خاص: حاورته- سماح عادل
“محمود الغول” كاتب صحفي وروائي وقاص مصري، صدرت له العديد من المؤلفات منها “العبيد”، و”المواطن زيرو”.تتميز كتاباته بحس السخرية اللاذع، الذي يضحك القلب، ويخاطب العقل برسائل جذابة.
كان لنا معه هذا الحوار الشيق:
**متى بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطور؟
– أنا نفسي لا أعلم على وجه التحديد متى وكيف حدث ذلك، فقدت ولدت في قرية صغيرة بمحافظة الجيزة، ولم أجد حولي أحد يحب القراءة أو الكتابة، لكنني خضت رحلة للبحث عن مصدر ذلك الشغف الذي اعتراني وأصبح هو كل ما أفعل في حياتي، فتذكرت كيف أن أمي كانت توقظني في جوف الليل لنستمع سويا إلى ما يقدم من حكايات ومسلسلات في الإذاعة المصرية، وخصوصا البرنامج الثقافي وبرامج مثل “أساطير من الشرق والغرب” والمسرحيات العالمية المترجمة، ما فتح أمامي الباب السحري المؤدي إلى الخيال، فمع هذه البرامج والأعمال كنت أنا المصور والمخرج ومهندس الديكور.. فمع حاسة السمع فقط يجب عليك إعمال باقي حواسك – ولو افتراضيا – لتتخيل كيف يكون شكل الشخصية من ملابس وملامح وحركة وانفعالات..
وفي مرحلة متأخرة من الطفولة تعرفت إلى عالم القراءة عن طريق جار لنا، كان مهندسا في الجيش المصري، وكانت تأتيه الجرائد والمجلات والكتب، فكنت أطالعها من باب الفضول حتى أنني قرأت دورية مثل “السياسية الدولية” في عمر صغير ولم أكن أعي ما فيها من موضوعات، فأتذكر حين قرأت مقالا مطولا عن الصواريخ البالستية، فظننت أن الكاتب قد أخطأ وأنه يقصد الصواريخ البلاستيكية..
أما رحلتي مع الكتابة فبدأت بسبب أكياس أحد المقرمشات الشهيرة آنذاك وهي “الكاراتيه” فعلى العبوة كانت هناك معلومات مكتوبة بلغة بسيطة وسهلة تتحدث عن أغرب الأشياء والمعالم السياحية وغير ذلك من معلومات شيقة، فقلت لماذا لا يكون لدي ما أكتبه ويكون بمثل هذه الرشاقة والتشويق..
وفي السنة الأولى بالمرحلة الإعدادية، كنت أعد مجلة خاصة، وهي عبارة عن “كراسة” أكتب فيها موضوعات ومقالات في مختلف المجالات مصحوبة بصور أقصها من المجلات والجرائد، فضلا عن قصص قصيرة جدا كنت أكتبها عن بعض الشخصيات الحقيقية التي عايشتها في قريتي أو هؤلاء الوافدين إليها كبائعي الخضروات أو الرجل الذي يسن السكاكين والسيدة التي اشتهرت بين أهالي القرية بأنها حسودة، وكذلك حكايات عن “الغجر” أو هؤلاء الغرباء الذين يأتون إلينا كل عام في نفس الموعد ليرعوا أغنامهم ويبيضوا النحاس ويضربوا الودع وأشياء أخرى كثيرة يتكسبون منها أرزاقهم..
أما في المرحلة الجامعية، فكنت مغرما بترجمة مسرحيات شكسبير وتمصيرها بشكل فكاهي، فأحتفظ بأسماء الشخصيات مثل “حلم ليلة منتصف الصيف ” التي تصورتها تدور في إحدى القرى بريف مصر، وأعتقد أن إعجاب زملائي بهذه الترجمات المضحكة هو ما جعلني أغرم بالكتابة الساخرة.
ثم جاءت مرحلة العمل الصحفي، بعد تخرجي في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وأصبحت لا أفعل شيء في حياتي سوى الكتابة، ففي العمل أكتب الأخبار والتقارير وأجري الحوارات وأصيغها، وفي وقت الفراغ أكتب القصص القصيرة الساخرة..
