17 نوفمبر، 2024 2:04 م
Search
Close this search box.

ما الذي تم اخفاءه للتامر على سورية

ما الذي تم اخفاءه للتامر على سورية

يحق لجميع دول العالم التفتيش عن مصالحها وتعزيز مواقعها اقليميا ودوليا، ومن حقها البروز وتسجيل النقاط والانتصارات في الميادين السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والاعلامية وغيرها، وان العلاقات بين الدول لا تختلف عن العلاقات بين البشر، فيجب ان تتوفر فيها الاخلاق والاحترام والتعاون والامانة والمصداقية وحسن التعامل، ناهيك عن تبادل المنفعة، ولكن بشرط الا تتدخل الدول في شؤون الدول الاخرى، والا تكون الدول الصغيرة عونا لدول كبرى لها اطماعها واجندتها في دول اخرى، فهنا تصبح الدول الصغيرة شريكة او ذنبا تابعا للدول الكبرى، فتصبح الصورة سلبية للغاية، اي لا يحق لتلك الدول الكبرى واذنابها من دول صغرى القيام بهذا الدور الذي يقود الى لغة الغاب، وولادة المحاور، وانتشار الازمات على حساب السلام بين الدول والشعوب

وبالنسبة الى « دولة قطر » الصغيرة بنفوسها وجغرافيتها، والكبيرة باقتصادها وطموحاتها، وحتى بمشاغبتها، والتي قال عنها الرئيس المصري السابق حسني مبارك ذات يوم « انها لا تعادل نفوس فندق واحد في الصين الشعبية » وكان الرئيس مبارك على حق، ولكن ليس من حق مبارك، ولا اية جهة في العالم منع او ايقاف دولة قطر من التفتيش عن مصالحها، او ايقافها عن النمو الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي، فهذا حقها المشروع، وان القضية قضية علاقات وذكاء في توظيف الاموال والثروات، ولكن لا يجوز لدولة قطر ان تتعملق على حساب الام وماسي الشعوب والدول العربية، اي لا يجوز لها التعملق على حساب شقيقاتها من الدول العربية، فهنا « نقطة نظام » امام انظار اصحاب القرار في دولة قطر!

تشعر قطر بانها اكبر من ان تقف في الطابور الخليجي الذي تقوده الرياض ..

فلقد دار في احد الايام نقاش ساخن بين مجموعة من المثقفين العرب وكان الكاتب حاضرا حول السؤال التالي « هل ان دولة قطر مغرورة، ام انها مصابة بداء التغريد خارج السرب؟، وهل هي مخيّرة ام مسيّرة؟ » وطبعا حصل اختلاف في الاراء حول الاتفاق على رأي واحد، ولكن الذي اتفق عليه هو ان دولة قطر تفتش عن دور خاص بها عربياً واقليمياً وحتى دولياً، ولديها الاستعداد لتقديم التنازلات ومهما كان نوعها، وكذلك لديها الاستعداد لتقديم الملايين بل المليارات من الدولارات في سبيل تحقيق هذه الاهداف، فهي ترفض التقوقع في محيطها الخليجي، وترفض رفضا قاطعا الوقوف خلف السعودية بحكم انها الشقيقة الكبرى، وتشعر بانها اكبر من ان تقف في الطابور الخليجي الذي تقوده الرياض، وتشعر هي اكبر من موقع عضو في مجلس التعاون الخليجي، فهي تنظر الى المجلس مجرد « ديوانية قبليّة » لتوزيع القبلات على الأنوف، وتذوق انواع جديدة من الطعام، وتعطير الذياب بالبخور والمسك.

لهذه الاسباب تشكل قطر عنصر الامان لاسرائيل..

