يسمونه : رجل السبعة وزارات قصيرة العمر.
ضعيف الشخصية.. طائفي.. ومثير للفتن.. (إنه طبال فارغ لا يصلح لان يكون مدير ناحية) على حد وصف نوري السعيد.
ـ أهم نقطة في حياته هروبه مع الأمير عبد الإله (الوصي على العرش) الى البصرة..العام 1941.
ـ والعودة إلى الحكم بحراب الانكليز.
ـ ورغم ما بذله من اعتقالات.. وإجراءات شديدة ضد المواطنين في وزارته الأولى.. فان الانكليز مالوا إلى إنهاء خدماته.. فقد قدروا إن دوره انتهى.. وان المرحلة الانتقالية التي جيء به انتهت.
ـ في وزاراته الستة كانوا يأتون به رئيساً في أعقاب الأزمات.
ـ لكن في وزارته (الأخيرة).. وجدوا إن ابتعاده يهدئ الأزمة.. فارق كبير بين ما كان وما صار.
السيرة والتكوين:
ـ ولد جميل بن محمد أغا بن عباس النينوي – نسبة إلى محافظة نينوى- في مدينة الموصل العام1890.. عاش أبوه فقيراً ولا يجيد اللغة العربية.. وكانت أمه عربية فقط.
ـ أتم دراسته الإعدادية العسكرية في بغداد.
ـ ثم سافر إلى إسطنبول.. وأكمل فيها دراسته في الهندسة العسكرية.
ـ تخرج ضابطا في المدفعية العام 1911.. فلقب بالمدفعي.
زواجه:
ـ تزوج جميل المدفعي من سيدة سورية الأصل.
ـ في حين ان شقيقته هي والدة الضابط البارز رفعت الحاج سري.. مؤسس تنظيم الضباط الاحرار في العراق.
ـ انضم المدفعي إلى جمعية العهد السرية العام 1913.. التي كانت تدعو إلى حقوق الولايات العربية وبالإدارة اللامركزية.
نشاطاته.. ووظائفه:
ـ أشترك جميل المدفعي في حرب البلقان الثانية.. في 16 / حزيران / يونيو / العام 1913.
ـ ثم عين معلما للمدفعية في المدرسة العسكرية ببغداد.
ـ خدم في الجيش العثماني أبان الحرب العالمية الأولى في ساحتي القفقاس وفلسطين.
ـ فرً من الخدمة في الجيش العثماني العام 1916.. والتحق بجيش الثورة العربية في الحجاز العام 1916.
ـ كان قائداً للمدفعية مع الملك فيصل الأول.. فعينه حاكماً عسكرياً ومتصرفاً للكرك ثم مديراً للأمن ثم متصرفاً للسلط.
ـ بعد تحرير الشام عين قائداً لموقع دمشق.. وعمل كمساعد ومستشار للملك فيصل الأول.
ـ ساهم في حركات تلعفر ودير الزور أبان ثورة العشرين (1920 ).
ـ عاد إلى بغداد العام 1923.. وعين متصرفاً لمحافظة الناصرية.. وبعدها نقل إلى لواء العمارة ثم إلى الديوانية (1927 ـ 1928).
ـ ثم عين وزيراً للداخلية ثم وزيراً للمالية.
ـ أنتخب ثلاث مرات لرئاسة المجلس النيابي.. ثم ترأس الوزارة من بعد ذلك سبع مرات.
ـ وزارته ألأولى:
ـ شكل جميل المدفعي وزارته الأولى في 9 كانون الاول / ديسمبر / العام / 1933.
ـ لم تدم سوى ثلاثة أشهر وأربعة أيام. فقد واجهت وزارته مشكلتين:
ـ الأولى: كانت مع الشركة الأجنبية للتنوير.. التي كانت تجهز مدينة بغداد بالكهرباء. والإضراب العام الذي شهدته العاصمة بغداد.. مما أدى إلى انقطاع الكهرباء في بغداد.. وقرار مجلس اتحاد نقابة العمال بإعلان المقاطعة بصورة رسمية يوم الخامس من شهر كانون الاول / ديسمبر / العام / 1933.. وجرت مفاوضات مع الشركة انتهت بحل مرضي.
ـ المشكلة الثانية: مشكلة نهر الغراف: ما كادت المشكلة الأولى.. حتى بدأت مشكلة نهر الغراف.. لإقامة ناظم وبناء سد أمام فتحته.. لتامين جريان المياه فيه صيفاً وشتاءً.
