إذ انتهى العراق بالأمس من دفع آخر قسطٍ من التعويضات المالية الى الكويت , والتي بلغت 52 مليار دولار , استنزفت العراق منذ عام 1991 وعمّقت جراح الحصار وتجويع الشعب العراقي , لكنّ هنالك محطّات توقّفٍ الزاميّة ومؤلمة بهذا الشأن الشائن .!
في 19 آذار – مارس لعام 2003 فتحت الكويت حودها البريّة المشتركة مع العراق , ومعها اجواءها وقواعدها الجوية , لتغزو وتجتاح القوات الأمريكية , البريطانية , الأسترالية , والبولندية لبدء احتلالٍ كاملٍ للعراق , فوفقَ ايّ فقرةٍ في القانون الدولي يُسمح بها لدولة لمرور وتمرير قوات اجنبية لإحتلال بلدٍ مجاور , وإسقاط هيكلة الدولة فيه والهيمنة على كلّ موارده المالية والنفطية , ثمّ التمادي والبقاء لسنواتٍ طوال في هذا الإحتلال , اليست الكويت مسؤولة فعلياً في القانون الدولي لذلك , وعليها تحمّل تبعات هذا الإحتلال وتبعات خسائر العراق البشرية والماديّة .! , الى ذلك ايضاً فكافّة السياسيين العراقيين الحاليين ” من الدرجة الأولى ” الذين سلّمتهم الولايات المتحدة للسلطة في العراق – والذين جيء بهم جميعهم من خلف الحدود – والذين لم يطالب أيٌّ منهم الأمريكان لممارسة الضغط في وقف دفع التعويضات المالية للكويت < وإبراز ذلك في الإعلام > , فإنّهم شركاء في الجريمة المرتكبة بحقّ العراقيين واستنزاف ثروتهم الوطنية , ورغم أنّ ذلك من المحال توقّعه منهم , إنّما ذلك يضاعف من تهمة الجريمة الكبرى والخيانة العظمى بحقّ الوطن , وقد تُثار هذه القضية بعد سنواتٍ مجهولة , فإنّها تتعلّق بالتأريخ وتدوين التأريخ .
مسألةُ احتلال العراق فيها مداخلاتٌ تتداخل مع مداخلاتٍ اخرى , فبعدَ اقلِّ منْ سنةٍ على احتلال البلاد , اعلنت الولايات المتحدة عن عدم وجودِ أثرٍ لأسلحة الدمار الشامل < وهم يعلمون بعدم وجودها اصلاً وناوروا بعنصر الوقت او الزمن ” لتثبيت هذه التهمة الملفّقة والتهيئة النفسية عبر وسائل الإعلام للرأي العام العالمي ” عبر حملات المفتّشين الدوليين , والذين ثَبُت انّ العديد منهم يعملون لصالح المخابرات الأمريكية والموساد الإسرائيلي > فمعَ وعبر تلاشي وزوال هذه التهمة بالإعتراف الأمريكي , فما المسوّغ وفق القانون الدولي لإدامة وديمومة الإحتلال .؟ وإذ نذهب لأبعد من ذلك قليلاً , فإلامَ لمْ تتحرك روسيا وفرنسا والصين لإثارة مسألة الإبقاء على الأحتلال < ولا نتطرّق الى الجامعة العربية بذلك ونتجاوزها ولا نقل نرميها الى الخلف.! > , وخصوصاً أنّ احتلال العراق كان من دون قرارٍ دوليٍ لا من مجلس الأمن ولا من هيئة الأمم المتحدة , لكنّهم شرعنوا ذلك ولو بصمتهم على الأقلّ .!
موضوع او قضية امريكا والعراق ” وبالرغم من انسحاب القوات الأمريكية من العراق في عام 2011 ” وبقاء عددٍ رمزيٍ منها يفتقد لأيّ ثقلٍ عسكري وبما يساوي تشكيل – لواء ناقص فوج – وبتعداد 2500 جندي ويحذف منهم الإداريون والخدمات اللوجستية , لكنّ مسألة هذا التواجد الأمريكي الرمزي قد بلغَ درجةً من التعقيد بلغت الى الحدّ أن تطالب العديد من القوى السياسية على بقاء وإبقاء هذا التواجد , لمحاولة التوازن مع فصائلٍ مسلحةٍ تتبع او موالية للإيرانيين .
ثُمَّ بعيداً وابتعاداً عن الإسترسال في هذا المجال والمنوال , فلو كان هنالك جزيء من جزءٍ من ذرّة الوطنية المفترضة لدى ساسة العراق وعبر حكوماتهم المتعاقبة , فكان بمقدورهم مساومة الأمريكان على الإبقاء على قوات امريكيةٍ رمزيةٍ ” مُطوّقة ومحاصرة بتشكيلات القوات العراقية من كلّ الزوايا المحيطة بقواعدها المشتركة مع الجيش العراقي ” مقابل وقف دفع التعويضات المالية للسنوات الأخيرة الى دولة الكويت , ولكن هيهات , وبدا ” وللأسف ” فإنّ القوى السياسية وفصائلها المعروفة ! , فإنّها ترتأي وتفضّل مغادرة آخرَ عريف او جندي مكلّف امريكي للعراق , حتى لو كان الإستمرار في دفع التعويضات المليارية الى الكويت الى موعدٍ مؤجّلٍ دونما تأريخٍ محدّد , وكلّ ذلك او بعضه يشكّل مشهداً من صراع الإرادات الخارجية وتوابعها .! , وللحديثِ شؤون وشجون .!