فهي عملت وتعمل على استراتيجية الشراكة مع اسرائيل من جهة، والود النفعي المرحلي مع ايران من جهة اخرى، فقطعت اشواطاً في رسم الشراكة مع اسرائيل او حتى محاولتها الحصول على حصة اكبر من اسرائيل في المنطقة عندما ذهبت بعيداً مع الجانب الاميركي، وتحديداً بعد نجاح دولة قطر من استغلال اسرائيل وصداقتها لها بالتاثير على اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة واوروبا ليضغط على الولايات المتحدة الاميركية والتي وافقت بفعل هذا التأثير ان تكون دولة قطر حاضنة لاكبر قاعدة عسكرية في منطقة الشرق الاوسط، وارضها تحتوي على اكبر مخازن عتاد وسلاح في الشرق الاوسط، وتعتقد دولة قطر انها اصبحت في مامن من خطر شقيقاتها وجيرانها، ومن الدول الاقليمية المجاورة لمنطقة الخليج، ولكن اسرائيل ليست غبية بل حسبتها حساباً استراتيجياً، فوجدت ان تلك القواعد والمخازن العملاقة التي تحتوي على احدث الصواريخ والاسلحة والاعتدة الاميركية وعندما تكون في قطر فهي اقرب لها من الولايات المتحدة، ومن القواعد الاميركية في المنطقة عند الضرورة او عند ساعة الصفر، ثم ان تواجد هذه القوات وتلك الاسلحة في منطقة مهمة واستراتيجية وهي منطقة الخليج يعد نصر استراتيجي لاسرائيل التي كانت تتوجس من العراق سابقاً، ومن ايران ومن الحركات الاسلامية والجهادية التي ما زالت تتوجس منها، وبالتالي هو عنصر امان لاسرائيل .

قطر نجحت بـ »الاختبار العراقي

فلدى اسرائيل مشروعها القديم الذي يستند على تقسيم المنطقة وتفتيتها لتصبح اسرائيل هي السيدة الاولى في المنطقة، وتتناظر وتتمايز مع الدول التي ستتشكل على اسس دينية وعرقية واثنية وطائفية وغيرها، ولقد اثبتت دولة قطر بانها امينة على تنفيذ ما اتفق عليه مع اسرائيل والولايات المتحدة وعندما شاركت وبشكل فعلي ضد العراق، ولم يمنعها من ان العراق دولة شقيقة، وان الشعب العراقي شقيق الى الشعب القطري بل اندفعت دولة قطر وتفانت في دعمها اللوجستي والمالي والاعلامي والعسكري والاستخباري للحرب ضد العراق، وهنا نجحت قطر بالاختبار الاسرائيلي والاميركي، فكسبت ثقة اسرائيل، والاخيرة كسبت لاعباً مهماً اضافة الى خزينة مليئة بالمال وهي الخزينة القطرية لدعم مشروعها القديم الذي يقود الى تقسيم الدول العربية ومثلما اسلفنا، وبالتالي وجدت قطر نفسها منغمسة في مشروع المحافظين الجدد، والذي هو انبثاق وتبشير للمشروع الاسرائيلي القديم الذي يقود الى تقسيم العالم العربي وولادة اسرائيل الكبرى، وهذا يعني وفي آخر المطاف ستكون دولة قطر سبباً في اكل شقيقاتها الخليجيات في آخر المطاف، اي ستشترك في تقسيم وتفتيت الدول الخليجية ايضاً، وبمقدمتها السعودية، واخيراً عرفنا معنى التركيزوالالحاح الاميركي بانهم يريدون من العراق ان يكون نموذجا لدول المنطقة باسرها، فلقد ظن الجميع والكاتب منهم بانهم يريدون تعميم النموذج الديمقراطي الاميركي في العراق، ولكن طيلة السنوات التسع من عمر احتلال العراق لم يُلاحَظ ان هناك تطوراً ديمقراطياً، وليس هناك اهتمام ببناء المؤسسات التي تغذي وتطور الديمقراطية في العراق، كذلك ليس هناك اهتماما بالمواطن ولا بحقوقه، ولا حتى هناك اهتمام بالبنية التحتية والتنمية، بل هناك تقويض للدولة العراقية ولسمعتها وبنيتها ووحدتها، فتبيّن ان النموذج الذي تكلم عنه المحافظون الجدد والرئيس بوش والاعلام الاميركي هو موضوع التقسيم والهيمنة في العراق، اي نقل تجربة التقسيم في العراق الى الدول العربية ومن ثم جعلها سوقا استهلاكية لاسرائيل والولايات المتحدة والغرب مثلما هو حاصل في العراق وللسنة التاسعة على التوالي.