ـ قبل أن تتشكل هذه الوزارة تم التفاهم على وجوب الشروع في تنفيذ مشروع الغراف تحقيقا لرغبة الملك فيصل الاول.
ـ ما كاد يعلن هذا المشروع في وزارة جميل المدفعي في المناقصة الدولية حتى احتج وزير المالية نصرت الفارسي.. مدعيا انه بصفة كونه وكيل بيت المال لا يرى من صلاحية وزير الاقتصاد رستم حيدر أن يعلن قبل أن يتصل بوزير المالية.. ويتأكد من وجود المخصصات للمشروع.
ـ وادعى نصرت الفارسي إن تسليح الجيش العراقي أهم من مشروع الغراف في نظره.. لذا يجب تقديم التسليح على بناء سد على نهر الغراف.
ـ أيد نصرت الفارسي بذلك وزير الداخلية ناجي شوكت.. حيث أعلن انه يجب دراسة مشروع ضبط مياه دجلة.. بإقامة مشروع الثرثار أولا لحفظ بغداد من الغرق.. ثم النظر في مشروع إحياء الغراف.
ـ تدخل نوري السعيد مؤيداً مقترح ناجي شوكت.
ـ بينما أيد صالح جبر وزير المعارف رأي رستم حيدر وزير الاقتصاد بالإسراع بتنفيذ مشروع الغراف.
ـ أزاء ذلك أعلن وزير الداخلية ناجي شوكت انه يستقيل هو ووزير المالية نصرت الفارسي.. إذا أصر وزير الاقتصاد رستم حيدر على وجهة نظره.
ـ أما نوري السعيد فأوضح انه متعب ويريد أن يستريح.
ـ حاول الملك غازي أن يوفق بين المتخاصمين حيث جمعهم.. فكان الإصرار من الجميع على رأيهم.. فقدم جميل المدفعي استقالته في 13 / 2 /1934 حيث استمرت وزارته أربعة أشهر فقط.
ـ الوزارة الثانية:
ـ قِبلً الملك غازي استقالة المدفعي وكلفه بتشكيل وزارته الثانية فشكلها فـي 21 شباط / فبراير / العام 1934
ـ فأبعد منها الوزراء الذين شاكسوا في وزارته الأولى.. مع ذلك لم يستطع أن يستمر طويلاً.
ـ من مؤشرات ضعفه تردي الأمور الإدارية.. حيث كانت تعيينات كبار الموظفين تقوم على أساس المصالح والاعتبارات الطائفية.
ـ أخبره الملك غازي أن هناك شكاوي ضد وزارته.. فأجاب الملك قائلاً: (إنني أعتبر هذه الإشارة كافية).. فقدم استقالته فدامت هذه الوزارة ستة أشهر وأربعة أيام.
الوزارة الثالثة:
ـ شكل المدفعي وزارته الثالثة في 4 آذار / مارس / العام 1935.. في أعقاب استقالة وزارة علي جودة الأيوبي.
ـ لكن وزارته لم تصمد طويلاً سوى ثلاثة عشر يوماً.
ـ فقد واجهت ثورات العشائر.. التي كان يحركها حكمت سليمان ورشيد عالي الكيلاني فأراد المدفعي استعمال القوة والجيش ضدها.
ـ لكن علي جودة الأيوبي (وزير دفاعه) خالفه الرأي.. بل إن المدفعي اتصل ببعض العشائر يطلب منهم الوقوف بوجه العشائر الثائرة.. فحدثت الفتنة.
ـ وجرت حرب الوكالة بين العشائر العراقية.. حيث يقاتل أنصار الكيلاني من العشائر.. وأنصار المدفعي من العشائر الاخرى.
ـ لم يسمح الملك غازي بذلك.. وقال له: انه يرغب في إعادة النظر في ضرب العشائر.. وإنه يحرص على حقن الدماء.. ففهم المدفعي إشارة الملك.. وقدم استقالته وزارته في 15 آذار / مارس / من نفس العام.
ـ الوزارة الرابعة:
ـ غادر جميل المدفعي العراق في أوائل أيلول / سبتمبر / العام 1937.. بعد انتهاء الاجتماع غير الاعتيادي لمجس الأمة.. حيث شجب بقوة في مجلس الأعيان تدخل الجيش في السياسة.
