قبل اكثر من عشر سنوات بايام القي القبض بطريقة مهينة على راس الاجرام البعثي المقبور صدام حسين بعد ان وجدته القوات الامريكية مختبئا في حفرة صغيرة في احدى القرى القريبة من مسقط راسه مغطاة بالحشائش وبقايا الحيوانات ليظهر للعالم بذلك المظهر المقزز الاغبر وكانه ختم كل مسيرته الدموية بتلك الصور والمشاهد المعبرة عن نهاية الطواغيت والقتلة والمجرمين ولم تنفعه العشيرة والاهل والنياشين والاموال والحزب والامتدادات التي عاثت في الارض فسادا.
ومنذ اللحظة التي القي القبض فيها على المجرم صدام توقع الكثير ان تاريخا جديدا سيبزغ فجره في العراق على انقاض بقايا الجماجم والدماء والحروب والحصار العالمي والدولي والحصار الصدامي الجاسوسي للشعب العراقي الا ان ايا من بشائر الفجر او بشائر الخير لم تاخذ طريقها الى العراقيين او تهتدي الى دواخلهم الحزينة والمغلفة ببقايا الالم والخوف والحاجة والفقر وبقي الامر بين الفوضى ومحاولة الاهتداء الى طريق عشوائي عله يوصل الى جادة الصواب لكن دون فائدة.
بعد عشر سنوات من تاريخ الحفرة الشهير لا زال القتل والتفخيخ والتهجير والاستهداف الطائفي عنوانا لنشرات الاخبار اليومية ولا زالت الارقام القياسية لعدد القتلى تتساقط شهر بعد اخر وسنة بعد اخرى وكان لعنة الموت والقتل تعويذة ابدية كتبت على جباه العراقيين بينما لازال الحزب وبقايا صدام هم من يقودون الاجهزة الامنية لانهم الاقدر والاجدر والامناء بينما اجبر المجاهدين والشرفاء على الانزواء والجلوس في منازلهم يتابعون من خلال شاشات التلفزة اخبار التعيينات والقتل والاستهداف والاختراق اليومي .
بعد عشر سنوات من انتهاء حقبة حكم العائلة وتحكمها بمصائر الناس لا زال اكثر من 25% من العراقيين تحت خط الفقر ولا زال البعض يبحث عن قرص شعير ولا زال البعض دون ماوى او سكن حقيقي يتناسب مع الطبيعة الانسانية رغم ان موازنة العراق المالية تفوق موازنات دول متعددة الا ان الفساد ووصول الانتهازيين والسراق والحرامية وتحكم البعث والبعثيين بمفاصل حساسة جعل هذه الموازنة تذهب هباءا ودون فائدة .
عشر سنوات وهوية العراق ضائعة ولم يهتدي لها بعد بسبب تخبط النخبة الحاكمة ووصول من هو ليس اهلا للحكم مع استمرار تواجد البعثيين في ادق المفاصل ليس من اجل التصحيح بل من اجل استمرار الانحدار والضياع رغم ان هذا الضياع يكلف العراق كثيرا فلا هو العربي القومي ولا هو الاسلامي الحقيقي ولا هو الاشتراكي او الراسمالي انما هو اقرب الى نظام القبيلة والعشيرة والمليشيات والعصور المظلمة .
عشر سنوات ولم نتخلص بعد من نتانة حفرة الدور فقد طال الظلام ولم نصحا بعد من سكرة الفوضى لنغسل انفسنا بماء الطهر والخلاص ونضع اليد باليد من اجل اعادة بناء العراق ونجعله فخورا بعراقيته فلا مدرسة شيدت ولا جسر امتد ولا عمارة امتشقت بطولها نخيل العراق ولا شوارع عبدت ولا مدينة حديثة متطورة قامت أعمدتها بينما لا زلنا نمارس هواية الحديث عن السياسة ونسب صدام والبعث وبعد عشر سنوات.
لا ادري الى متى يستمر ضياعنا ونواحنا وفينا الف جرح وجرح بامكانها ان تخلق فينا رجال يغادرون الزمن المهدور ويقضون على بقايا صدام والبعث والفساد والخمول والكسل والتراجع ،ولكن الخوف كل الخوف من ان يستمر الوضع على ما هو عليه لان الدعاة لا يخجلون من تكاثر البعث تحت رعايتهم لكنهم بكل الاحوال لن يكونوا بمأمن من غدر البعث والبعثيين بل سيكونوا اول ضحايا البعث الغادر لكن الفرصة تكون قد انتهت وعاد كل شيء الى ما كان عليه.