اهم اسباب الحملة على سوريا هو تغيير نظامها بنظام ترعاه واشنطن علناً واسرائيل سراً ..

تعتبر المعركة التي تقودها سوريا الآن معركة مصير وطن وشعب وامة، وعملية صد مقدسة للطوفان القادم نحو بلاد الشام، وبغض النظر عن نوعية النظام وهويته، فسوريا وجدت نفسها وبتصاعد دراماتيكي بانها تخوض حربا مركبة للغاية، وتخلو من ادنى درجات الاخلاق والمصداقية، ووقودها الكذب والتدليس والفبركات الاعلامية، وشهادات شهود الزور، وليست لها علاقة بما يسمى بـ« الربيع العربي » وتختلف اختلافاً شاسعاً عما حصل في تونس ومصر وغيرهما، ومن خلال مؤامرة حيكت على مراحل وفصول وحلقات، والغريب ان هناك دولاً عربية ليست فيها تعددية ولا ديمقراطية، ولا حتى برلمان ولا مؤسسات لحقوق الانسان، وليس فيها منظمات مجتمع مدني ولا حتى دستور، راحت لتساند الحملة على سوريا التي ترفع شعار بسط الحرية والديمقراطية والتعددية، وتنادي بانقاذ الشعب السوري من الابادة وهي التي تسمي شعوبها رعايا ولم تقل حتى مواطنين وتمارس ضدهم ابشع انواع التمييز والاهمال!

والحقيقة ان اهم اسباب الحملة على سوريا هو تغيير نظامها بنظام ترعاه واشنطن علناً واسرائيل سراً، والسبب هو « الطاقة المكتشفة » في قعر البحر الابيض المتوسط، والتي تعتبرها اسرائيل ملكاً لها والتي تمتد حتى السواحل السورية، وربما الى حقول غير مكتشفة ضمن المياه السورية، وبالتالي فالمعركة « المؤامرة » الجارية ضد سوريا سببها الطاقة الجديدة التي تبحث عن فضاء جيوسياسي وديموغرافي تتحكم فيه اسرائيل، وهو نفس السبب الذي سيجعل لبنان على صفيح ساخن ايضاً، لان وجود نظام كنظام الرئيس بشار الاسد الذي يؤمن بالقومية العربية، ويرفض السلام الذي تريده اسرائيل، وبدعم القضية الفلسطينية ويحتضن الكثير من المنظمات الفلسطينية، ويرفع شعار الممانعة، ومطالبته برحيل الاحتلال من العراق، ويرفض التنازل عن علاقته بالمقاومة الاسلامية في لبنان ومع ايران يشكل خطر جسيم على الثروات المكتشفة قرب سواحل اسرائيل من وجهة النظر الاسرائيلية والاميركية، لان هذه الثروات تحتاج الى بيئة آمنة، والى شراكة اقتصادية ولوجستية مع الجيران، ومع المشتركين في الجغرافية الجيوسياسية والبحرية من وجهة نظر قادة اسرائيل وواشنطن، علما ان تلك الثروات ليست مفاجئة لاسرائيل والولايات المتحدة بل لديهما الخرائط والاكتشافات الكاملة عنها ومنذ زمن بعيد، بل حتى الشهيد « رفيق الحريري » كان يعرفها وتحرك سراً للتباحث مع بعض الشركات المختصة في التنقيب، ولهذا ربما كانت سبباً للتخلص منه.

الطاقة والثروات التي اعلن عنها في منطقة البحر المتوسط وقرب « اسرائيل » هي التي عجلت بتسخين الملف السوري..

