وكالات – كتابات :
تناولت “سارة فيشر” و”بيثاني ألين إبراهيميان”؛ في تقرير نشره موقع (أكسيوس) الأميركي؛ مساعي “الصين” لبناء إمبراطوريتها السينمائية الخاصة، وما تستهدفه من خلال تعزيز صناعة السينما الصينية؛ تُشير الكاتبتان في مطلع التقرير إلى أن “الصين” حظرت طرح جميع أفلام (مارفل) الأربعة التي أنتجتها شركة “ديزني” الأميركية في دور العرض الصينية؛ العام الماضي 2021، في إشارة قاسية لعمالقة السينما الأميركية الذين وجدوا أنفسهم خارج شباك التذاكر الأسرع نموًّا في العالم.
وأوضح التقرير أن “الحزب الشيوعي الصيني” يستخدم الأفلام المحلية بوصفها قناة رئيسة لإيصال رسائله للجمهور، والتي تستهدف تحقيق أهداف سياسية، الأمر الذي يُضيق المجال أمام الآراء الوافدة من الخارج، وقالت “ريبيكا ديفيز”، مديرة مكتب مجلة (فارايتي) في الصين: “إنه تحول حقيقي بعيدًا عن صناعة الترفيه العالمية”.
ما الذي يحدث في الصين ؟
لفت التقرير إلى أن جائحة (كوفيد-19) تُبشر بعهد جديد من عدم اليقين فيما يخص شركات الترفيه الغربية؛ التي تعمل في “الصين”، وقال “بول ديغارابديان”، كبير المحللين الإعلاميين في شركة “كومسكور”، إن: “الجائحة وضعت الصين في مكان أفضل للسيطرة على عمليات طرح الأفلام”.
ومع الجهود التي تبذلها شركة “ديزني” للتودد إلى المسؤولين الصينيين لضمان وصول أفلامها إلى المنطقة، أفادت تقارير أن “الصين” حظرت أفلام الشركة الأعلى ربحًا؛ العام الماضي، جميع أفلام (مارفل)، بسبب تصوير الشخصيات أو المخاوف بشأن التعليقات التي أدلى بها صانعو الأفلام أو المخرجون أو الممثلون في تلك الأفلام.
وقال “شون روبينز”، كبير المحللين في شركة “بوكس أوفيس برو”: “عادةً ما تكون أفلام (مارفل) مُربحة للغاية في الصين، ولكن الجوانب السياسية في حجب تلك الأفلام كانت لها الأولوية في نظر الحكومة الصينية على التأثير الاقتصادي الإيجابي على شباك التذاكر؛ الذي كان يُحتمل أن تحققه تلك الأفلام”.
تداعيات الحظر..
ونوَّه التقرير إلى أن أفلام (مارفل) لم تكن وحدها التي تأثرت بالحظر؛ فقد انخفضت الحصة الإجمالية للأفلام الأميركية بين عروض الأفلام الأجنبية في “الصين”؛ من: 46% في عام 2020، إلى: 39% في عام 2021، وفقًا لتقارير مجلة (فاريتي) الأميركية.
وانخفضت عائدات الأفلام الأميركية في “الصين” عمومًا، بينما هيمنت الأفلام الصينية على شباك التذاكر، ومن بين الأفلام الأجنبية التي عُرضت في دور العرض الصينية؛ العام الماضي، كانت ما نسبته: 28% فقط من أفلام عام 2021، وكان معظمها من الأفلام القديمة.
الصورة الكبيرة..
ونقل الموقع عن “آين كوكاس”، الأستاذة المساعدة للدراسات الإعلامية بجامعة “فيرغينيا”، قولها إن قادة “الصين” حددوا هدفًا يتمثل في أن تُصبح “الصين”: “قوة سينمائية قوية” بحلول عام 2035.
