خاص : كتبت – نشوى الحفني :
باتت الأزمة “الروسية-الأوكرانية” على شفا اندلاع حرب حقيقية؛ وذلك بعد اتهام الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، للغرب؛ بمحاولة جر بلاده إلى الحرب؛ وبتجاهل مخاوفها الأمنية المتعلقة بـ”أوكرانيا”، فيما تحدث نظيره الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، أن الصراع العسكري مع “روسيا” لن يشمل؛ “كييف”، فحسب، وإنما سيؤدي إلى نشوب حرب شاملة في “أوروبا”.
وحشدت “روسيا” ما يزيد على: 100 ألف جندي بالقرب من حدود “أوكرانيا”، وتقول دول غربية إنها تخشى من أن “بوتين”؛ ربما يُخطط للغزو.
وتنفي “روسيا” ذلك، لكنها قالت إنها ربما تخوض عملاً عسكريًا غير محدد؛ ما لم تٌلب مطالبها الأمنية. وتقول دول غربية إن أي غزو سيتبعه فرض عقوبات على “موسكو”.
“أوكرانيا” أداة “واشنطن” لاحتواء “روسيا”..
وفي أول تصريحات مباشرة له عن الأزمة منذ ما يقرب من 06 أسابيع، لم يُظهر “بوتين” أي علامة على التراجع عن المطالب الأمنية، التي وصفها؛ الغرب، بأنها مستحيلة؛ وبأنها ذريعة محتملة لغزو “أوكرانيا”، وهو ما تنفيه “موسكو”.
وقال “بوتين”، خلال مؤتمر صحافي مع رئيس وزراء “المجر”؛ الذي يزور بلاده، وهو واحد من عدة قادة لدول “حلف شمال الأطلسي”؛ يُحاولون الحوار معه في ظل تفاقم الأزمة: “من الواضح الآن؛ أنه تم تجاهل المخاوف الروسية الأساسية”.
وتحدث “بوتين” عن احتمال قبول “أوكرانيا” عضوًا في “حلف شمال الأطلسي”؛ الـ (ناتو)، في المستقبل ثم محاولة استعادة “شبه جزيرة القرم”؛ التي ضمتها “روسيا” إليها؛ في عام 2014، قائلاً: “دعونا نتخيل أن أوكرانيا عضو في حلف شمال الأطلسي؛ وتبدأ هذه العمليات العسكرية. هل من المفترض أن نخوض حربًا مع الحلف ؟.. هل فكر أحد في ذلك ؟.. يبدو أنه لا يوجد”.
موضحًا أن: “واشنطن لا تهتم بأمن أوكرانيا، بل تُريد احتواء روسيا وتستخدم أوكرانيا في سبيل تحقيق ذلك. بهذا المعنى، فإن أوكرانيا نفسها هي مجرد أداة لتحقيق هذا الهدف”.
نشوب حرب شاملة في “أوروبا”..
من جانبه؛ قال الرئيس الأوكراني إن الصراع العسكري مع “روسيا” لن يشمل بلاده فحسب، وإنما سيؤدي إلى نشوب حرب شاملة في “أوروبا”.
وأضاف “زيلينسكي”؛ خلال لقائه مع رئيس الوزراء البريطاني؛ “بوريس جونسون”، في “كييف”؛ أنهما ناقشا خطوات لاحتواء “روسيا”، مشيرًا إلى أنه لا يمكن لأحد التنبؤ بما سيحدث بعد ذلك في المواجهة بين “أوكرانيا” و”روسيا”.
وقال “زيلينسكي”؛ إن “أوكرانيا” تتخذ نهجًا مسؤولاً تجاه “اتفاق مينسك”؛ لوقف إطلاق النار بشأن إنهاء الحرب في شرق “أوكرانيا”، لكنها تختلف مع “روسيا” حول كيفية تنفيذ الاتفاق.
زيارات رسمية لمنع المزيد من التصعيد..
وأعلن المتحدث باسم “وزارة الخارجية” الأوكرانية، “أوليغ نيكولينكو”، أمس الثلاثاء، أن وزراء خارجية: “ألمانيا وفرنسا والنمسا والتشيك وسلوفاكيا”؛ سيزورون “أوكرانيا”، الأسبوع المقبل.
وقال “نيكولينكو” – خلال إفادة صحافية – إنه: “في يومي: 07 و08 شباط/فبراير، سيقوم وزيرا خارجية ألمانيا وفرنسا، بزيارة مشتركة إلى أوكرانيا، تشمل زيارة دونباس. وفي الأسبوع المقبل، سيجري وزير الخارجية، دميترو كوليبا، محادثات في كييف؛ مع وزراء خارجية النمسا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا”.
وذكّر بالزيارات الرسمية التي يقوم بها رؤساء وزراء: “بريطانيا وبولندا وهولندا”؛ إلى “أوكرانيا”، اليوم، موضحًا أن الحكومة الأوكرانية تعمل باستمرار مع الشركاء الدوليين لمنع مزيد من: “التصعيد الروسي”
واشنطن تطالب بسحب القوت..