لذا فالطاقة والثروات التي اعلن عنها في منطقة البحر المتوسط وقرب اسرائيل هي التي عجلت بتسخين الملف السوري الذي كان يشغل ومنذ زمن بعيد مساحة على طاولة التقسيم الاميركية، وحسب رؤية المستشرق العجوز « برنارد لويس » المولود في لندن عام 1916 والمختص في الاسلام ومنطقة الشرق الاوسط ، والذي هو المرجع الاعلى للرئيس بوش وللمحافظين الجدد، ولقد اكد الصحفي الفرنسي ريشار لا بغيير في كتابة « التراجع الكبير » ان المستشرق برنارد لويس كان له تاثير على جميع الادارات، ومنذ عهد رونالد ريغن فيما يخص الاسلام وقضايا الشرق الاوسط، وهو صاحب المقولة المعروفة « الاسلام دين المتخلفين، وان المسيحية واليهودية دين الحضاريين » ويؤكد الصحفي الفرنسي بان مصطلح « الشرق الاوسط الواسع » هو من نتاج افكار برنارد لويس، لكي يحل محل تسمية » العالم العربي » لان الاسم الاول فضفاض جداً، وهو مصطلح جغرافي سيزيل التاثير القومي والسياسي والحضاري للعالم العربي، والهدف لكي تُدمج فيه اسرائيل وتضاف اليه الامة الفارسية والامة التركية، وفي المستقبل ربما ستضاف له الامة الافغانية وحتى الهندية، والهدف اذابة العرب في بوتقات كبيرة لا علاقة لهم بها فتتميع حضارتهم وتراثهم وحتى قوميتهم.

خطط الرئيس اوباما توكيل المنطقة الى نمرين اقليميين متنافرين .

ومن هنا راحت ادارة الرئيس اوباما للمباشرة بدعم تركيا، وتراهن على التغيير في ايران لصالح الجماعات التي تؤيد هذا المشروع وتؤيد العلاقة مع واشنطن والسلام مع اسرائيل فيما لو تذكرنا مبادرة الشيخ رفسنجاني للسلام مع اسرائيل، او تحاول ادارة اوباما عقلنة النظام الايراني الحالي نحو علاقة خاصة مع واشنطن، فحينها تصبح المرجعية العليا للعرب متوزعة بين طهران وانقرة وتل ابيب، لان ضمن خطط الرئيس اوباما توكيل المنطقة الى نمرين اقليميين متنافرين، ولكنهما لن يتصادما فيما بينهما بل سيباشران بحرب باردة وبرعاية اميركية، لان الولايات المتحدة تبرعت بمراقبتهما مع فسح المجال لاسرائيل بحرية التحرك في الشرق الاوسط الكبير. . . وهي فكرة مشروع « الشرق الاوسط الكبير » الذي عمل عليه الرئيس بوش ورامسفيلد والاغلبية المطلقة من المحافظين الجدد، وعندما رسموا خارطته التي تبدا من المغرب حتى الحدود الصينية الافغانية نزولا نحو الخليج فالعراق ثم شواطئ لبنان فقبرص واليونان، وهنا سيكون الشرق الاوسط الكبير والذي سيبتلع العالم العربي لانه عبارة عن اطار جغرافي تذوب فيه اللغات والاعراق والاقوام، وحينما سيتمييع العراق وسوريا ولبنان ومصر وغيرها، وتتولد بدلا عن ذلك كيانات وطموحات تمثل « الشيعة، السنة، الاكراد، التركمان، الامازيغ، الدروز، وكيانات مسيحية، والعلويين، والاقباط، والنوبة، وغيرهم » ولاجل هذا المشروع راحوا ففتتوا العراق ثاراً من تشرشل الذي وزعها عام 1921، وهي الفكرة التي استهوت نائب الرئيس الحالي « جو بايدن » وعندما كان نائباً.

تقسيم العراق المخرج الوحيد من المستنقع العراقي ..

ففي اوائل مايو من العام 2008 دعا السيناتور الديمقراطي جوزيف بايدن من ولاية ديلاوير والذي اختاره المرشح الديمقراطي للبيت الابيض باراك اوباما نائبا له عندما اصبح رئيسا ولزلي جليب الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية الى تقسيم العراق لثلاث مناطق كردية وسنية وشيعية تتمتع كل منهما بالحكم الذاتي، فوجد مشروع بايدن-جليب لتقسيم العراق ترحيبا من قبل العديد من اعضاء الكونغرس، ومن ضمنهم السيناتور الجمهورية كيلي بايلي هوتجيسون التي ترى في تقسيم العراق المخرج الوحيد من المستنقع العراقي، علماً ان العراق بلد موحد ومستقر ومتآخٍ قبل الغزو الاميركي واحتلاله.