ولأنني في الكتابة أشعر بالغيرة تجاه أي “كتابة حلوة”، فكلما قرأت شيئا أعجبني حاولت كتابة نظير له، لهذا أكتب في أي مجال، وربما جاء ذلك على حساب “جودة” ما أكتب، فأنا أعشق التجريب ولا مانع عندي في أن أكتب الساخر والرعب والخيال والدراما، سواء كان ذلك مجرد خاطرة أو قصة أو رواية أو عمل فكري، لكنني فقط لا أجرؤ على كتابة الشعر وأراه أصعب فنون الكتابة وله قدسية يجب ألا يقترب منها سوى المتمكن الموهوب.
** في رواية “العبيد” ما مدى اقتراب الأحداث من الواقع وهل بالفعل عاني الناس الذين استعبدوا في عصور سابقة من العنصرية؟
– رواية “العبيد” تمزج الواقع بالخيال، وكان الهدف الأساسي من كتابتها هو توثيق “الفلكلور” والعادات والتقاليد الخاصة بالقرية التي ولدت وتربيت فيها حيث قضيت سنوات عمري الأولى، خصوصا ما يتعلق بالمآتم والأفراح والمناسبات المختلفة مثل العودة من الحج والطهور، وكان الدافع المحرك لهذه الكتابة حين حضرت أحد الأفراح ووجدت شابا يقف وأمامه جهاز كمبيوتر “دي جيه” يبث أغاني شبابية – آنذاك – بينما عادة أفراحنا خاصة وأن مجتمع القرية يغلب عليه الطابع البدوي فمعظم سكانه من أبناء القبائل العربية التي هاجرت إلى صعيد وغرب مصر ثم عاودت الكرة مع هجرة داخلية فاستقرت في هذه البقعة من محافظة الجيزة..
أقول إن عادة أفراحنا تعتمد على الفلكلور والأغاني البدوية مثل المجردة وهي أغاني طويلة يغنيها أحدهم ويرد عليه الشبان في ما يشبه الكورس، وكذا اسلامر حيث يتجمع الشباب والرجال مساء فيغنون جملا قصيرة يقودهم شخص واحد يغني جملة قصيرة فيرد عليه الحضور بجملة أخرى على نفس الوزن والقافية..
كثير من مظاهر الحياة التي اختفت واختلفت، دفعتني لمحاولة توثيق تلك الحياة التي كادت تندثر، وكان الإطار الرئيسي للحكاية حول شاب أسود عانى أجداده من العبودية والعمل في خدمة “الأسياد”، مع التطرق لكثير من المشاكل الأخرى التي يمكن أن يعاني منها مجتمع صحراوي يعتبر معبرا لتجار المخدرات والسلاح والآثار من الصعيد إلى القاهرة.
** في رواية “العبيد” رصدت معاناة المرأة المضاعفة خاصة حين تكون عبدة حدثنا عن ذلك؟
– في المجتمعات المنغلقة وخصوصا في العقود الماضية، تعامل المرأة على أنها أدنى من الرجل، فلا يحق لها التحدث وإبداء الرأي لأن ذلك – في العرف – يجلب العار على الرجال، لهذا فهي دوما مفعول بها لا ورد فعل لا فاعل، ويختلف الأمر من عائلة لأخرى ومن بيت لآخر لكن تظل المعاناة موجودة وقائمة..
حين كنت صغيرا، كان الشاي يعد على ثلاثة مراحل، الأولى شاي “ثقيل” يشربه الرجال، ثم نفس الآنية يضاف إليها ماء على الشاي القديم لإعداد “دور” ثان للنساء، ثم دور ثالث “خفيف” للأطفال.. ورغم أن الأمر كان يعزوه البعض إلى أن النساء لا يستطعن تحمل مرارة الشاي الثقيل إلا أنني كنت أرى في ذلك تميزا سلبيا، وهذه مجرد ملاحظة رمزية كانت البداية التي لفتت نظري إلى أنني أمام عالمين، أحدهم خاص بالرجل حيث لهم مطلق الحرية في ما يفعلونه، مع التزامهم طبعا بقانون عرفي يحاسب المخطئ، وعالم النساء حيث لا يمكن لإحداهن التمتع بالحرية الكافية لأن تعبر عن نفسها.
