بعد فشل محاولة “بارزاني” مع “الصدر” .. كيف ستكون مواجهات الساعات الأخيرة مع “المالكي” قبيل جلسة 7 شباط ؟

بعد فشل محاولة “بارزاني” مع “الصدر” .. كيف ستكون مواجهات الساعات الأخيرة مع “المالكي” قبيل جلسة 7 شباط ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

مازالت الاتفاقات السياسية متأزمة بين القوى السياسية العراقية المختلفة على طريقة تشكيل الحكومة الجديدة، حيث جدد زعيم (التيار الصدري) في العراق، “مقتدى الصدر”، أمس، تأكيده على تشكيل “حكومة أغلبية وطنية”. وكتب “الصدر” على ورقة موقعة باسمه ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي: “أوقفوا الإرهاب والعنف ضد الشركاء، فلازلنا مع تشكيل حكومة أغلبية وطنية” – في إشارة إلى محاولة استهداف منزل رئيس البرلمان العراقي؛ “محمد الحلبوسي”، حليفه الأقوى، الأسبوع الماضي، بـ 03 صواريخ (كاتيوشا).

وجاءت تصريحات “الصدر” بعدما أعلن مكتب رئيس “البرلمان العراقي” إنتهاء اللقاء الذي جمعه بـ”الصدر”؛ بحضور رئيس إقليم كُردستان “مسعود بارزاني”؛ في “النجف”، من أجل بحث تشكيل الحكومة الجديدة في “العراق”.

واعتبر “الحلبوسي” أن زمن التدخلات الخارجية في تشكيل الحكومات العراقية قد ولَّى. وأضاف على (تويتر)، أن: “الاجتماع تناول مساعي تشكيل حكومة عراقية وطنية خالصة، لا شرقية ولا غربية”.

طرح مبادرة سياسية لتقريب وجهات النظر..

ومن جانبه؛ أعلن رئيس الحزب (الديمقراطي الكُردستاني) في بيان، أنه طرح مبادرة سياسية لتقريب وجهات النظر وتوفير بيئة مناسبة وجيدة للعملية السياسية، موضحًا أنه اقترح أن يزور رئيس إقليم كُردستان؛ “نيجيرفان بارزاني” و”الحلبوسي”، “الصدر”، للتشاور حول كيفية الاستمرار في العملية السياسية وإزالة العقبات والمشاكل.

استمرار الانقسام الكُردي على منصب رئيس الجمهورية..

ويأتي الاجتماع بين “الصدر” و”الحلبوسي” و”بارزاني”؛ قبل أسبوع من الجلسة النيابية المرتقبة، في 07 شباط/فبراير الجاري، من أجل انتخاب رئيس للجمهورية، وسط انقسام الحزبين الكُرديين الأكبر: حزب (الاتحاد الوطني الكُردستاني)، والحزب (الديمقراطي)، حول تسمية المرشح لهذا المنصب. فبينما رشح الحزب (الديمقراطي)؛ المتحالف مع “الصدر”؛ “هوشيار زيباري”، فإن حزب (الاتحاد) يتمسك بالتجديد للرئيس المنتهية ولايته؛ “برهم صالح”.

وتأتي تلك التطورات مع استمرار العوائق أمام توافق الكتل البرلمانية الفائزة في الانتخابات النيابية العراقية؛ التي أجريت في تشرين أول/أكتوبر الماضي، على تشكيل الكتلة الأكبر التي تعود إليها صلاحية تشكيل الحكومة المقبلة وتسمية رئيس الوزراء، مع رفض زعيم (التيار الصدري) ضم بعض الجهات المنضوية ضمن (الإطار التنسيقي) في: “حكومة الأغلبية الوطنية”.

تدور في مربع نفس الأشخاص لذلك فهي ليست الحل للعراق !

وحول مدى نجاح “الصدر” في تخطي عقبة “المالكي”؛ وتشكيل حكومة وطنية لإنقاذ البلاد بعد رفضه المحاولات الأخيرة لتقريب وجهات النظر، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد، “قيس النوري”، أدركت الغالبية العظمى من شعب “العراق” أن الانتخابات الأخيرة والتي سبقتها، تدور جميعها في مربع، شخوصها أطراف العملية السياسية الفاشلة، لذلك فإنها لا تُشكل الحل للوضع العراقي المأساوي.

مضيفًا أنه نتيجة للوضع السياسي المضطرب، فقد عبرت الجهة التي لم تحظ بالأغلبية بأسلوب إرهابي، تمثل بالتحرك لضرب أهداف في العاصمة؛ “بغداد”، علاوة على التصعيد باستهداف العناصر الوطنية بالاغتيال، في محاولة من هذه الجهات لابتزاز الجهات الأخرى، وهو أسلوب طالما مارسته تعبيرًا عن سلوكها المنفلت.

وأشار “النوري” إلى أنه، من المتوقع في حال عدم توصل “الصدر” إلى صيغة تُرضي بعض الأطراف وتدفعها للمشاركة كأسلوب ترضية، فسوف تلجأ الأطراف الخاسرة إلى تصعيد العمل الإرهابي كوسيلة رخيصة لإثبات الوجود، مع ملاحظة أن “الصدر” نفسه وميليشياته المسلحة هو جزء لا ينفصل عن باقي المكونات، ومن ثم فإن سلوكه لا يخرج عن حالة الإبقاء على “العراق” في دوامة العنف والفوضى واللا دولة.