وفي ظل الجدل المثار حول تقسيم العراق الي ثلاث اقاليم اصدر مركز سابن بمعهد بروكينغز للدراسات السياسية والاستراتيجية بواشنطن دراسة بعنوان « حالة التقسيم السهل للعراق » حاولت الاجابة على العديد من الاسئلة حول مدى امكانية تطبيق الفيدرالية في العراق ونسبة النجاح مقارنة بالوضع الحالي الي جانب الصعوبات التي ستواجه الاطراف المختلفة اذا تم تطبيق هذا الخيار الذي اطلقت عليه الدراسة » الخطة ب »، ولقد اعد الدراسة جوزيف ادوار وهو باحث زائر بمعهد بروكينغز له خبرة كبيرة في مجال ادارة الصراعات حيث عمل لمدة عقدا كامل مع قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة بمنطقة البلقان ولديه العديد من المؤلفات في هذا المجال وشاركه في اعداد الدراسة مايكل هانلون الباحث المتخصص في شئون الامن القومي الامريكي بمعهد بروكينغز والذي عمل مع قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة في العديد من الدول. . والم يقل بريجنسكى مستشار الرئيس الامريكى للامن القومى السابق « ان منطقة الشرق الاوسط ستحتاج الى تصحيح الحدود التى رسمتها اتفاقية سايكس بيكو ومقررات مؤتمر فرساي ».

ولكن اصل الحكاية بدات عام 1980 عندما تقدم المستشرق اليهودي الامريكي « البريطاني الاصل » برنار لويس بمشروع منطقة الشرق الاوسط بكاملها حيث يشمل تركيا وايران وافغانستان الى الكونغرس، وتمت الموافقة بالاجماع في الكونغرس عام 1983، وهذا يعني ان غرفة العمليات العملية هي في قلب العالم العربي، فتم اختيار العراق لأنه يشكل قلب العروبة والعالم العربي، ناهيك عن دوره الريادي والحضاري والقومي والثقافي والفكري، فتم غزوه والمباشرة بتطبيق مشروع العزل والتقسيم وتزامنا مع المشروع نفسه في افغانستان، والعراق وافغانستان يشكلان اهمية قصوى واستراتيجية بالنسبة لايران، وعندما نجحوا في العراق قرروا ان تكون السفارة الاميركية في هذا البلد بمثابة « بنتاغون مصغر. . او بنتاغون متقدم. . او غرفة عمليات متقدمة » اي ان هذه السفارة ستشرف على السفارات في العالم العربي، وان معظم الدبلوماسيين والسفراء قد تدربوا وسوف يتدربون في العراق قبل توزيعهم على السفارات في الخليج والعالم العربي.

خطط تقسيم العراق وسورية ومصر والسودان ليست وليدة اللحظة…

وعندما اكملوا المخطط في العراق راحوا بالذهاب الى الحلقات الاخرى من المخطط نفسه، فحتى سوريا يراد تقسيمها الى اربع او خمس كيانات لتتجانس طائفيا وعرقيا وجغرافيا، فهناك « دولة سنية في حلب تخاصم دولة سنية في دمشق وبالعكس، ودولة شيعية علوية في الساحل السوري، ودولة درزية في جبل العرب، وتاسيس اقليم قلق قاعدتة القبائل العربية في الجزيرة المحاذية للعراق يكون ساخنا على غرار منطقة » وزيرستان » في باكستان »، اي ولادة كيانات متمايزة ومتناظرة، ولقد اضيف تعديل في الفترة الاخيرة لاضافة كيان درعا السورية المنفتح على الرمثا الاردنية نزولا نحو الاقليم السني العراقي في محاولة لصنع كيان بديل للفلسطينيين وصولا لحدود الشيعة في كربلاء والنجف، وفي مصر هناك مخطط لـ« دويلة قبطية عاصمتها الاسكندرية، ودويلة اسلامية عاصمتها القاهرة، ودويلة النوبة وعاصمتها اسوان ».

