1 ــ لنسافر في الذاكرة, نتوقف في محطاتها السوداء, نعد الهزائم والأنكسارات ثم نرجم اطلال الحثالات, وسيماء الخيانات على الوجوه الملوثة, بفضائح الفساد والأرهاب, نبحث عن نقطة حياء, في ضمائر الذين, باعوا الأرض والعرض, كذبوا على الله الذي يعبدون, وخذلوا المكونات التي يمثلون, ولم يستبقوا في وجع الذاكرة العراقية, سوى ان الثامن من شباط 63 الأسود, كان اول الأحتلالات الأمريكية والأختراقات الأقليمية, والأب الشرعي لكامل النكبات, التي كان ختامها, دستور سمسار وديمقراطية عاهرة, وجلاد يستورثنا من جلاد, وبهائم مجاهدة اكلت اخضرنا ويابسنا, وتركت لنا حصرم (المامش), تريد بقذائفها ومسيراتها وذخيرتها الحية, ان تمسح ظل جيل وطني “يريد وطن” كان يمكن ان تتعلم منه صناعة الحياة, والعيش بسلام, وتتعلم منه دينها ومذاهبها وتهذيب عقائدها وشرائعها واحترام النساء.
2 ــ امريكا التي اسقطت المرحلة ــ القومية البعثية ــ لأغراضها ومصالحها, هي ذاتها التي سلطت علينا الأسوأ, هجين بربري للأسلام السياسي, نتغرغر بالسؤال المر, ان كان الأسلام دين سماوي, فأين موقع السياسة منه, ان كانت السياسة سماوية ايضاً, فلماذا يعيشها الأنسان العراقي, فنون وضعية للأحتيال والخديعة والوقيعة, مغموسة بأشد غرائز التكفير والألغاء, في القتل والسبي والخطف والتعذيب والتغييب وهتك الأعراض, ثنائية اللامعقول تلك, وضعت العربي والمسلم الأخر, في مأزق الجواب مقطوع اللسان, العراقي المتشيع صدفة, اشعل حرائق الشك بين الحقيقة والنص, وفي حراك فاعل, يفتت الآن جليد العواطف العمياء, وبوعي مجتمعي جامح, يعيد قراءة تاريخه, كي يعيد كتابته, طريقاً الى الله والذات.
3 ــ الأنسان العراقي, الذي يولد الآن من ارحام اعرق الحضارات, جيل تشريني جديد, سيبدأ من اسوأ محطات التاريخ الحديث, من الأحتلال الأمريكي الأول, في الثامن من شباط 63, وحتى الأحتلال الأخير في 09 / نيسان 2003, مروراً بالذكرى المؤلمة, في تدمير اول ثورة تموزية وطنية, وتصفية اول حكومة وطنية, وزعيم نزيه كفؤ شجاع, انحاز ولأول مرة في التاريخ الوطني, الى فقراء العراق, حيث كانوا يشكلون اكثر من 85% من السكان, كان يسمى الزعيم عبد الكريم قاسم, ولا زال يسمى الزعيم عبد الكريم قاسم, زعيم غير مؤدلج كما هم ثوار الأول من تشرين, وعلى صخرة وطنيته ونزاهته وحبه للعراق, تكسرت كل الرموز الهشة للعملاء, من 08 / شباط 63 الأسود, وحتى 09 / نيسان / 2003 الأكثر سواداً.
4 ــ ثوار الأول من تشرين 2019, حلوا اللغز المقفل كمحارة على ذاتها, منذ اكثر من (1400) عام, ورفعوا العتمة السوداء, عن “السراط (الطريق) المستقيم” امام المواطن العراقي, الى ربه والوطن, لنؤبن بقوة الحزن العراقي, شهداء ثورة الرابع عشر من تموز 1958, وشهداء ثورة الأول من تشرين 2019, نعاهد المشروع الوطني للثورتين, ان نكون الى جانبه, بالوعي والمشاركة ان استطعنا, فرموز فساد العملية السياسية الراهنة, الذين (عبثاً يحاولون) انهاك الأول من تشرين, هم ذاتهم من اغتالوا ثورة 14 / تموز, وزعيمها الوطني, لنقطع ذيول المتدخلين والولائيين, لنرفع خارطة العراق التاريخية, من تموز 58 حتى الأول من تشرين 2019, كي تقتنع امريكا والجوار, ان الشعوب التي تحترم انفسها واوطانها, لا تنفع معها الذيول, فتسحب عفشها وترد التحية بأحسن منها, ان القى العراق تحيته.
ـــ تحية للرابع عشر من تموز 1958