خاص: إعداد- سماح عادل
مازال الكتاب يعترفون بأهمية الكتابات النسائية، وتميزها، وقدرة الكاتبة على التواجد على الساحة الثقافية رغم العوائق والصعوبات وزحمة الأعمال.
هذا هو الجزء الثاني من تحقيق (النساء والكتابة)، والذي جمعنا فيه آراء الكتاب من مختلف بلدان الشرق عن الصعوبات التي تواجه الكاتبات، وطرحنا هذه الأسئلة:
- في رأيك هل مهام الكاتبة من عمل، ومسؤوليات الأمومة ورعاية الأسرة وأعمال المنزل صعوبات تمنعها من التفرغ للكتابة وتقلل فرصها للتواجد على الساحة الثقافية ككاتبة؟
- ما رأيك في مقارنة نصوص الكاتبات من النساء بنصوص وإنتاج الكتاب من الرجال رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص وتوافر إمكانية التفرغ؟
- ما رأيك في تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء، والجرأة في الكتابة. وما رأيك فيها يسمى بالكتابة الأيروتيكية؟
- هل استطاعت كتابات المرأة أن تتواجد على الساحة الثقافية في مجتمعاتنا وأن تجد لها مكانا وفي رأيك هل ينصف النقاد كتابات النساء أم لا ولما؟
- هل تعتقد أن هناك اختلافات ما بين الكتابات التي تصدر عن النساء وتلك التي يكتبها الرجال وما هي هذه الاختلافات؟
الكاتبة هي الأقرب للواقع وتلمس مشاعر القراء..
يقول الكاتب المصري: “محمد فيض خالد”: “المرأة في العموم مخلوق معطاء، في كافة صورها الإنسانية، والكتابة والإبداع خصيصة من خصائصها، فهي ليست حِكرا على أحد، ونظرة صادقة لهذا المكون الإنساني يلحظ المرء أن المرأة لا يعجزها شيء، وهذا رأيي الخاص، فهي التي تخلق عالمها الافتراضي بنفسها.
والكتابة والإبداع بعضُ صور هذا التحدي، ولا أظن أن معوقات مهما كانت تستطيع أن توقف مسيرتها، حتى وإن فرضت عليها قيودا مؤقتة سرعان ما تنجلي عن منتج يتوافق وطبيعة التحدي”.
وعن مقارنة النصوص يقول: “لاشك أن للرجل حظه الوافر من الذيوع والانتشار، وذلك بحكم طبيعته وتكوينه الاجتماعي الحرّ ، فالرجال أكثر حرية من ناحية الحركية والقيود التي تفرضها بعض المجتمعات والبيئات التي لا تزال تئنّ تحت نير العادة والموروث. غير أن هناك الكثير من النصوص التي تمرّد أصحابها من النساء، فاستطاعوا كسر هذا السياج، وتخطي عقدة الذكورية بمنتج يستحق أن يزاحم على مائدة للإبداع، وهناك كم هائل من النماذج المشرفة التي استطاعت أن تخلق لنفسها المكانة، وأن تفرض الاحترام، وأن تنتزع لنفسها الصدارة في كثير من فنون الأدب ومجالاته”.
وعن تحطيم التابوهات في بعض الكتابات النسائية يقول: “حقيقة القول، هذا المنتج الأدبي حديث نوعا ما على مجتمعنا الشرقي، وإن صحّ التعبير بيئاتنا التي ما تزال تنظر للأديب والأديب نظرة أشدّ تصلّب تحجرا، أما الأدب فهو معبِّر صادق عن الحياة، وناقل لمشاكلها ومتبني لحلولها، وكدا الأدب هو ابن بار لهذا المجتمع ومعبّر بقلمه وفكره وإبداعه عن طبيعة ما يدور من حوله.
بالنسبة لكتابات النساء في مجال الكتابة الأيروتيكية فهناك بعض صوره التفاعل المجتمعي الناقل لهذه المشاعر، والكتابات التي تتناول الجسد لابد أن تسير وفق معايير فنية ومجتمعية لا أقول صارمة، بقدر ما يضمن لها عدم الانفلات التي يودي بها لأن تكون مبتذلة رخيصة، تفتقد لصفة الرسالية التي أقرّها الأدب”.
ويضيف: “كما قلت من قبل المرأة مخلوق مبدع، وأينما وجد الفرصة فإنّ التميّز حليفه ولا شك، وهناك صور لمبدعات عربيات استطعن إثبات وجودهن، بل ولا أكون مبالغا إذا قلت تفوقن على الذكور في جولات كثيرة، والساحة بها الكثير شيبا وشبانا، المرأة مخلوق عنيد ومن تلك الصفات تتبع المنافسة والإصرار على إثبات الذات.
كثيرا ما ترى بعض الكاتبات ثرن على أوضاع كثيرة، تخلقها الظروف المحيطة بهن، وفي النهاية تجد لها المكان الموازي لهذا الجهد، وللحقيقة فإن مسألة إنصاف النقاد للمرأة المبدعة حقيقة، فهناك اهتمام كبير بأدب المرأة، أفسح لها المجال بكل أريحية كي تؤدي وظيفتها الإبداعية دون النظر لأيّ اعتبار، وعلى مدار العام تعجّ المنتديات والصالونات الأدبية والثقافية بمناقشات أطروحات أدبية لكثير من المبدعات سواء من المشاهير، أو ممن بدأن السير في رحاب الإبداع حديثا”.