ويقسم السودان الى ثلاث دويلات، وهاهو قد تقسم الان الى سودان جنوبي واخر شمالي، ولقد احتفل العالم بولادة الدولة الجديدة وبدعم اميركي وغربي ملفت للغاية، ولقد باشر القسم الجنوبي ببيع الاراضي الى جهات خارجية فلقد نقلت صحيفة ذي تايمز البريطانية بتاريخ 2 يوليو / تموز 2011 عن تقرير للمؤسسة النرويجية « جمعية مساعدة الشعوب النرويجية » ان الارقام صادمة، فمساحة بعض الصفقات فلكية، ولم نكن نتوقع ان نرى شيئاً مثل هذا، وان تلك المشاريع التي ستقام على الارض التي بيعت واستاجرت تصل مساحتها الى 2. 6 مليون هكتار، وهو مايعادل مساحة ويلز، وتقع في اخصب المناطق من دولة جنوب السودان الفتية.

واشارت التايمز الى انها حصلت على وثائق تكشف انه تم ابرام بعض الصفقات بمبالغ رمزية، فقد دفعت شركات امريكية مثلا 4 بنسات على الهكتار الواحد، وحصلت شركة « نايل للتجارة والتطوير » ومقرها مدينة تكساس الامريكية على 600 الف هكتار مقابل 17 الف جنيه استرليني لاستغلال تلك الاراضي لمدة 49 عاماً.

مع خيار رفع اجمالي المساحة المستغلة الى مليون هكتار ولقد لفت انتباهنا وانتباه المراقبين هو الاهتمام القطري بالاستثمار في السودان ومنذ سنوات ـ سنعود لاحقا الى هذه الاشارة ـ وبالعودة الى مخطط التقسيم ففي المغرب العربي هناك مخطط ولادة دويلات تابعة للبربر واخرى عربية وبوليساريو وغيرها وتكون جميعها متناحرة ومتمايزه، وان هذا التقسيم قد ورد في مجلة « كوفنيم اليهودية » التي تصدر عن الوكالة اليهودية العالمية قبل سنوات مضت عندما نشرت تقريرها حول تقسيم المنطقة العراقية في عام 1989، ولقد اكدت في ذلك التقرير على التقسيم في العراق وسوريا ولبنان والسعودية ومصر.

ولكن الأهم ما ورد في شهادة الجنرال الاميركي « ويسلي كلارك » في مؤتمر الديمقراطية الان وتحديدا بتاريخ 2/3/2007، وعندما صدم الرجل حسب قوله فكان كان مبهوراً لا بل مصدوماً من المخطط الذي سمعه وعايشه، وكلارك هو القائد العام لحلف الناتو 1997 – 2001 ، وكان احد المرشحين للرئاسة الاميركية عام 2004 يقول بشهادته المهمة والخطيرة ما يلي « بعد حوالي عشرة ايام من احداث 11 سبتمبر قابلت وزير الدفاع رامسفيلد ونائبه وولفوفيتس والاول والثاني من صقور المحافظين الجدد اليهود ، وهبطت نحو الطابق السفلي لمقابلة بعض الاشخاص، واذا باحد الجنرالات يناديني: سيدي الجنرال لطفا بعض الوقت، فذهبت نحوه واذا به يقول لي: سنحارب العراق ولقد اتخذ القرار وذلك في 20 سبتمبر، فقلت له: لماذا؟ لماذا نحن ذاهبون للعراق؟ فقال: لا ادري، فربما ليس عندهم شيء يفعلونه، فعندنا قوة عظيمة ويمكن ان نسقط انظمة بها، يقول فسالته: هل وجدوا دلائل لعلاقة ما بين صدام حسين وتنظيم القاعدة؟ فقال لي : لا لا لا لكنهم قرروا الحرب، ويستمر الجنرال كلارك بسرد شهادته فيقول: بعد القصف على افغانستان عدت الى ذلك الجنرال فقلت له : هل لا زلنا سنحارب العراق؟ فقال لي: لا، بل هناك من هو اسوا، وتناول ورقة وقال : هذه جاءت من فوق اي من وزير الدفاع رامسفيلد » علينا احتلال 7 دول في 5 سنوات، وهي العراق، سوريا، لبنان، ليبيا، الصومال، السودان، ومن ثم ايران ».