مثلا في مسألة الزواج لا يحق للفتاة أن تبدي رأيها في من تتزوج، وهل تقبل أم ترفض، فمثل هكذا أشياء تجعل المجتمع ينظر لها على أنها متمردة وعاصية ويجب عقابها، كذلك كما نعلم في مسألة المواريث فالكثير من الأسر لا تورث بناتها، وإن حدث وورثتهن فإن التركة الخاصة ب الفتاة تظل مجمدة وتحت تصرف شقيقها أو أحد رجال العائلة..
أما في مسألة التعليم، فالكثير من الأسر لم تكن تحبذ تعليم الفتاة، خصوصا وأن الزواج هو المصير المحتوم، فلماذا نهدر المال والجهد والوقت في شيء غير مفيد..
لكن كل هذه الأمور باتت أقل حدة، فمعظم البنات يحصلن على فرص أفضل للتعليم، لكن قد تنتهي الرحلة عند مرحلة ما قبل الجامعة أو التعليم الفني، مقابل عدد أقل منهن يحصلن على فرصة تلقي تعليم جامعي، ويتوقف ذلك على مدى وعي واهتمام ولي الأمر.
** لما اخترت أن يكون البطل إشكاليا؟
– لا أخفيك سرا حين أقول إنني لم أختر شيئا، فالكتابة بالنسبة لي مغامرة أخوضها دون إعداد، ففي معظم كتاباتي أترك لخيالي عجلة القيادة، وكل ما أفعله في مرحلة الإعداد أو ما قبل الكتابة يتمثل في الكثير من التفكير والانشغال بالحكاية وبأبطالها الذين يفرضون أنفسهم عليا فرضا، وحين أشرع في الكتابة أصبح كما “العرضحالجي” الذي يملي عليه صاحب الشكوى حاجته فيصيغها بالشكل المقبول الذي يمكن للمتلقي أن يفهمه..
في “العبيد” مثلا، كان “بلال” خليط من شخصيات كثيرة قابلتها، بل إنه يحمل قبسا من روحي، فقد استنفدت كل الإمكانات المتاحة لي في المكان الذي ولدت فيه ثم وجدتني أشعر باغتراب داخله، فأحلامي وآمالي كانت أبعد.. لهذا فإنني لا أكذب حين أقول إن “بلال” يمثل كل الباحثين عن الحرية بكل معانيها.. الحرية في الرأي والتعبير وتقرير المصير والاختيار.. “بلال” هو كل من حاول كسر الأسوار والقيود الاجتماعية بحثا عن ذاته، فهو ذلك الشاب المتمرد الذي راح يبحث عن الحرية في المال أو السلطة والنفوذ، تماما كما بحثت عن حريتي في الكتابة والسفر إلى خارج حدود القرية التي لولا الخيال لما ظننت بأن هنالك عالما خارجها..
** تكتب القصة القصيرة وتكتب الرواية أيهما تفضل في التعبير عن ذاتك؟
– لأنني شخص يتعلق بالأشياء، أفضل الراوية لأنها توفر لي وقتا أطول للتعايش مع أبطال الحكاية، كما أنها وسيلة أسهل في توصيل الأفكار، لكنها عمل مرهق للغاية، من حيث بناء الشخصية وتراتبية الأحداث وربط مختلف العناصر بشكل محكم وسلس لتصبح الكتابة كما “تسبيك” الطبيخ، بتحويل كل مكوناته إلى منتج نهائي متمازج ومتجانس..
أما القصة فهي مستوى آخر وعمل ممتع، فيها أضع الكثير من الألغاز لقارئ لديه القدرة على قراءة ما بين السطور..
وفي أيامنا هذه مع ندرة القراء – الجادين – تبقى القصة ملاذا لكاتب يتغذى على النقد، ولا أقصد ما يكتبه النقاد المحترفون، بل نقد القارئ العادي الذي يعبر عن رأيه في الكتابة دون قيود مسبقة تتعلق بقواعد ومفاهيم ومصطلحات..
