يتميز الوضع الاقتصادي في العراق بالتدهور عموما وأن القطاع الصناعي في العراق لم يتطور طيلة السنوات السابقة وحتى اليوم وهو في تراجع مستمر , وذلك بسبب السياسات والاجراءات الفاشلة المتبعة والتي اضعفت تطور القطاع الصناعي بمختلف فروعه .
فقد ادت سياسة النظام المقبور وحروبه العبثية الى فرض الحصار الدولي على العراق ما ادى الى تدمير البنية الصناعية في العراق , وعانت الصناعة العراقية من عدم توفر المواد الأولية والوسيطة وصعوبة الحصول على المواد الاحتياطية وشحة الأموال وتخلف التقنية المستخدمة نظرا الى عدم مواكبة التطورات الفنية والتكنولوجية في العالم .
وبعد سقوط النظام الدكتاتوري في 2003 ونتيجة للسياسة الاقتصادية التي نفذتها سلطة الاحتلال والحكومات المتعاقبة بعدها تم اغراق السوق العراقية بالسلع المختلفة المستوردة من الخارج والتي تتمتع بميزات تنافسية افضل من السلع المحلية كما انها تباع بسعر ارخص من السلع العراقية مما ادى الى تهميش وتعطيل الكثير من الصناعات المحلية بما فيها المتوسطة والصغيرة .
من اهم المشاكل والمعوقات التي تعاني منها الصناعة العراقية اليوم : –
عدم وجود سياسة صناعية واضحة المعالم ضمن توجه استراتيجي نحو تحقيق التنمية المستدامة , مع قلة التخصيصات للقطاع الصناعي في الموازنة العامة .
تقادم وسائل الانتاج وهيمنة الأساليب القديمة غير الكفؤة التي ادت الى تدني مستويات الانتاج , اضافة الى عدم ادخال تكنولوجيا حديثة , ما ادى الى ارتفاع تكاليف الانتاج ومن ثم الى ضعف او انعدام القدرة على منافسة السلع الأجنبية .
ضعف رؤوس اموال القطاع الخاص وعدم تمكنه من تطوير المصانع او تجديدها .
ضعف دور الصناعات الصغيرة والمتوسطة حيث اندثر الكثير منها نتيجة الظروف الأمنية واوضاع الخدمات وانقطاع التيار الكهربائي المستمر الى اليوم وغير ذلك .
الظروف الأمنية وحالة الاستقطاب الطائفي وما ادت اليه من هجرة الصناعيين على نطاق واسع الى بلدان اخرى بحثا عن بيئة استثمارية افضل وظروف اكثر امانا لهم ولعائلاتهم .
اغراق السوق العراقية بالسلع الأجنبية المختلفة ومن مناشئ مختلفة وخاصة من دول الجوار وعدم اخضاعها لقوانين التقييس والسيطرة النوعية مما اضر بالقطاع الصناعي العراقي وابعده عن المنافسة بشقيه الحكومي والخاص وادى الى تدني مستويات الانتاج المحلي نوعا وكماَ.
تخلف الخدمات المصرفية وما ينجم عنه من اعاقة للنمو الصناعي .
عدم التنسيق بين المشاريع الصناعية ضمن القطاع الواحد او مع القطاعات الاخرى بسبب عدم وجود سياسات اقتصادية واضحة .
ولأجل تمكين القطاع الصناعي العام والمختلط والخاص من استعادة عافيته والتغلب على المعوقات التي تكبح نشاطه فمن الضروري تبني الدولة سياسة صناعية متكاملة تستند الى استراتيجية تنمية واضحة وتعمل على : –
ضمان دعم الدولة للمشاريع الصناعية ذات المكون التكنولوجي العالي والمتطلبات التمويلية الكبيرة وذات الأهمية الاستراتيجية كالصناعات الكيمياوية والبتروكيمياوية والانشائية والصناعات التعدينية كاستخراج الكبريت والفوسفات .