وهذا يعني ان موضوع التقسيم ليس وليد اللحظة، وكذلك ليس له علاقة باسلحة الدمار الشامل في العراق، وكذلك ليس له علاقة بالملف النووي الايراني، ولا بالخطوات النووية التي قطعتها ليبيا وسوريا، وليس له علاقة بحرية الشعوب العربية اطلاقا، ولكن جميعها وسائل وردية غايتها التدخل والهيمنة للوصول الى مشروع التقسيم والتفتيت والذي تقدم كثيرا وللاسف الشديد وبدعم من بعض الدول العربية وبمقدمتها دولة قطر لتثبت للولايات المتحدة ولاسرائيل بانها حليف لا يكذب ومخلص ومهما كانت الاهداف والمخططات.

وبالعودة الى دولة قطر، فعندما قطر نجحت بجر الاميركيين وترسانتهم نحو قطر، وجدت نفسها غير مضطرة ان تستمر بالانغماس السياسي الشديد مع الاسرائيليين، اي لا توجد ضرورة بان تعتمد على اسرائيل في كل صغيرة وكبيرة وبعد ان اصبح الاميركان في عرينها، اي انها اعتمدت سياسياً وعسكريا على الولايات المتحدة، وابقت الملف التجاري والاقتصادي من حصة اسرائيل لتشاركها فيهما، ومن الجانب الاخر راحت فصنعت لها شبكة حماية ووقاية من الاشقاء والجيران والاعداء وحتى من اسرائيل احيانا، وهي » قناة الجزيرة الفضائية » التي هي مشروع سياسي قطري بحت، ونجحت بتاسيسه من خلال الاستفادة من الخبرة الاسرائيلية والاميركية والغربية في مجال الاتصالات والاعلام والتكنلوجيا والاستخبار، فصارت الجزيرة سلاحا اعلاميا واستخباريا ونفسيا فتاكا بيد الحكومة القطرية لترهيب الحكومات والانظمة والشركات والاحزاب والحركات ومنظمات المجتمع المدني، وحتى ترهيب المرجعيات الدينية والصحافة الحرة والمتزنة في العالم العربي، وحينها ولدت الجدلية التي تحمل نوعا من الكوميديا، وهي « هل ان قناة الجزيرة في قطر، ام ان قطر في قناة الجزيرة؟ » وبالتالي فدولة قطر تشعر بانها اكبر من حجمها، واكبر من جميع شقيقاتها الخليجية، لا بل تشعر بانها اكبر من المكان الذي تتواجد فيه، ولهذا اصبحت تشعر بانها مؤهلة لقيادة العرب والمنطقة.

تتوهم قطر بان ادوات القيادة اصبحت متوفرة لديها واهمها « المال والعلاقات الدولية والثروات » فلماذا لا تخطط لقيادة العرب ..

فهي تعتقد اي دولة قطر بان ادوات القيادة اصبحت متوفرة لديها واهمها « المال والعلاقات الدولية والثروات »، فلماذا لا تخطط لقيادة العرب، لا بل تصبح شريكة فعلية لاسرائيل في الشرق الاوسط الكبير؟ ولكن هذا الهدف ليس سهلاً ان لم ترطب الاجواء مع طهران، فراحت فنسجت علاقات خاصة « وهي مرحلية » مع ايران ولم تنتقدها اسرائيل ولا حتى واشنطن، ودون ان تلتفت قطر الى النقد من الدول الخليجية، ولكن هذا لا يعني انها علاقة استراتيجية كالعلاقة مع اسرائيل والولايات المتحدة، لانه لن تتوانى قطر بالاشتراك ضد ايران اذا وجدت ان هناك تحالفاً دولياً حقيقياً ضدها، فدولة قطر تستخدم العلاقة مع ايران لابتزاز السعودية وبعض الاطراف في المنطقة، فقبلها راحت فاصبحت نصيرا للولايات المتحدة والغرب ضد العراق، فشاركت بعملية اسقاط نظام صدام وباحتلال العراق.

فلقد لعبت دولة قطر دوراً محورياً في عملية اسقاط النظام العراقي واحتلال العراق، وكانت خدمة جليلة لايران واسرائيل، وترسيخ لشراكة استراتيجية مع واشنطن والغرب، ولهذا اصبحت قطر صديقاً موثوقاً به، لا بل شريكاً في الاجندة الاميركية والاسرائيلية.