العراق يمر بتحول نوعي ومنعطف سياسي جديد..

بدوره؛ يرى المحلل السياسي العراقي، “عبدالملك الحسيني”، أن “العراق” يمر بتحول نوعي ومنعطف سياسي جديد، ولأول مرة؛ منذ 18 عامًا، تبرز محاولة فعلية حقيقية لتشكيل “حكومة أغلبية وطنية”، وهذا الأمر من الطبيعي سيجعل عدد لا بأس به من الأحزاب والتيارات السياسية الفاعلة خارج الحسابات في تشكيل الحكومة، بل يضعهم حتمًا في خانة المعارضة.

وأوضح أنه في مثل هذه الأجواء القلقة، من الطبيعي أن نشهد رياحًا شديدة وأعاصير سياسية تدفع باتجاه حالة عدم الاستقرار السياسي كرد فعل طبيعي مقاوم ضد هذا التغيير المنشود.

الطرف الثالث يدفع نحو الإقتتال الداخلي..

وتابع “الحسيني”، هناك طرف ثالث خارج هذه اللعبة يُحاول استغلال هذه الظروف من خلال السعي لإشاعة الفوضى وحصول إقتتال داخلي، ولكن معظم الأطراف السياسية الداخلة في الصراع رفضت مثل هذه الأعمال، وعدتها من قبيل التخريب والمؤامرة، لذا نقول أن مثل هذه الأحداث ستبقى ضمن إطارها المحدود.

مؤكدًا أن الجميع يُدرك مدى خطورة الموقف إذا اتجه البلد نحو الفلتان الأمني، ولا أحد سيكسب الجولة؛ وبالتالي ستكون فرصة الإرهاب حاضرة للعودة إلى المشهد.

ومن جهة أخرى، فإن معظم القوى المتصارعة تعتقد أن لديها مكتسب قد حققته خلال فترة ما بعد “صدام”، ربما ستخسره إذا اتجهت الأمور نحو الفوضى.

وأشار “الحسيني” إلى أن هناك سعيًا حثيثًا، وتحركات يقوم بها رئيس البرلمان؛ “محمد الحلبوسي”، مع معظم الأطراف السياسية، من أجل إيجاد مخرج يُرضي جميع القوى والانتقال إلى مرحلة جديدة للمضي في تشكيل الحكومة.

تغيير قواعد اللعبة السياسية في العراق..

أما أمين اتحاد القبائل العربية بالعراق، “ثائر البياتي”، فيقول إن المتابع للشأن العراقي والعملية السياسية التي أسسها المحتل الأميركي، يجد أنها مبنية على أعراف المحاصصة الطائفية، والتي لا أساس لها في الدستور، ولكنه عُرف عملت به الأحزاب وغذته بكل المراحل الانتخابية السابقة، وتشكلت كل الحكومات السابقة وفق مبدأ التوافق والتقاسم والتخادم بين الأحزاب بمجملها.

مضيفًا أنه خلال الـ 18 عامًا الماضية، برز أمر مهم هو سلاح ميليشيات الأحزاب، وبالأخص الأحزاب الشيعية والميليشيات المرتبطة بها، والتي انقسمت إلى ثلاث قيادات وولاءات، ميليشيات مرجعية “السيستاني”، ميليشيات “مقتدى الصدر”، ميليشيات الولي الفقيه “علي خامنئي”؛ المرتبطة بـ (الحرس الثوري)، لكن ما حصل في الانتخابات الأخيرة وما نتج عنها غير قواعد اللعبة السياسية في “العراق”.

وأشار “البياتي” إلى أنه قد برزت قوتين؛ القوة الأولى عراقية الولاء: “الصدر، البارزاني، الحلبوسي”، أما القوة الثانية، فهى إيرانية الولاء: “المالكي، العامري، قادة الميليشيات الولائية، (اليكيتي) أكراد السليمانية، المنشقين من السُنة”، والفرق بين القوتين أن الأولى اكتسحت البرلمان مجتمعة، وتشكلت وفق اتفاق عُقد بين الأطراف بعد الانتخابات وفق تفاهمات واجتماعات كثيرة قبل الانتخابات، ونتج عنها رؤية جديدة لإدارة الدولة، وثبت قوتها وقدرتها بالجلسة الأولى للبرلمان، وفوز “الحلبوسي” برئاسة البرلمان مع نائبين؛ الأول تابع لـ”الصدر” والثاني لـ”البارزاني”.

فتح ملفات القيادات الحزبية..