تجاوزت “الصين” بالفعل؛ “الولايات المتحدة”، بوصفها أكبر سوق للعروض السينمائية في العالم لأول مرة؛ في عام 2020، وتغلبت عليها مرةً أخرى في عام 2021، ويرجع ذلك في جزءٍ كبيرٍ منه إلى اعتمادها على الأفلام المحلية، وفقًا لشركة “كومسكور”، ويسمح المنظمون الصينيون عادةً بعرض حوالي: 34 فيلمًا أجنبيًّا كل عام.
وقال “ديغارابديان”؛ إن سوق “الصين” الهائل يعني أنه ليس بالضرورة أن تكون الأفلام عالمية، ولكن فقط عليها أن تكون ناجحة على المستوى المحلي، فمن بين: الـ 200 فيلم الأكثر ربحية على مستوى العالم؛ العام الماضي، كان هناك: 44 فيلمًا من “الصين”، و80 فيلمًا من “أميركا الشمالية”؛ و76 من مناطق أخرى، وفقًا لتحليل (أكسيوس)، ولم تُحقق معظم تلك الأفلام الصينية: الـ 44 الكثير من المال خارج “الصين”.
وترى “ريبيكا ديفيز”؛ أن رغبة “بكين” في تأسيس صناعة أفلام محلية قوية ليست نابعة من سعيها لمنافسة القوة الثقافية الناعمة التي تتمتع بها “الولايات المتحدة”؛ من خلال هيمنة (هوليوود) العالمية، بل طمعًا في خلق منصة قوية ثم توظيفها لنشر الرسائل الحزبية.
السينما الصينية تُنافس..
وتطرَّق التقرير إلى أن الفيلم الأكثر ربحًا في شباك التذاكر الصيني؛ في عام 2021، وفي تاريخ السينما الصينية، كان (معركة بحيرة تشانغجين-Battle for lake Changjin)، وهو فيلم حرب دعائي يُمجد معركة الجيش الصيني ضد الجيش الأميركي خلال الحرب الكورية، وجاء توقيت عرض الفيلم في الوقت الذي يحشد فيه قادة “الصين” البلاد من أجل منافسة محمومة مع “الولايات المتحدة”.
وهناك فيلم آخر حديث، بعنوان: (عناق مرة أخرى-Embrace Again)، يُوظِف أشهر نجوم السينما في “الصين” لتضخيم السردية المفضلة لـ”بكين” عن الجائحة، بوصفها كفاحًا يُثلج الصدور لشعب ضد الفيروس، بينما يمحو إخفاقات الحكومة التي سمحت بانتشار المرض في البداية حتى أصبح جائحة، وسيطر الفيلم على شباك التذاكر للعام الجديد. بحسب تعبير التقرير.
وقالت “ريبيكا”: “تُكتب قصة الجائحة في الصين جزئيًّا من خلال الأفلام المدعومة من الدولة، والتي تحتوي على جميع العناصر الفنية لفيلم هوليوودي ناجح”، وعلَّق “روبينز” مستدركًا: “نعم، ولكن اهتمام الجمهور الصيني بأفلام هوليوود لم يتضاءل بالضرورة”، مشيرًا إلى أن قرصنة الأفلام الغربية شائعة في المنطقة.
وفي ظل نمو منصات البث، أصبحت صناعة السينما والتلفزيون الأميركية أقل اعتمادًا على نموذج شباك التذاكر، حتى لو كانت شركات الإنتاج التقليدية لا تزال تعتمد على “الصين”، كما تُشير “آين كوكاس”، لافتةً إلى أن منصات البث مثل: (نتفليكس) ليست نشطةً في السوق الصينية على الإطلاق.
ويعتقد “روبينز” أن صناعة السينما في حالة من عدم اليقينية الآن، وهي حالة قد تُغير إستراتيجيات “هوليوود” العالمية في المستقبل القريب، وكذلك ما تحتاجه “الصين” ذاتها لمواصلة دعم نمو سوقها السينمائي على المدى الطويل، ويختم التقرير بالخلاصة التي أجملها “ديغارابديان”، وهي أن السوق الصينية: “يمكن أن تُحدث فارقًا بين النجاح الساحق والفشل الذريع في شباك التذاكر على مستوى العالم”.