وإلى أين نذهب وكيف نمضي , وما نحتاجه للتفاعل مع المسالك الوعرة , والعثرات والكهوف والوديان والأنهار والبحار والمحيطات , التي يجب أن نعبرها لكي نتواصل في المسير.
نعم علينا أن نعرف طريقنا!!
فلا يمكن للأمم أن تكون وتنجز إرادتها من غير معرفة ودراية بدروبها , وقد جاهد الإنسان منذ العصور القديمة في سبيل معرفة طريقه , وسلوك المسارات الصالحة للحفاظ على حاضره ومستقبله.
فانطلقت الفلسفة والثقافة والفكر والعقائد بأنواعها , وجميعها تشترك في محاولات إدراك الطريق , الذي على المجتمع الإنساني سلوكه , لتحقيق غايات منظورة أو غير منظورة.
وقيمة الأمم والشعوب تتوافق مع معرفتها بالطريق الذي ستسلكه , لأن المعرفة تجعلها تستحضر الإستعدادات اللازمة للمسير الآمن والناجح والمتفوق.
وما يجري في الواقع القائم بمنطقتنا يؤكد أمية الطريق هي السائدة , وأن الموجودات تتحرك بعشوائية وكأنها الغبار في العاصفة!
وهذا خلل حضاري له نتائجه الصعبة القاسية , لأنه يعني بأن الأمة تائهة تتناهبها أمواج المصالح والقدرات , وتعبث بشراع وجودها الرياح أنّى تهب وتتجه.
ويشير إلى إصابتها بالغثيان والإضطراب السلوكي والفكري , لغياب القدرة على الإستقرار والبحث والنظر , والتفكير العميق بالتحديات والقدرات اللازمة للمواجهة وتقرير إتجاه المسير , مما يفقدها القابلية على المناورة والتكتيك للبقاء والنجاح والإنتصار , والوصول إلى غاياتها.
إن الإرتكان إلى حالة الإستسلام لمهب الريح , يجرد الأمة من قدرات الحفاظ على ذاتها وإبراز هويتها الإنسانية , وتأكيد وجودها ودورها وتأثيرها.
وما عليها إلا أن تعيد إستكشاف طريقها , وإطلاق ما في عقولها من الأفكار الإنسانية اللازمة للوصول إلى مسيرة البحث العلمي , الضرورية لبناء نواظير الإدراك وأبراج المراقبة الحضارية , لتأمين الإنطلاق في دروب الحياة الأرقى , وتعبيدها بالآمال والطموحات , وتوفير قدرات التفاؤل اللازمة لماكنة الصيرورة والإزدهار.
فهل سنعرف طريقنا لكي نمشي بثقة وأمان وإيمان على التفاعل المعاصر الوهاج؟!!