وعن وجود اختلافات ما بين كتابات النساء وكتابات الرجال يقول: “أظن الاختلاف واضح جلي، وإن اقتحمت الذائقة النسائية مجالات هي من صميم المكون الفكري والثقافي للرجل، كأدب الحرب والجريمة والخيال العلمي، وإن ظلت الكتابات النسائية تحتكر عوالم الرومانسية والحب، والتعبير عن المشاعر والعواطف، ومشاكل الأسرة والأمومة والطفولة، ومشاكل المرأة على العموم وما يكتنفها من عراقيل في حياتها.
والمرأة المبدعة هي الأقرب للتعبير عن تلك الفنون الأدبية والألوان التعبيرية أكثر من الرجل، فهي صاحبة التجربة ناهيك عن رهافة الأسلوب التي أعطتها الحق لأن تعبّر بصدق عن نفسها وبنات جنسها، كذلك أعطتها الملكة لأن تتبنى أطروحات مجتمعية واعية، هي الأقرب للواقع وتلمس مشاعر القراء”.
المرأة الأجدر في تشخيص أورام المجتمع الذكور..
ويقول الشاعر “جاسم الخفاجي”: “الأعمال الكثيرة للمرأة ممكن تقلل من فرص تواجدها على الساحة الثقافية نعم، لكن لا اعتقد سيؤثر ذلك على كتاباتها، فالموهوب في لحظات إلهامه ممكن أن يكتب بأسوأ الظروف والمسؤوليات التي تقع عليه، وأحيانا تكون هذه المهام بحد ذاتها هي دافع ومحفز قوي للكتابة”.
وعن مقارنة النصوص يقول: “لا اعتقد أن هناك فرق بكتابة النصوص من الناحية الإبداعية بين الرجل والمرأة، ممكن نتاج المرأة أقل نعم”.
وعن تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء يقول: “في رأيي الشخصي أميل لقراءة هذا النوع من الكتابات، لأن المرأة أجدر في تشخيص أورام المجتمع الذكورية، وأرى في الوقت الحالي كثير من النساء الكاتبات تمردن وأبدعن في نصوصهن على التابوهات وربما سيغرين من الواقع الثقافي النسوي أن استمررن في المستقبل”.
وعن تواجد الكتابات النسائية على الساحة الثقافية يقول: “المرأة لم تغادر الساحة الثقافية وإنما الآن فرصتها صارت أكثر. للأسف النقاد على شقين وأقصد الأغلب منهم.
منهم من يجامل المرأة على حساب النص، ومنهم من يظلم النص لنفس الأسباب وهذا كاليمين واليسار لو صح التعبير”.
وعن وجود اختلافات بين كتابات النساء وكتابات الرجال يقول: “لا يوجد اختلاف إطلاقا من الناحية الفنية واللغوية والإبداعية ربما يوجد اختلاف في اختيار المواضيع فقط”.
مازالت هناك عراقيل تمنع الليبيات من البروز..
ويقول الكاتب الليبي “حسن أبوقباعة المجبري”: “شهدت الميادين الثقافية والإعلامية منذ استقلال ليبيا عام 1952 تحسنا واضحا في حزمة من الحريات وحقوق الإنسان التي طالت عديد المجالات، ولم يكن القطاع الإعلامي والثقافي استثناء فبرزت الكاتبات والمذيعات والمدونات لحكايات الآباء والأجداد.
فتم تشجيع المرأة من أجل اقتحام هذا الخضم عن طريق جيل من النساء استفاد من فرص منح الجنسية الليبية فترة أواخر الخمسينات ومنتصف الأربعينيات من القرن الماضي.
حقيقة أن الدولة الليبية بدأت تتشكل ملامح شخصيتها الوطنية إلا أن الفراغ الثقافي والإعلامي كان هدفا لملأه ولتعبئته من طرف سكان ليبيا المنحدرين من أصول بلاد الشام بالدرجة الأولي والصحراء الشرقية للدولة الليبية سكان الحدود الليبية المصرية، وسكان ليبيا ذو الأصول اليهودية، والذين انصهروا في فترة لاحقة بالمصاهرة فأنتج كاتبات وممثلات ومسرحجيات.
واللاتي أثرن الحركة الثقافية والإعلامية فأصبحن مواطنات ليبيات وفقا لشروط الجنسية والمواطنة والتجنس، فتسيدت بعض النساء الساحات الثقافية والإعلامية وتوارثن القطاعين الإعلامي والثقافي حتى يومنا هذا، كجيل إعلامي وثقافي أثري المشهد فترة الأربعينات والخمسينات… واستمرت عملية تمكين النساء وتشجيعهن حتى يومنا هذا.
ولا يجب أن نهمل فترة التسعينات والتي أبرزت مجموعة من الكاتبات المتأثرات بالكاتبة “أحلام مستغانمي”، فكن يتماهين بكتاباتهن في سياقات مشابهة لكتابات “مستغانمي”، وهن يمثلن أغلب الشاعرات في الوقت الراهن. وما بين سياسات توطين المتجنسات واللاتي من أصول يهودية بداية إرساء منهج تمكين المرأة نهاية الخمسينات، واستقطاب ذوات الحس الإذاعي من سكان الصحراء الشرقية، وتمكين الشاعرات المستنغميات حاليا، لم يتغير الحال كثيرا.
فمازالت العادات والتقاليد المحافظة تشكل بيئة طاردة وظالمة لإبداعات النساء من بنات الوطن، المنحدرات في أصولهن من تراب الوطن الليبي أي مازالت هناك عراقيل تمنع الليبيات من البروز، وبالتالي اتخذ القطاع الثقافي والإعلامي الليبي صفة البيئة الطاردة لأبناء الوطن الحقيقيون”.