18 ديسمبر، 2024 9:38 م

في ضيافة ملتقى رواد المتنبي الثقافي

في ضيافة ملتقى رواد المتنبي الثقافي

د. فاتن محيي عن صعود الامبراطوريات وسقوطها “الامبراطورية الاسبانية انموذجا”
ضيّف ملتقى رواد شارع المتنبي الثقافي صباح يوم الجمعة 17 كانون الاول د. فاتن محي، التي قدمت محاضرة بعنوان “صعود الامبراطوريات وسقوطها الامبراطورية الاسبانية انموذجا”، بحضور حشد من الأكاديميين والمثقفين والإعلاميين.
أدار المحاضرة التي احتضنتها “قاعة علي الوردي” في المركز الثقافي البغدادي، الحقوقي محمد السلامي، مبينا اهمية هذا الموضوع التاريخي وارتباطه وتاثيره في الحاضر، ومستعرضا السيرة الذاتية للدكتورة فاتن التي بينت في حديثها، ان الهدف من المحاضرة هو الحاجة الى تحليلات عميقة ومساهمات واسعة، بغية اتاحة الفرصة لاصحاب القرار من السياسيين والمثقفين وعامة الناس، في ما يجري من احداث في واقعنا الحالي والتحكم بالسلطة واحتكام القوة والمال، في فرض الهيمنة والارادة خارج اطار القوانين العقلانية والعدالة الانسانية هي زائلة وان استمرت لفترة طويلة من الزمن.
مستعرضة دور المؤرخين العرب والاجانب ومنهم ابن خلدون والانكليزي ادوراد جيبون وكذلك الضابط جون غلوب (غلوب باشا) وارنولد توينبي، في الاشارة الى نشوء الحضارات والامبراطوريات واضمحلالها وسقوطها في مؤلفاتهم.
مبينة اهم العوامل التي تؤدي الى انهيار وانحسار الامبراطوريات والدول هي احتكار السلطة، باضفاء الشرعية الدينية او السياسية او الاستناد الى القوة المسلحة والمال والثروة، مما يؤدي الى خلق تفاوت اجتماعي واضطرابات ونزاعات مسلحة داخلية وانقلابات، وكذلك دور مراكز القوى الاجتماعية والاقتصادية المؤثرة والتفافها حول السلطة مثل المراكز الدينية والطبقات المالكة للثروة، وايضا الصراع على السلطة والمناصب والاموال داخل العائلة الحاكمة او الاحزاب الحاكمة.
مستدركة “ان اهم اسباب انهيار الامبراطورية الاسبانية هو حصولها على كميات كبيرة من الذهب والفضة من مستعمراتها في البيرو والمكسيك، الا ان الامبراطور شارل الخامس ومن تولى العرش بعده استنزفوا كل تلك المعادن التي تحولت الى نقد لتمويل الحروب، والتي تدفع للصيرفيين والتجار لتسديد القروض بالاضافة الى الاموال المتـأتية من الضرائب وموارد الكنيسة الاسبانية، مما سبب لاسبانيا تضخم نقدي عرف بثورة الاسعار، وكذلك ان اقتصاد الامبراطورية لم يستطيع استيعاب كل تلك الثروات في قطاعات مختلفة بسبب عدم وجود سياسة اقتصادية واضحة، وهذا ما جعل الاقتصاد الاسباني في القرن السادس عشر مجرد مصدر للمواد الاولية ومستورد وموزع للمنتجات الاوربية وايصالها الى المستعمرات في العالم الجديد، ويمكن القول ان الذهب والفضة كانت العصا التي جعلت الاقتصاد الاسباني يتكأ عليها للتقدم الى الامام. مبينة” لكن الثروة الضخمة التي تدفقت الى اسبانيا لم يستفد منها الشعب الاسباني، انما من استفاد منها التجار والنبلاء والرأسماليين الاجانب من هولندا والمانيا وايطاليا، وكذلك خروج الموريسكيون (المسلمون الذين بقوا في الأندلس تحت الحكم المسيحي) ادى الى فقدان اسبانيا الطبقة الصناعية، كذلك اثقال الشعب بالضرائب والحروب وتدخل اسبانيا في الشؤون الاوربية في القرن السابع عشر وفقدان جميع مستعمراتها وثرواتها، اضافة الى الملكية المطلقة والادارة المركزية وعدم استطاعت الملك ادارة كل اجزاء الامبراطورية الواسعة وضعف الملوك بعد فيليب الثاني وعدم الكفاءة شل الجهاز الحكومي وتسبب بانهيار الامبراطورية.
واخيرا يجب التنبيه الى ضرورة دراسة انتقادية للتاريخ لاخذ العبر والدروس لواقعنا الحالي والاسباب المشابهة لسقوط الانظمة والحكومات وعدم الاعتماد على اقتصاد ريعي مثلما يحصل في العراق باعتماد النفط مصدر وحيد لاقتصادنا والذي سيكون من اكثر البلدان تضررا من تحول العالم الى الطاقة النظيفة والتقليل من استخدام الوقود النفط والغاز.
بعد ذلك كانت المداخلات والاسئلة من قبل الحضور والتي اغنت المحاضرة وفي الختام قدم الدكتور علي مهدي باسم ملتقى رواد المتنبي الثقافي، شهادة تقديرية للدكتورة فاتن محيي على ماقدمته من دراسات وبحوث.