(1)
الحديث عن (الساعة) بأشكالها والوانها، ناهيك عن شؤونها وشموخها يطول كثيراً، وقد يظل هذا الحديث مالىء الدنيا وشاغل الناس حتى قيام (الساعة) ، وبما ان البلاغة في الايجاز، سأوجز في الحديث عن (الساعة الشمسية) وذلك لأن الدخان الكثيف المنبعث من حرائقنا يحجب الشمس ، ويقف عائقاً امام الحديث المفترض.
(2)
وبالايجاز ذاته اتعامل مع (الساعة النجمية) فأمر بها مرور الكرام ، فالنجوم غير مرئية في السماء العراقية ، وذلك لوجـود الغيوم السوداء الكثيفة .
(3)
من خلال (الساعة) التي اهدتها الحضارة العرببة ممثلة بهارون الرشيد، الى الغرب ممثلاً بشارلمان ، افتتح الزمن الغربي حركته، وبخلاف ذلك أخذ الزمن العربي يالتوقف دقة إثـر دقة .
(4)
قيل : تجاذب ظريـفان اطراف مداعبة ساعاتية، فقال الاول مخاطباً الثاني (ساعـتك) مثلك تؤخر دائماً ، فأجاب الثاني:- (وساعتك) مثلك ايضاً ياصديقي فهي لا تـقدم ولا تـؤخـر!
والطرفة المنوه بها تحولت الى حقيقة في الاجتماعات العربية، فبعض المواقف (تؤخر) المسيرة، وبعضها الآخر (لايـقدم ولا يـؤخر)، والبعض (المتأرجح) بين (الساعتين)، يؤكد المثل القائل :-
“الساعة العاطلة عن العمل يصح توقيتها مرة في اليوم ! ”
(5)
بعض الدول ترد الأن للعرب الهدايا القديمة، ولكن بطريقة أخرى تلك هي ساعات القتل والتدمير وذلك على مشهد من (الساعات) العربية بأنواعها الثلاثة، والزمان هو الشاهد الوحيد، ولن يرحم (الساعات) التي تقف على هامش التاريخ والوقت والحدث.
(6)
ولكن لماذا يـرد ( البعض ) الهدايـا بهذه الطريقة ؟ !
قيل: امر الخليفة بسجن الشاعر أبي نؤاس، كما أمر بأن توضع على ظهر الشاعر بردعة حماره ولما سُئل الشاعر عن السبب أجاب :-
مدحت الخليفة بأفضل قصيدة عندي ، فأهداني أفضل ثوب عنده ، وللناس فيما يتهادون مذاهب.
(7)
منذ فترة ليست بالبعيدة توقفت (ساعتي) عن العمل، وباءت محاولات اصلاحها بالفشل، احدهم قال لي (ارميها في الشط) واستبدلها بأخرى، واردف الاخر، لماذا الاصرار عليها ؟!
وضحكت بملء الحزن : الساعة العتيقة هي جزء من تأريخي الشخصي المتواضع احياناً كنت اراها سريعة كالموت، واحياناً كنت اراها بطيئة كالنجدة ، وها انا اعلقها على طاولة الانتظار ، بانتظار (مصلح ساعات) يحسن التعامل معها .
(8)
لا بد من العودة الى (الساعة) الشمسية من خلال طرد الدخان الاسود المنبعث من حرائـقـنا ، والى (الساعة) النجمية .. ولا بد من رش الماء على (الساعة) المعلقة على الجدار، والى اللقاء ، فأنا على موعد مع (اخبار الساعة) !