** في رواية “المواطن زيرو” حكيت عن البطل “حافظ” الذي تحيره الأسئلة احكي لنا؟
– هذه أيضا يمكن تصنيفها على أنها “تجربة ذاتية”، فبطل الحكاية “حافظ” هو أنا وكل أبناء جيلي، ممن تربوا على أن الأوامر الصادرة ممن هم أعلى منا رتبة (جد- أب- أم- عم- رجل كبير- أخ/ أخت أكبر- مدرس- شيخ الجامع….) يجب أن تنفذ دون نقاش، ولم يكن يزعجني في حياتي شيئا بقدر ما كان يزعجني أن أفعل شيء لا أفهم الهدف منه..
في مسألة “الجنس” مثلا، كنا نلقن دون وعي أن الجنس حرام بشكل مطلق، لم يقل لنا أحد أن ممارسة الجنس يجب أن تتم في إطار مقبول اجتماعيا وشرعيا – الزواج – لهذا تربينا على أن الجنس حرام، وبما أن الجنس يمثل لذة كبيرة، فقد استقر في وجداننا أن الجنس لا يمكن أن يكون جيدا ولذيذا إلا إذ تم في الخفاء ومع شريكة لا يعلم الناس عنها شيئا، وربما كان ذلك سببا في فساد كثير من الزيجات، فالرجل لا يشعر بلذة حين يكون في علاقة حميمة مع زوجته لأن ذلك – ببساطة – ليس أمرا سريا فالجميع يعلم بهذه العلاقة حتى والد الزوجة نفسها.. ذلك يشبه عمل اللصوص، فاللص أحيانا لا يسرق الأشياء السهلة، إنما يسيل لعابه أكثر كلما كانت هناك مخاطرة أكبر وإثارة أكبر.
وفي الرواية نفسها هناك موقف واقعي جدا، فحين كنت طفلا في الكتاب عاقبني المحفظ لأنني سألت عن معنى آية، وقال لي إنني يجب أن أحفظ وأسمع دون نقاش، وكذلك الحال في المدرسة الابتدائية، فتلك أوامر يجب تنفيذها دون استفسار أو محاولة للفهم..
“المواطن زيرو” هو ذلك الحائر الباحث عن إجابات.. ذلك الذي يحاول أن يفهم وليس ذلك من باب المعارضة لكن هو فقط يريد أن يفعل الأشياء بوعي، يريد أن يجد الحكمة في كل ما يدور من حوله حتى يرضي فضول عقله المتنامي.
** في مجموعة “مر.. حلو أحيانا” كتبت في المقدمة “هذه حكايات رجل مخلص للكتابة خائن للنص” ماذا كنت تعني بذلك؟
– هذا باختصار يعود إلى أنني لا أفعل شيء في حياتي سوى الكتابة، ففي عملي الصحفي أكتب، وحين اختلي بنفسي أكتب الأعمال الأدبية والفكرية، وحين أمل من كل ذلك أكتب التغريدات والمنشورات في مختلف منصات التواصل الاجتماعي، ولهذا فأنا مخلص للكتابة، التي كثيرا ما أفضلها عن باقي الأشياء الضرورية في حياتي، فقد أعود إلى البيت جائعا وأجلس أكتب لأن هناك فكرة تصارعني ولا أريدها أن تصرعني..
أنا أكتب لأن قدري الكتابة..
أما مسألة خيانتي للنص، فذلك يعود إلى أنني لا أبذل الكثير من الجهد لمراجعة وضبط ما أكتب، فكما تعلمين “الكتابة هي إعادة الكتابة” وأنا لا أفعل ذلك، إلا نادرا، ومعظم ما كتبت من قصص قصيرة كان في جلسة واحدة، أكتب القصة كدفقة مستمرة بلا توقف، وفي الرواية أكتب بقدر ما استطيع في جلسة واحدة، ثم أكمل الكتابة في الجلسة التي تليها دون أن أراجع ما سبق وإن كتبته من أجل تحسين جودة الكتابة وضبط المفردات وتصحيح الأخطاء..
لهذا أنا مخلص للكتابة (أكتب دوما ولا أفضل على الكتابة شيء آخر) وخائن للنص (لأنني لا أعطيه حقه في المراجعة والتدقيق والتحسين).
** في مجموعة “مر.. حلو أحيانا” لديك حس سخرية مميز.. كيف توظف السخرية في كتابة النصوص لديك وعن ماذا تعبر؟
– أنا أداوي مرارة الأيام بالسخرية، ولأنني مصري والمصري قرين الضحك والسخرية، فسعادتي تكمن في أن يقرأ لي أحدهم شيئا ويضحك، وأعتبر أن الضحك أصدق من البكاء، إذ يمكنك بكل بساطة أن تميزي بين الذي يضحك من قلبه وذلك الذي يجاملك بضحكة مصطنعة، أما في البكاء فقد تخدعنا الدموع.