ـ بهذا يكون المدفعي من أوائل من شجبوا انقلاب بكر صدقي قبل حدوثه في 29 تشرين الاول من العام نفسه.
ـ بعد مقتل بكر صدقي وسقوط انقلابه في 11 آب / أغسطس / العام 1937.
ـ أبرق حكمت سليمان (رئيس الوزراء) إلى جميل المدفعي يدعوه لأن يدخل وزارته كوزير دفاع خلفاً للوزير عبد اللطيف نوري.. الذي عهدت إليه رئاسة أركان الجيش بديلاً عن بكر صدقي .. فعاد المدفعي إلى العراق على هذا الأساس.
ـ غير إن عصيان حامية الموصل التي طالبت باستقالة حكومة حكمت سليمان باعتبارها حكومة الانقلاب.. وامتداد العصيان ليشمل معسكر الوشاش في بغداد.
ـ وضع حكمت سليمان أمام الأمر.. فاستقالة حكومة حكمت سليمان.. ليبرز اسم جميل المدفعي فكلفه الملك غازي بتشكيل الوزارة في 17اب / أغسطس / العام 1937.
ـ وبما عُرف عن المدفعي.. بأنه رجل التسويات وحل المشكلات بطريقة إسدال الستار على مسبباتها.
ـ فقد سارع إلى إعلان سياسة إسدال الستار على الماضي.. الذي توخى منها إرضاء الملك غازي.. الذي كان مضطرباً بسبب اعتقاده بأن الكتلة القومية في الجيش تقصده بشكل مباشر.. لعلاقة بكر صدقي السابقة به.. وأبقى المدفعي على عدد من أعوان بكر صدقي.
ـ من قراراته في هذا الشأن هو إن حكومة حكمت سليمان كانت قد أصدرت أحكاماً من قبل متصرفية الديوانية تقضي بحبس لفيف من رؤساء العشائر وسادتها البارزين مدداً مختلفة.
ـ فأصدرت حكومة المدفعي الإرادة الملكية بإعفائهم عن محكومياتهم.. إلا إنها ألزمتهم بالإقامة في مناطق معينة.. ولم تسمح لهم بالعودة إلى ذويهم إلا بعد مدة.
ـ وفي عهد هذه الوزارة شرع السياسيون والأشخاص الذين تركوا البلاد بعد انقلاب بكر صدقي بالعودة إلى العراق.
ـ إن سياسة إسدال الستار لم ترضي الموتورين من حكومة انقلاب بكر صدقي.. وكان منهم سياسيين مهمين مثل نوري السعيد الذي قتل صهره في أول يوم الانقلاب.
ـ ثم إن تعامل المدفعي مع رجال الجيش لم يكن سليماً.
ـ إذ إنه منح ضباط الكتلة القومية مناصب مهمة.. في محاولة لكسبهم إلى جانبه.
ـ حيث عين العقيد صلاح الدين الصباغ معاوناً لرئيس أركان الجيش.. والعقيد الركن محمد فهمي سعيد آمراً للقوة الآلية.. والعقيد كامل شبيب آمر للواء الاول في الفرقة الأولى.. ومحمد أمين العمري قائداً للفرقة الأولى.. والفريق حسين فوزي رئيساً للأركان.
ـ تعين المدفعي مناصب حساسة لهؤلاء الضباط.. وهم من أكثر رجال الجيش تدخلاً في السياسة.. يعني إنه منحهم عناصر قوة تعزز من قدرتهم في التأثير على مجريات السياسة.. مما جعلهم يشكلون تهديداً دائماً للحكومة.. فيما بعد لو حدثت أية أزمة بينها وبينهم.
ـساعد الشعور بضعف الوزارة المدفعية الرابعة.. الذي أخذ يلوح منذ كانون الأول / ديسمبر / العام 1937.. حين:
ـ بدأت الوزارة بإجراء انتخابات مجلس نيابي جديد.. فضلاً عن زيادة التفاف كتلة الضباط القوميين حول خصوم الملك غازي.
ـ فما أن انتهت انتخابات المجلس النيابي واجتماعه في شهري شباط وآذار 1938 .. حتى تفجرت الضغائن القديمة داخل المجلس عند مناقشة (لائحة قانون العفو عن الأشخاص الذين ساهموا باغتيال بكر صدقي في شهر آب 1937).