دعم المنشآت الصناعية والمعامل العائدة للدولة واعادة تأهيلها واصلاحها اداريا واقتصاديا والنهوض بها لتساهم بشكل فعال في تنمية الاقتصاد الوطني .
تشجيع استغلال الخامات المعدنية في اقامة صناعات تحويلية داخل العراق .
العمل على تأمين تنمية متوازنة بين القطاع الصناعي وبين مختلف القطاعات الانتاجية والخدمية الاخرى وخصوصا مع القطاع الزراعي .
تبني الدولة انشاء مدن صناعية حديثة ذات بنى تحتية وامدادات من الخدمات الأساسية التي يحتاجها النشاط الصناعي كالطاقة والماء وغيرهما .
ايلاء الاهتمام الضروري للصناعات الصغيرة والمتوسطة والعناية الخاصة بصغار المنتجين من كسبة وحرفيين واصحاب الورش الصناعية الصغيرة ومساعدتهم على النهوض بمشروعاتهم الاقتصادية نظرا للدور الذي يمكن ان ينهضوا به في مجالات التشغيل والتدريب المهني وفي زيادة الانتاج واشباع جزء من حاجات الأسواق المحلية .
دعم القطاع الخاص وطمأنته بإقامة بنية مستقرة , قانونية وادارية ومالية ومنحه تسهيلات واشكال مناسبة من الحماية لفترات محددة حتى يستطيع الارتقاء بمنتجاته الى مستوى المنافسة الخارجية .
دعم المصرف الصناعي وتعزيز رأسماله وتشجيع تأسيس الصناديق الاستثمارية المتخصصة في تمويل المشاريع الصناعية وتفعيل صندوق التنمية واستحداث مصادر تمويل جديدة لتمويل المشاريع الصناعية واقراض الصناعيين بشروط ميسرة .
اعادة النظر بالتوزيع الجغرافي للمشاريع الصناعية بما يكفل تلافي التفاوت الملحوظ في مستويات تطور المناطق الجغرافية , وتحقيق تنمية متوازنة تتيح ضمان العدالة والعقلانية في التنمية وثمارها .
الحاجة الى تحسين اداء الادارة وتطويرها ومكافحة الفساد والمفسدين , وان يكون عمل مؤسسات الدولة مستندا الى المعايير الاقتصادية والعلمية .
المحافظة على الكوادر العلمية والتقنية والمهارات ورعايتها وتشجيعها والعمل على اجتذاب الكوادر التي غادرت العراق والاستفادة القصوى منها في عملية التنمية .
اعادة النظر بالقوانين والتشريعات الحالية بغية تكوين بيئة استثمارية مناسبة , تهدف الى اجتذاب رؤوس الأموال العراقية المغتربة, وتمكين الصناعة العراقية من الانفتاح الكامل على العالم المتطور .
تدريب وتأهيل الصناعيين العراقيين في المجالات المختلفة وعلى اتباع الأساليب الادارية الحديثة , من خلال المشاركة في المعارض الدولية والاقليمية وحضور الندوات التي تقيمها المنظمات المعنية بالشأن الصناعي .
المعالجة الجذرية للكهرباء وتوفيرها بشكل مستمر فلا صناعة بدون كهرباء .
لقد باتت الحاجة ماسة الى التفاتة مسؤولة الى هذا القطاع الهام, كما الزراعة , ودوره الان ومستقبلا , سيما بعد ان اتضح بما لا يقبل الشك خطورة استمرار المراهنة على عائدات النفط وهي التي لا يمكن التحكم كليا بها .
فمتى يتم النهوض بالقطاع الصناعي العراقي بمختلف فروعه ؟ وهذه مهمة امام الحكومة التي ستتشكل بعد انتخابات 10 / 10 / 2021 , فهل ستنجز ذلك ؟ اشك بذلك !!!