ولأنني في حياتي شخص يعشق السخرية – دون تجريح – أجدني دوما أكتب لأبرز التناقضات، والسخرية طريقة مهذبة للاعتراض والمعارضة والإشارة إلى عورات البلاد والعباد بشكل “لطيف” وقد يقبله الناس ولا يعتبرونه نصحا مباشرا.
**هل واجهتك صعوبات في النشر، وما رأيك في أحوال النشر في الوقت الحالي؟
– حظي أنني قابلت ناشرين وليس تجار منذ أولى تجاربي، وأولهم هشام أبو المكارم، صحفي وسيناريست، والذي أعجب بما قرأه لي فنشر لي أول أعمالي وهو “نوفيلا” بعنوان “الرئيس الحمار” وكان ذلك في عام 2012، ثم توالت الأعمال بتعاون مع ناشرين مختلفين اجتمعوا في كونهم محبين للكتابة “الحلوة” ومنهم رحاب الهواري ويوسف ناصف وإسلام عبد المعطي ويزيد الكشاش ومحمد طعيمة.
أما بخصوص النشر حاليا، فالسوق يعاني مشاكل كبيرة وصعوبات كفيلة بإقصاء الكثير من دور النشر، بسبب تكلفة الطباعة وقلة التوزيع و”النسخ المزورة”، ومع ذلك فنحن في عصر ذهبي للنشر في ما يتعلق بالكتاب الجدد والمغمورين، فالنشر متاح للجميع – حتى وإن كان “مدفوع” حيث يدفع الكاتب تكلفة الطباعة أو جزء منها.
وهنا أود الإشارة إلى أن الانتقادات الموجهة إلى دور النشر بأنها تنشر لأي أحد مهما كانت درجة جودة كتابته منخفضة أو منعدمة، وأقول إن من حق الجميع أن يكتب أما القارئ فهو من يختار ويقرر..
أما المشكلة الأكبر بالنسبة لي، فتتعلق بشكل أساسي بالمكتبات التي تعرض أعمال مشاهير الكتاب بشكل لائق، وتتجاهل تماما غير المعروفين، مما يعني عدم وجود فرصة حقيقية لأن يتعرف جمهور القراء على الكتابات والكتاب الجديد أو غير المعروفين، فلن يذهب أحد ليسأل عن كتاب لي إلا إذا كان يعرفني بشكل شخصي أو سمع عني.
** ما تقييمك لحال الثقافة في مصر وهل يدعم الكتاب الشباب؟
– كما قلت ربما الناشرون هم فقط من يتيحون للشباب الفرصة لنشر أعمالهم، لكن الأمر لا يتوقف عند حدود طباعة العمل، فالأهم هو أن يقرأني أحدهم، وهو ما لا توفره المكتبات بشكل جيد..
وكذلك تجدر الإشارة إلى ما اسميه بـ”مافيا” النقد في مصر، فمعظم من يكتبون في صحف أو مجلات ودوريات أو أية إصدارات معنية بالنقد الأدبي لا يتحدثون سوى عن أعمال أصدقائهم أو من تربطهم به علاقة مصلحة أو مجاملة “للجنس الآخر”..
وكذلك في القنوات التلفزيونية والفضائية ومختلف البرامج التي قد تخصص جانبا منها للأعمال الجديدة أو الكتاب الجدد، فالأمر لا يعدو كونه مجاملة لأحدهم، وكل ما عليك ككاتب إلا أن توطد علاقتك بمعدي هذه البرامج ومذيعيها كي يستضيفونك، والمضحك المبكي أن كثير من المذيعين والمعدين لا علاقة لهم بالثقافة والقراءة، حتى أن إحداهن مؤخرا ظلت تتحدث مع أحد الكتاب لمدة نصف ساعة وهي تشيد بروايته التي اتضح في نهاية الفقرة إنها مجموعة قصصية..
أما عن النشر الحكومي، فلا داعي لحديث لا طائل منه.