ـ اكتشف المدفعي خطورة ضباط الكتلة القومية على موقعه كرئيس للوزراء.. لابد أن يمتلك حرية صناعة القرار السياسي.. لا سيما بعد أن عارضوه في بعض مشاريعه السياسية.. مثل:
ـ محاولة تصديق معاهدة الحدود بين العراق وإيران المعقودة في 4 تموز / يوليو / العام 1937على عهد حكومة حكمت سليمان.
ـ فأراد أن يتخلص من قوتهم عن طريق تفتيت تماسكهم فعين صبيح نجيب وزيراً للدفاع.. لما يتصف به من شدة.
ـ غير إن ضباط الكتلة القومية استاءوا من هذا التعين لسوء علاقتهم بالوزير الجديد.
ـ مما فسح المجال أمام خصوم المدفعي.. وفي المقدمة منهم نوري السعيد.. لأن يستغلوا الموقف.. ويؤثروا على الضباط في السير وفق توجهاتهم ودفعهم إلى العمل لإسقاط الوزارة بحركة انقلابية مطالبين إقالة جميل المدفعي من الحكم.. وإسناد الوزارة إلى طه الهاشمي.
ـ غير إن الهاشمي اعتذر عن ذلك.. قائلاً لضباط الجيش: إنه رجل عسكري.. ومن الأفضل أن تعطى الوزارة لنوري السعيد.. وأن يتولى هو (أي طه الهاشمي) وزارة الدفاع.
ـ أراد المدفعي أن يحتفظ في السلطة بوجه تحديات خصومه ففعل ما فعل.. لكن خصومه أقالوه.
ـ وبذلك كانت سياسته تسير في عكس رغباته.. فقدم استقالته في 24 كانون الاول / ديسمبر / العام 1938 تحت ضغط العسكريين.
ـ الوزارة الخامسة:
ـ الثاني من حزيران / يونيو/ العام 1941 شكل جميل المدفعي حكومته الخامسة.
ـ أول عمل قام به إعلان الأحكام العرفية في بغداد وحواليها.. حتى يستطيع أن يسيطر على الأوضاع الأمنية.
ـ انه جاء على أنقاض حكومة الكيلاني وفشل حركته.. ولا يريد لأية معارضة أن ترفع رأسها أمام رأسه.
ـ فشن حملة اعتقالات واسعة.. حيث بلغ عدد المعتقلين أكثر من (20) ألف شخص.
ـ ولأن سجون العراق لم تكن لتستوعب في تلك الفترة هذا العدد الكبير من السجناء.. فان السلطة احتجزت أعداداً كبيرة منهم في المساجد والجوامع.
ـ بذلك حول جميل المدفعي بيوت الله من أماكن عبادة مقدسة إلى سجون يحتجز بها عباد الله.. وهو بذلك ينفرد عن غيره عن رؤساء الوزارات في هذا التصرف.
ـ الأكثر من ذلك أصدر عدة قرارات منع فيها التجمع لأكثر من أربعة أشخاص.. وحظر التجول من الساعة السادسة عصراً حتى الفجر.
ـ بذلك عطل صلاتي المغرب والعشاء في المساجد.. ويفسر البعض إن تلك الإجراءات جاءت لاعتبارات طائفية.
ـ رغم كل ما اتخذه المدفعي.. من إجراءات شديدة.. فان الانكليز مالوا إلى إنهاء دوره.
ـ لقد قدر الانكليز: إن دور جميل المدفعي انتهى.. وإن المرحلة الانتقالية قد انتهت أيامها.. وعليه فأنهم بحاجة إلى رئيس وزراء جديد.
ـ تولت السفارة البريطانية مهمة إزاحته.. فأوحت إلى وزير المالية إبراهيم كمال بأن يكون رئيساً للوزراء فيما إذا استقال المدفعي.
ـ تحرك الوزير كمال بتأثير هذا الإيحاء ليسعي إلى خلق أزمات داخلية في التشكيلة الوزارية.
ـ حتى انتهى به الأمر إلى الدخول في مناقشة حادة مع رئيس الوزراء قدم على أثرها إبراهيم كمال استقالته.. لكن الرئيس ظل في موقعه.
ـ حينئذ صعدت السفارة البريطانية من ضغوطها على رئيس الوزراء.. فأعلنت للوزرة إن إجراءاتها لم تكن مناسبة مع إحداث الكيلاني.. وطالبتها بتعويضات مالية.. وفرضت غرامة على بعض المدن.
ـ لم يفهم المدفعي هذه الإشارات.. أو إنه فهمها.. لكن المنصب عنده أهم من كرامته الشخصية فتغافل عنها.
