18 ديسمبر، 2024 9:42 م

أطلبوا البنزين ولو في الصين !

أطلبوا البنزين ولو في الصين !

الحكاية تقول ” أن رجلا وزوجته كانا في نزهة بإحدى الغابات . هجم عليهم أربعة من الأشقياء وأخذوا زوجته الى ناحية وبدأوا بإغتصابها أمام عيني الرجل الذي لم يحرك ساكنا . وبعد أن إنتهوا منها هربوا . فقالت الزوجة لزوجها ” يا رجل لماذا تركتهم يغتصبونني ولم تفعل شيئا “؟. فقال ” يا إمرأة ، كنت أحمل بيدي مسدسا ، وفي الأخرى أحمل بندقية . فهل أنا ديك حتى أقاتلهم بمنقاري “؟!!! .

نشر مؤخرا خبر يفيد بأن العراق إستورد أكثر من أربعين مليون متر بنزين من الصين !. وخبر آخر يفيد بأن وزارة كهرباء إقليم كردستان أوقفت عدة محطات لتوليد الطاقة الكهربائية بسبب شحة وقود التشغيل !. والخبر الثالث يفيد بأن السيد وكيل وزارة الكهرباء بالحكومة العراقية يجري مباحثات مع وزير الطاقة القطري لشراء الغاز من أجل تشغيل محطات الكهرباء في العراق !.

هذه الأخبار تتوارد في وقت تصدر الحكومة العراقية يوميا أكثر من ثلاثة ملايين ونصف مليون برميل من النفط يوميا ، وإقليم كردستان يصدر أكثر من نصف مليون برميل أيضا.. أما بالنسبة للغاز فقد أشارت التقارير مؤخرا الى إمتلاك إقليم كردستان لكميات تتجاوز عدة تريليونات متر مكعب من الغاز !.إذن ، ياترى ما سبب أزمة الوقود والكهرباء في العراق الذي يحوم على بحر من النفط ومحيط من الغاز ؟!.

قبل أن أجيب على هذا السؤال ، أود أن أضيف بأن إقليم كردستان يعاني منذ عدة أشهر من أزمة حادة للوقود حيث وصلت أسعار لتر البنزين الى أرقام قياسية ، فيما تسجل أسعار أسطوانة الغاز السائل أيضا إرتفاعات مستمرة ، وفي خضم كل ذلك يفتقر المواطنون في هذا الفصل القارص الى النفط الأبيض للتدفئة ما يدفعهم الى شرائها من السوق السوداء بسعر يفوق سعر برميل النفط الخام المصدر ، ناهيك عن تقليل تجهيز بيوت المواطنين بالطاقة الكهربائية الذي وصل الى الحضيض أيضا .

ويقال والعهدة على الراوي أن نسبة كبيرة من الطاقة الكهربائية المنتجة في كردستان تباع الى محافظات عراقية خارج الإقليم ، فيما يتم تصدير كميات هائلة من الغاز السائل من كردستان الى أفغانستان وتباع هناك . وأعتقد بأن جواب السؤال أعلاه أصبح واضحا من دون تعليق .

إن الإدارة السيئة والفاشلة في كل من الحكومة الإتحادية وحكومة إقليم كردستان هي السبب الأساس في الأزمات المعيشية التي يعاني منها المواطنون هنا وهناك ، فإدارة الإقتصاد وتحويله من الإقتصاد المركزي الى إقتصاد السوق السائب أدى الى إستفحال تلك الأزمات التي لاتوجد لها حلول منطقية ، فالشركات هنا وهناك باتت تسيطر على حركة السوق وبشكل فوضوي ، والأحزاب السلطوية تمتلك ميليشيات مسلحة قادرة على فرض نفسها على السوق ، والإدارة العليا هنا وهناك غارقة في الفساد وإستنزاف الموارد من دون أية خطط تنموية إستنهاضية للبنى التحتية ، فهل يعقل بعد مرور مايقرب من عشرين سنة من سقوط النظام الشمولي الدكتاتوري أن تعجز الحكومة الاتحادية عن بناء عشرين مصفاة للنفط في جميع محافظات العراق مع بناء محطات لتوليد الطقة الكهربائية في كل محافظات البلد وتوفير الوقود اللازم لتشغيلها ؟.

وهل يعقل أن مستثمرا واحدا يبني محطة لتوليد الكهرباء بإقليم كردستان بماله الخاص ، وتعجز حكومة الإقليم بمواردها الهائلة من بناء ثلاث محطات مماثلة في كل محافظة من محافظات الإقليم ؟. هل يعقل أن تلجأ الحكومة العراقية لشراء الكهرباء من إيران والسعودية وأن تستورد الغاز من قطر وإيران في وقت تمتلك محافظة السليمانية أكبر حقول الغاز في المنطقة ؟. هل يعقل أن لايشبع مسؤولو العراق وإقليم كردستان من كل ما سرقوه ونهبوه وسلبوه من ميزانيات الدولة ومن واردات النفط والضرائب الجمركية ، ويبخلوا على أبناء شعبهم ما يدفئون به بيوتهم وما ينير شوارعهم ودورهم ؟!.

إن ما يجري في العراق وكردستان جريمة كبرى وهي بحق جريمة ضد الإنسانية ، لأن من أبسط حقوق الإنسان على الدولة هو تأمين العيش الكريم واللائق وتوفير الخدمات الأساسية له وتخفيف الأعباء المعيشية عنه وعن عائلته ليعيش بكرامة ؟!.

إن الانتخابات تجري ونفس الوجوه والأحزاب والكتل تستأثر زورا وتزييفا بالسلطة دون أن تجري أي تغيير . رؤوساء يأتون ويذهبون ويأتي آخرون والأزمات تستمر دون حلول !.

إن العراق بكردستانه تحول الى جحيم مستعر لم يعد قابلا للإحتمال ولهذا ترى كل يوم أفواجا من شباب البلد يخاطرون بحياتهم ويخوضون البحار والجبال الجليدية بحثا عن موطن آمن توفر لهم سبل العيش الشريف . فلماذا والى متى يبقى حال العراقيين هكذا .. الى متى ؟؟؟؟.