضحكة ومن غيرها وتعالوا معي لنناقش تصريحها الخاص برجل الأعمال عصام الأسدي، (المستشار) التجاري لرئيس الوزراء نوري المالكي، كما تقول نائبة الكربولي سهاد العبيدي، ولنحصِ سوية عدد الأخطاء والإسقاطات التي جاءت في تصريحها الذي لا يتعدي طوله السطرين لكي نعرف حجم الكارثة التي تحل بهذا البلد بسبب هذه المصائب والنوائب!!
فهي تقول في هذا التصريح 🙁 أن التحقيقات إثبتت أن المالكي منح عقوداً لأحد مستشاريه المدعو عصام الأسدي)! وهنا أجد في تصريحها أربعة أخطاء، وليس خطأ واحداً. أولها أن المالكي لايملك الحق في منح أي شخص مقاولة بسبعة دراهم وليس بمليارات الدولارات، كما تقول النائبة العبيدي! ولتأتينا بدليل واحد من ملف التحقيقات التي أجريت للمالكي إن كان كلامها صحيحاً.. أليست هي نائبة وعضو في لجنة الخدمات، ولها الحق في الإطلاع على التحقيقات الخاصة بعملها النيابي؟
ثانياً:أن (المدعو) عصام الأسدي ليس نكرة لكي ترمز له (بالمدعو)، فالرجل واحد من المع رجال الأعمال في العراق. وسواء كنا معه أو ضده، فهذا لايمنع من الإعتراف بالمعيته وشهرته في البلد. فكيف إذن تسميه النائبة (المدعو)؟
أما الخطأ الثالث الذي وقعت به النائبة المحترمة (جداً)، هو ان (المدعو) عصام الأسدي لا يعمل مستشاراً للمالكي قط، وأنا على إستعداد أن أدفع نصف عمري إن جاءت لنا بقصاصة ورق صغيرة تؤكد عمل الأسدي مستشاراً للمالكي!!
أما الخطأ الرابع، فيتعلق بشراكة الأسدي مع نجل المالكي.. وهذا أمر مضحك للغاية، فالحديث عن نجل المالكي بهذه الأسلوبية هو تسقيط سياسي وإنتخابي واضح.. وأنا لا أدافع عن نجل المالكي إنما أريد وأطالب بعدم إشراك هذا (الفتى) في كل المصالح والأعمال والنشاطات والشبهات التي تحوم حول عمل الحكومة العراقية – التي فيها من قائمة العبيدي اكثر من وزير -!! لإن في هذا ظلماً، وتجنياً على شاب عراقي، كل مشكلته أنه أصبح (إبناً) لرئيس وزراء في دولة فيها جميع السياسيين يريدون أن يكونوا رؤساء وزراء، بينما هناك كرسي واحد لهذا المنصب لا غير !!
إن تصفية الحساب مع المالكي سياسياً، أو إنتخابياً، لايمنح خصومه الحق في جر أسماء شريفة، ومحترمة مثال إسم عصام الأسدي المعروف بأنشطته الخيرية، ومواقفه الوطنية والإنسانية الكثيرة الى وحل الملعب السياسي والإنتخابي.. فهذا الأمر والله حرام، وعيب، وكارثة في كل المعايير الأخلاقية والوطنية.. كما لا يمنحهم هذا التنافس الحق في إشراك نجل المالكي في كل المعارك التي يخوضها السياسيون العراقيون ضد نوري المالكي لأن في هذا الأمر وساخة وسفالة سياسية واخلاقية كبيرة. ختاماً اقول للنائبة سهاد العبيدي:-
تذكري أيتها النائبة المحترمة جداً، أن لك سجلاً مخجلاً، فلا تجبري الآخرين على إعلانه.
كفاك تسقيطاً للآخرين.. وكفاك غرفاً من المستنقع الآسن ..!!