ـ كانت الإشارة الأخيرة عندما رفضت السفارة طلب المدفعي تسليح الجيش العراقي.. بحجة عدم وجود أسلحة فائضة عند بريطانيا.
ـ وهي حجة لا تقنع أي سياسي مبتدئ.. فكيف الحال مع رئيس وزراء؟؟؟؟.
ـ عندئذ وجد المدفعي نفسه مضطراً لتقديم استقالته.. فقدمها في 21 أيلول / سبتمبر / العام 1941.
رئيساً: سادساً.. وسابعا:
ـ اثنتا عشرة سنة ظل المدفعي بعيداً عن منصب الرئاسة.. حتى تولاه في 29 كانون الاول / ديسمبر / العام 1953.
ـ تولاه والجو السياسي مضطرب بشدة.. والساحة تحت الأحكام العرفية.. فجلس على رأس السلطة.
ـ وهو يعيش عقدة العمر القصير لوزاراته.. التي لم تكمل أطولها السنة الواحدة.. أراد هذه المرة أن يمسك الحكم بقوة.. وأن يتغلب على كل عقبة وأزمة يواجهها في طريقه.
ـ فخطط لان يبقى طويلاً.. لكن قدره كان أقوى من إرادته.. حيث بلغ الملك فيصل الثاني السن القانونية.. وتسلم مهامه الرسمية كملك دستوري على العراق فكان لزاماً عليه.. وحسب الأصول الدستورية أن يستقيل.. فقدم استقالته في 5 أيار / مايو / العام 1953.. أي بعد حوالي ثلاثة أشهر.. وكلفه الملك إعادة تشكيل الوزارة.
ـ وهكذا شكل وزارته السابعة (الأخيرة): في 7 أيار / مايو / العام 1953.. وقد فرضوا عليه أربعة وزراء لا يريدهم.. هم : نوري السعيد.. وخليل كنه.. وضياء جعفر.. ومحمد علي محمود.
ـ حاول المدفعي أن يعمل قدر المستطاع بغية السيطرة على الأوضاع الأمنية.. لذلك نراه كان يماطل رجال الأحزاب في منح إجازة العودة إلى الحياة السياسية رسمياً.. ويسوف مسألة إلغاء الإدارة العرفية.. وظل يعدُ ويخلفُ.
ـ ظلت عقدة قصر عمر وزاراته ملازمه له.
ـ في بداية أيلول / سبتمبر / من العام نفسه سافر المدفعي بصحبة الملك فيصل الثاني والأمير عبد الإله (ولي العهد) وآخرين من أقطاب السياسة إلى مصيف سرسنك في شمال العراق للاستجمام في تلك المنطقة الهادئة الجميلة.
ـ هناك دار الحديث.. واستقر الرأي على ضرورة تولي وزارة محايدة شؤون العراق.. حتى تعيد الاستقرار له.
ـ كانت صدمة كبيرة تلقاها المدفعي في وقت الراحة والاستجمام.. فقدم استقالته في 15 أيلول / سبتمبر / العام 1953 بعد حوالي ثلاثة أشهر كل عمر وزارته الأخيرة.. ولم يعد إلى الحكم مرة أخرى.
ـ كانت وزارته الأخيرة أضعف وزاراته.. وكان أصحاب الكلمة متفقين على إنها متزعزعة.. لابد أن تبتعد عن موقع السلطة.
ـ في كل وزاراته كانوا يأتون بجميل المدفعي رئيساً في أعقاب الأزمات.. لكن في وزارته الأخيرة وجدوا إن ابتعاده يهدئ الأزمة.. فارق كبير بين ما كان وما صار.
نهاية المطاف:
ـ عاد المدفعي عيناً.. وفي العام 1956 اختير جميل المدفعي رئيساً لمجلس الأعيان.
ـ بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 لم يجر اعتقاله كبقية أقطاب النظام الملكي بسبب كونه:
ـ خال المقدم رفعت الحاج سري أحد الضباط الأحرار.. الذي أصبح مديرا للاستخبارات العسكرية بعد الثورة.
ـ في يوم 13 ربيع الثاني 1378هـ / الموافق 26 تشرين الاول / أكتوبر / العام 1958.. توفيً جميل المدفعي.. وشيع بموكب كبير.. ودفن في مقبرة الخيزران قرب قبر الشاعر معروف الرصافي.