بالتزامن مع ذلك، قال مسؤول كبير بـ”وزارة الخارجية” الأميركية؛ إن الوزير؛ “آنتوني بلينكن”، أبلغ نظيره الروسي؛ “سيرغي لافروف”، في اتصال هاتفي بأن على “روسيا” أن تسحب قواتها الآن من على حدود “أوكرانيا”؛ إذا لم يكن في نية “موسكو” غزو جارتها.
وقال المسؤول إن “بلينكن” و”لافروف”؛ أجريا محادثة: “صريحة للغاية”، لكن المسؤول؛ أضاف أنه لم تحدث انفراجة أو اتفاق خلال المحادثة، وأن “واشنطن” لم تر أي علامة على أرض الواقع لخفض محتمل في التصعيد.
وقال المسؤول مشترطًا عدم الكشف عن هويته: “نواصل سماع تلك التأكيدات على أن “روسيا” لا تنوي الغزو، لكن المؤكد أن كل إجراء نراه يقول العكس مع استمرار حشد القوات وتحريك الأسلحة الثقيلة إلى الحدود”.
وأضاف المسؤول: “إذا كان الرئيس بوتين؛ لا يُريد حقًا الحرب أو تغيير النظام في أوكرانيا، بحسب ما قاله؛ بلينكن، للافروف، فإن الوقت الحالي هو وقت سحب القوات والأسلحة الثقيلة والدخول في حوار جاد يمكن أن يُحسن الأمن الجماعي الأوروبي”.
“أوروبا” تُحاول تجنب الحروب الكارثية داخلها..
وفي (إندبندنت عربية)، يتحدث “وليد فارس”؛ الأمين العام للمجموعة الأطلسية النيابية عن السيناريوهات المستقبلية؛ قائلاً إنه يصعب تحديد السيناريوهات في الأزمة الأوكرانية لأسباب عدة. أولاً، المفاوضات جارية على كل المحاور في لعبة شد حبال شاملة ومعقدة. فالكل يتكلم عن الحرب، ولكن ليست كل الأطراف مستعدة لخوضها كليًا.
مُضيفًا أن “أوكرانيا” ستتحمل أوزارها على أرضها. “روسيا” ستدخل في مواجهة مكلفة على أرضٍ أوروبية ولا تعرف كيف تُنهيها. “الولايات المتحدة” تخرج من حروب الشرق الأوسط؛ لكي تدخل حربًا في قارة جديدة في ظل أوضاع داخلية غير مريحة.
ولفت إلى أن الدول الأوروبية تُحاول تجنب الحروب الكارثية داخل القارة. إذاً بشكل عام، الأطراف المعنية: كـ”روسيا” و”أوكرانيا”؛ تُقرع طبول المواجهة العسكرية، ولكن كل الأطراف هي متداخلة في محادثات دبلوماسية من تحت الطاولة للوصول إلى حل، أو حلول، تتجنب المعارك، غير أن المسألة غير سهلة. ولكن إذا وقعت الواقعة وانزلقت الساحة إلى الوضع القتالي.
ويضع “فارس” عدة سيناريوهات قد تحدث مستقبلاً؛ وهي كالآتي :
01 – الاجتياح الشامل: وهو الأصعب والأكثر دمارًا وتكلفة. أي أن تغزو “روسيا” كل “أوكرانيا”، وصولاً إلى “كييف”؛ وتُقيم نظامًا جديدًا يؤيدها.
هكذا سيناريو كارثي؛ يصعب تصوره، ولكن كثيرين في الغرب يخشونه ويستعدون له. إذا حصل فسيُلزم الـ (ناتو) بالتحرك والانتشار المكثف حول “أوكرانيا” وسائر حدود “أوروبا الشرقية” مع “روسيا”.
02 – الاجتياح الإقليمي: أي أن تُسيطر “موسكو” على منطقة “دومباس”؛ في شرق “أوكرانيا”، والشاطيء الأوكراني من الحدود الروسية حتى الجسر الجغرافي إلى “القرم”، وربما أكثر. لكن من دون احتلال “أوكرانيا” الغربية والعاصمة.
وحتى هكذا سيناريو قد يكون مكلفًا عسكريًا وماليًا، إلا أنه يُنفذ ما تُريده “موسكو” عمليًا.
03 – دعم “أوكرانيا” شرقية: بدلاً من اجتياح واحتلال، وفقًا لهكذا سيناريو، تتقدم القوات الروسية في “شرق أوكرانيا”، وتُسلمها للانفصاليين لإعلان دولتهم. أي أن تتحول “دومباس” والمناطق المحيطة؛ كمنطقة عازلة بين “روسيا” و”أوكرانيا”.
04 – سيناريو لا اجتياحات ولا مواجهات: بل حل سياسي يرتكز على إجراء استفتاءات في الشرق، وحتى “القرم”، بإشراف دولي، لحل الأزمة قانونيًا. وهو حل اقترحناه لـ”الكونغرس”؛ منذ سنتين وأخيرًا.
وقد تأتي التطورات بسيناريوهات ممزوجة بين تلك التي عرضناها، أو حتى لا سيناريو إطلاقًا، بل استمرار “الستاتيكو”. المسألة الآن هي بين يدي المفاوضين العلنيين والسريين.