وأشار أمين اتحاد القبائل إلى أنه بعد فشل كل المحاولات من مجموعة الإطار؛ “القوة الثانية”؛ الخاسرة في الانتخابات، بإلغاء نتائجها أو تغيير المعادلة بعدد المقاعد، ستكون المرحلة القادمة هي الهدف من خلال فتح ملفات قياداتهم الحزبية أو الميليشياوية، مما سيكون سببًا في إزاحتهم بشكل نهائي من المشهد، وبالأخص التسريبات التي تحدثت عن نية الفائزين بحل (الحشد الشعبي)؛ الذي أصبح يُشكل خطرًا على وحدة “العراق”، بل على دول المنطقة برمتها، وتنامي قدراته العسكرية وإرتباطه بالمشروع الإيراني التوسعي، لذا كانت ردات الفعل واضحة من خلال سياسيين وإعلاميين ومواقع إخبارية مرتبطة بمجموعة الخاسرين الولائيين، بإطلاق التصريحات والتسريبات بتهديد الكُرد والسُنة الحلقة الأضعف، وعدم المواجه المباشرة مع “الصدر” من أجل تفكيك التحالف وإضعاف موقفه.

منزلق خطير لسريان الأمور..

موضحًا أن استهداف منزل “الحلبوسي” لم يكن صدفة، أو قرارًا متسرعًا، بل جاء بعد عدة عمليات إرهابية، تمت باستهداف قوات الجيش والشرطة في مناطق السُنة.

وتوجيه الاتهام لساسة السُنة بالتواطؤ والتعاون مع (داعش) لم يجد نفعًا، فتحولوا إلى استهداف بيت “الحلبوسي” بشكل مباشر وتهديد أعضاء تحالف (تقدم وعزم) السُنيتين، سبق ذلك تسريبات عن تسمم أصاب “الحلبوسي”، وأشيع عن عملية اغتيال بالسم وخرج مكتب “الحلبوسي” ليعلم عن إصابة “الحلبوسي” بمتحور (أوميكرون).

الأمور تسير إلى منزلق خطير، بعد فشل “قاآني” و”كوثراني” بتغيير موقف “الصدر” المتشدد، بالأخص المتعلق بإزاحة؛ “نوري المالكي”، من المشهد السياسي، وهو الحليف الأكبر للإيرانيين في “العراق”.

هيكلة المؤسسات وإنهاء دور الدولة العميقة..

وأوضح أن هناك أكثر من ذلك، بالتوجه نحو هيكلة مؤسسات الدولة وإنهاء دور الدولة العميقة؛ التي أسسها “المالكي” بإشراف الإيرانيين، من أجل ضمان نفوذهم وسيطرتهم على الدولة العراقية، أعتقد أن “الصدر” موقفه أقوى وممكن أن يُغير الموقف والمشهد السياسي في “العراق” لسببين: الأول قوته الجماهيرية والعسكرية الكبيرة، وتحالفه مع “البارزاني”؛ ذو النفوذ السياسي الكبير داخليًا وخارجيًا، إضافة إلى قوات (البيشمركة)؛ التي تُعتبر القوة العسكرية الضاربة، ثم “الحلبوسي”؛ الذي يُمثل المجتمع السُني، والذي ذاق الويلات على يد الميليشيات الولائية وأحزابهم الإقصائية من تهميش وقتل وتغييب واعتقالات، وتدمير أملاك وسرقة ممتلكات ومنع أكثر من مليون و200 ألف من العودة إلى مناطقهم، واتهام أكثر من: 500 ألف بتهم إرهابية كيدية، والأكراد الذين أصبحوا هدفًا لصواريخ وطائرات (الدرون) للميليشيات، واستهداف مقراتهم وسياسييهم.

لافتًا أمين اتحاد القبائل إلى أن الجميع أصبح ناقمًا، والجميع يبحث عن الخلاص من النفوذ الإيراني المتمثل بأحوال (الإطار التنسيقي) والميليشيات، لهذا لم يتبق خيار أمام الميليشيات إلا إشاعة الفوضى الأمنية، من خلال الاستهداف المباشر أو التخادم مع (داعش) لتنفيذ أجندتهم.

من ناحيته؛ حذر زعيم (التيار الصدري) في العراق؛ “مقتدى الصدر”، من استهداف مصالح الِشعب، معتبرًا أن ذلك: “خط أحمر”، وذلك في بيان مقتضب لـ”الصدر” كتبه بخط يده، نشره مساء الجمعة الماضية، على حسابه بموقع (تويتر)، وقال “الصدر”: “لا تستهدفوا مصالح الشعب، فالشعب والوطن خط أحمر”، مضيفًا: “مستمرون بحكومة أغلبية وطنية، مع شركائنا في الوطن”.

وجاءت تلك الرسالة بعد ساعات من تعرض “مطار بغداد الدولي”؛ لهجوم: بـ 06 صواريخ (كاتيوشا).

وأعلن “الصدر” في أكثر من مناسبة تمسكه، بتشكيل “حكومة أغلبية وطنية”، داعيًا قوى (الإطار التنسيقي) إلى المشاركة فيها شريطة استبعاد زعيم ائتلاف (دولة القانون)؛ “نوري المالكي”.

فيما يرفض (الإطار التنسيقي) هذا الطرح، ويُطالب بدلاً عن ذلك بحكومة توافقية بمشاركة كافة القوى السياسية داخل “مجلس النواب”؛ كما جرت العادة خلال الدورات السابقة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة