بدأت الجماعات المسلحة في العراق تكتيكات هجومية متطورة خلال الساعات الاخيرة بهدف التأكيد على قدرتها في أخذ زمام المبادرة في المواجهة حيث لم تمض سوى 24 ساعة على احتلال انتحاريين لمركز رعاية للشرطة العراقية بمدينة تكريت شمال غرب حتى احتل اخرون مركزا للاستخبارات ومركزا تجاريا في كركوك شمال شرق حيث دارت معارك بين المسلحين والقوات الامنية استمرت حتى فجر اليوم انتهت بسيطرة الامن وقتل المسلحين واحتراق المركز التجاري.
فقد كانت حصيلة المعارك بين القوات الامنية والمسلحين في مركز استخبارت مدينة كركوك (225 كم شمال شرق بغداد) والمركز التجاري “جواهر مول” القريب منه والتي استمرت حتى الساعات الاخيرة سقوط 10 قتلى واصابة 70 آخرين والحصيلة مرشحة للارتفاع مع احتراق المركز التجاري وذلك اثر هجوم شنه مسلحون يحمل بعضهم احزمة ناسفة واحتجزوا رهائن. وبين المصابين سبعة من موظفي وسائقي الاسعاف وصحة كركوك اضافة الى مصابين من القوات الامنية وطلبة المدارس القريبة الى جانب ضحايا بينهم ضابطين في الاستخبارت نقلوا الى الطب العدلي في المدينة.
وقد امتدت المواجهات من المركز الامني الاستخباري الى المركز التجاري القريب منه والذي اشتعلت فيه النيران اثر انتقال انتحاري اليه وتفجير نفسه بحزام ناسف. وبحسب لقطات تلفزيونية بثتها قنوات عراقية فقد شوهدت السنة اللهب تحيط بمنى المركز التجاري المكون من ثلاثة طوابق فيما كانت تسمع بوضوح اصوات اطلاق الرصاص. وقد تمكنت القوات الامنية من قتل المهاجمين وتحرير المركز الاستخباري الامر الذي دفع بالمسلحين الى الانتقال الى المركز التجاري القريب. وقد وصلت قوة كردية خاصة من مكافحة الإرهاب إلى كركوك قادمة من اقليم كردستان للمشاركة في السيطرة على الأوضاع الأمنية وملاحقة المسلحين.
وقال مصدر امني ان الارهابيين المستولين على اسواق الجواهر التجارية المقابل لدائرة استخبارات كركوك اشعلوا حريقا في الطابق الاول من المبنى حيث ان الاشتباكات بين الارهابيين والقوات الامنية لم تنته حتى فجر اليوم. وبدا الهجوم بتفجير سيارة مفخخة حوالى الساعة الواحة ظهرا قرب “جواهر مول” الملاصق لمقر اجهزة استخبارات الشرطة اعقبه على الفور تبادل لاطلاق نار بين المهاجمين وقوات الامن. ثم هاجم مسلحون يحمل بعضهم احزمة ناسفة المركز التجاري واحتجزوا عددا من المدنيين ثم صعدوا الى السقف واطلقوا النار على افراد الشرطة الذين كانوا يطاردونهم قبل نجاح القوات الكردية في تحرير المحتجزين الذين جرى اعتقالهم خشية ان يكون بينهم عدد من المسلحين وعثرت على هواتف نقالة مربوطة باسلاك الكهربيائية مما اثار مخاوف من تلغيم المسلحين للمبنى التجاري.
وقد نجحت القوى الامنية اثر اقتحام المركز التجاري من تحرير حوالي 40 رهينة وقتلت عددا من المسلحين وفرض سيطرتها على الوضع الامني في مدينة كركوك.
الزج بطائرات روسية جديدة في المواجهات
واعتبرت مصادر عراقية هذا الهجوم الذي شنه المسلحون على المركزين الاستخباري والتجاري في كركوك والذي جاء بعد 24 ساعة من نجاحهم في السيطرة على مركز الرعاية لقوات الشرطة في مدينة تكريت (175 كم شمال غرب بغداد) بمثابة تحول في العمليات المسلحة للمتمردين والانتقال بها من الهجوم الخاطف الى احتلال مراكز مهمة وقتل واخذ رهائن من فيها.
واشارت الى ان هذين الحادثين يضعان القوات الامنية العراقية امام مهمة تغيير خططها العسكرية في المواجهة وتعزيز قدراتها الاستخبارية في التصدي للمسلحين وتكتيكاتهم الجديدة بالشكل الذي يوجه اليهم ضربات استباقية مع الاخذ بنظر الاعتبار ضرورة مشاركة طائرت القوة الجوية بشكل مكثف في مواجهة المسلحين مع وصول اول دفعات من الطائرات الروسية التي تعاقد عليها العراق. وقالت وزارة الدفاع العراقية في بيان ِإنها تسلمت الدفعة الأولى من طائرات مقاتلة هجومية روسية الصنع معتبرة أن تسلم مثل هذه الطائرات المتقدمة عالميا يشكل إضافة مهمة للقوات العراقية. واشارت الى انه قد جرى استلام الدفعة الأولى من طائرات MI-35 روسية الصنع متعددة الأغراض (مقاتلة وهجومية) .. موضحة انها تعتبر من الطائرات المتقدمة عالميا في تقديم جميع أنواع الدعم والإسناد للقوات البرية وقيادات العمليات ولها القدرة الفائقة في مكافحة الإرهاب ومعالجة الأهداف الثابتة والمتحركة ليلا ونهارا وفي جميع الأجواء . واضافت أن استلام الدفعة الأولى من طائرات العقد الروسي يعد قوة وقدرة مضافة إلى القدرات العسكرية للقوات العراقية لما لها من تأثير أيحابي في الميدان في عملية مكافحة الإرهاب.
وقد جاء الهجوم الذي شهدته كركوك بعد ساعات من قيام نجاح مسلحين باحتلال مركز للشرطة بمدينة تكريت واحتجاز 38 شخصا قبل ان تتمكن قوات خاصة عراقية مدعومة بقصف الطائرات من قتل ثلاثة انتحاريين حيث اسفرت العملية عن مقتل واصابة 23 شرطيا . وبعد احتلال المسلحين لمبنى دائرة الرعاية الاجتماعية لشؤون عوائل شهداء الشرطة المجاور لقيادة شرطة محافظة صلاح الدين في تكريت عاصمة المحافظة قامت ثلاث طائرات عمودية تابعة للجيش العراقي بقصف المبنى قم تم اقتحامه من قبل القوات الامنية .
يأتي ذلك في وقت ادت الهجمات اليومية خلال الاسبوع الماضي في عموم العراق الى مقتل حوالي 300 شخصا فيما قتل 948 شخص في اعمال العنف اليومية خلال الشهر الماضي في امتداد لموجة العنف المتصاعدة منذ نحو سبعة اشهر بحسب ما افادت ارقام رسمية. وياتي ذلك مع تصاعد موجة العنف وتزايد سقوط ضحايا داخل منازلهم في مناطق متفرقة في العراق الذي يعاني من تدهور الاوضاع الامنية حيث تذكر اعمال العنف الجديدة هذه بالنزاع الطائفي الذي ضرب البلاد بين عامي 2006 و2008.
ويشهد العراق منذ نيسان (ابريل) الماضي تصاعدا في اعمال العنف التي يحمل بعضها طابعا طائفيا حيث دفع استمرار العنف رئيس الوزراء نوري المالكي الى مناشدة المجتمع الدولي المساعدة في محاربة الارهاب الذي بلغ اسوأ معدلاته منذ عام 2008 وذلك مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في الثلاثين من نيسان المقبل.