الغريب في عراق ما بعد الاحتلال ، أن كل شىء تقدمه لنا الحضارة أو التقدم الصناعي يتحول بقدرة قادر الى عامل تأخر لبلدنا ولمجتمعنا، والأغرب هو سكوت المعني بالأمر عن هذا أنه التحول التراجعي في كل مناحي الحياة ، وقضيتنا المزمنة اليوم ، هي قضية عسرة المرور وازدحام الشوارع والطرق العامة والارتباك المروري الذي بات يعطل حتى المشاة ، فبالرغم من صيحات مديرية المرور العامة وشكواها المعلنة على الملأ من تجاوز عدد السيارات المتحركة والساكنة على الطرق والشوارع والأزقة بل وحتى على الارصفة ال سبعة ملايين سيارة ، بالرغم من كل المعوقات التي يتركها هذا العدد الهائل من مركبات الحمل والافراد ، قام المبدعون من تجار الصدفة ومنذ سنوات بتوريد الملايين من وسائط نقل جديدة ، هي ما يطلق عليها اليوم بالتكتك والستوتة، اضافة الى اكداس الدراجات النارية العابثة بالطرق والبشر وعلى مرأى ومسمع من وزارات الدولة المعنية ، ولصمتها المطبق ، وربما هي من منح المستورد إجازة استيراد هذه الواسطة المجنونة التي لا حدود لحنونها وجنون من يقودها من الصبية والمراهقين لا بل بعض السكارى والمدمنين ، ليشكل هذا الجمع المشاكس دون استثناء اضافة جديدة لمشاكل المرور ومعوقات السير وتحولت بمرور الزمن إلى عمل مقلق للمشاة بسبب عدم توفر الوعي المروري لدى أصحابها أو من يقودها ، فتراهم لصغر حجمها ومرونة حركتها يتناولون بحرية بين اكداس السيارات ، أو يسيرون دون مبالاة بالاتجاه المعاكس ، دون علم من سالك الطريق ويعرضونه للدهس والخطر المحدق ، ويعلن الكثير منهم أن خطرها غير مميت ، نعم بهذه العقلية التي تدار بها الدولة , وبهذه العقلية التي يقود بها المراهق التكتك والستوتة يجد المرء على سبيل المثال أن مناطق الرصافة ، وخاصة المناطق الواقعة شرق القناة محشوة بكثافة تفوق المعقول بهذه الواسطة المجنونة ، يقودها صبي لم يغادر سنته الثانية عشر ، يقودها بجنون الطفولة ينتقل بين ممر وممر دون عناء ، ويسخر من المشاة بحركات تكتكه المرنة وهو يتبختر ، لم يعد في شوارعنا في شرق القناة ، مدينة الصدر ، جميلة ، الطالبية ، البنوك ، الشعب وغيرها من المناطق السكنية مكان آمن للسير وصارت الأزقة أمكنة تدريب لمن هو دون سن العاشرة ،
إن المواطن لم يعد يصل إلى مقصده بسبب زحمة الطرق وصعوبة السير ، لكثرة السيارات ، ولم بعد يسلم على حياته بسبب كثرة التكاتك والستوتات ، اين بالله عليكم الدوريات، اين الحلول لهذه الاشكالات ؟ ، لكن هذا المواطن سيظل يقول صلوات صلوات على هذه السياسات ، صلوات البرلمان مات ، صلوات على الحكومات ، وأخيرا صلوات على القادم من هذه القرارات….