قطر و »الربيع العربي » ..

ولكي تبرهن على صدقها وتفانيها راحت فدعمت عملية التغيير في تونس وعلى الاقل اعلامياً، ولكنها انغمست بشكل قوي في عملية ازاحة نظام الرئيس مبارك والمشاركة في هندسة الثورة المصرية، اي كانت مشاركتها في مصر سياسية ومالية واعلامية واستخبارية ولوجستية، ولم تكتف بهذا بل راحت فاصبحت عراباً لموضوع اسقاط نظام الزعيم الليبي معمر القذافي، فشاركت بشكل فاعل في حلف « الناتو » واصبحت عضواً فاعلاً في جميع الجهود المالية والقتالية واللوجستية الخاصة بالناتو وبالولايات المتحدة، لا بل تبنت موضوع اسقاط النظام الليبي علنا، والاغرب عندما اصبحت لاعبا رئيسيا في مخطط تغيير النظام في سوريا، سوريا التي كانت ترتبط بعلاقات متميزة مع القصر الاميري ومع الدولة القطرية، اي كان الرئيس بشار الاسد من المقربين جدا للقيادة القطرية، وما اشبه الوضع السوري بالوضع العراقي عندما كان القصر الاميري والدولة القطرية من اقرب اصدقاء الرئيس صدام حسين.

وكل هذا ليس اعتباطاً او نوعاً من التغريد خارج السرب، ولا حتى « خالف تُعرف » بل ان دولة قطر تبحث عن دور عربي متداخل مع دور اقليمي كبير، وهي ماضية في هندسة هذا الدور ولقد قررت استعمال « قناة الجزيرة » بمثابة راس الحربة في الحرب الاعلامية واللوجستية الجارية حالياً في العالم العربي، ولهندسة دورها ولصالح المخططات الاميركية، ومن وجهة النظر القطرية لن يضر حتى لو كان هذا الدور على اشلاء الاشقاء فهي لن ولن تكون ذيلاً للسعودية، وبنفس الوقت لن تستمر بالوئام مع السعودية، ولهذا هي تريد تجاوز السعودية عربيا واقليميا، ولمن لا يعرف فدولة قطر تقاطرت سرا عبر شركاتها ورجال اعمالها على السودان ومنذ اكثر من 5 سنوات تقريباً.

دولة قطر عبارة عن رأس الحربة في المخططات الاسرائيلية والاميركية في المنطقة ..

وذات يوم سال الكاتب وزيراً قطرياً سابقاً وهو رجل اعمال: ما سرالاهتمام القطري بالسودان القاحلة؟ فضحك وقال: السودان هي ماليزيا القادمة، وسوف ترى ماذا ستصبح السودان وما هو دور قطر فيها، حينها عرفنا بان هناك تحالفاً غير معلن بين اسرائيل ودولة قطر للعمل معاً وبشكل استراتيجي بعيد المدى في السودان وغيرها، اي ان دولة قطر عبارة عن رأس الحربة في المخططات الاسرائيلية والاميركية في المنطقة في محاولة منها لتصبح قوة سياسية واقتصادية وبدعم من اسرائيل، ولا يهم هذا التحالف ان كانت هناك مخططات تقسيمية وتفتيتية للدول والمجتمعات العربية، ولا يهم ان كانت هناك زيادة في عدد المفقودين والقتلى والللاجئين والعاطلين عن العمل من العرب، ولا يهم ضرب المنظومات الاخلاقية والثقافية في المجتمعات العربية، ولا يهم انتهاكات حقوق الانسان وانتشار الفوضى والسجون السرية والمخدرات في مجتمعات الدول المستهدفة، وكذلك لا يهم هيمنة الحركات المتطرفة والراديكالية تحت مظلة الديمقراطية المستوردة، ولا حتى هيمنة مجموعات المتخلفين والقمعيين، فالمهم الوصول الى الثروات والهيمنة عليها، وولادة محاور اقتصادية وسياسية جديدة، وحصول قطر على موقع متقدم في العالم العربي الجديد، وحتى في الشرق الاوسط الكبير.

أحدث المقالات