من محاسن القدر أن يكون الدكتور هاشم حسن التميمي قد إعتلى عرش السلطة الرابعة من خلال تربعه على أكبر أكاديمية إعلامية عراقية وهي كلية الإعلام في جامعة بغداد، وكان عميدها لسنوات.
والدكتور هاشم حسن منذ أن كان طالبا معنا بقسم الاعلام بكلية الاداب 1974 – 1978 ، كان مولعا بالفلسفات والنظريات الفكرية التي نشطت في السبعينات ، وكان جل شباب العراق أنذاك من هواة ركوب موجة الثقافة والابداع ، يوم كانت أجيال العراق الشابة أنذاك تغرف من بحور العلم والمعرفة ماتتفاخر به بين بني جيلها، بالرغم من كل عهود التخلف والفقر التي كانت سائدة أنذاك، إلا أن بين جنباتها زادا معرفيا وروحيا يتفوق على كيانها المادي وبنيتها التحتية الكثير ، حتى غرف الكثيرون في ذلك الزمان من بحور المعرفة ما يشفي غليلهم من تلك الأفكار والفلسفات الرائعة التي أججت لهيب الشباب العربي عموما وشباب العراق بوجه خاص .
كان الدكتور هاشم حسن في منتصف السبعينات يصارع الفلسفات ، وقلبها كلها واحدة بعد الاخرى ، ولم تركن سفنه على واحدة منها حتى الآن، وهو يحاول أن يمنحها القدرة على الانتشار والبقاء ، وبعد ان تحمل عبء عمادة كلية الاعلام في جامعة بغداد لأكثر من أربع سنوات يغترف من تلك البحور حتى وإن بدت ضحلة ، ما يشفي غليله المتعطش دوما الى الثقافة والابداع بمختلف أشكاله ومضامينه الأصيلة.
كان الطالب هاشم حسن ينازع أساتذة قسم الإعلام ويناقش افكارهم ويعارض بعضها ويعدها في زمنها دون مستوى طموحه الفكري في المجال الاعلامي، فهو شاب متوقد الأفكار والرؤى العصرية ، ويصارع الزمن والفلسفات وينهل من زادها الفكري مايغذي قريحته، لكنه إختط لنفسه طريقا خاصا به ، يكاد لا أحد من زملائه بمقدوره أن يتحمل كل مغامرات هذا الرجل، التي أوصلته بعضها في أزمنة سابقة الى مراحل لايتمنى له بنو البشر أن يصل اليها ، وفي مراحل لاحقة أوصلته الى السلالم العليا للنجاح ، ولم ييأس أو تثنه الصعاب وشقاوة الزمن الأغبر عن الوصول الى حلمه، وقاد سفينة ابداع صاحبة الجلالة الى أوج إنطلاقتها.
لم تقف أمامه علوم أو نظريات الا ودخل عالمها وتعرف على مكنوناتها ، واستفاد مما تحمله من افكار ورؤى تطور زاد الرجل الثقافي والمعرفي، وبقي مشاكسا على طريق الصحافة سنوات طوال وتحمل بسبب بعض تلك المشاكسات الكثير من المتاعب، وهو يؤمن بنظرية أن الصحافة هي ( مهنة المتاعب ) وإنه حتى إن وصل الى أعلى مراتب صاحبة الجلالة ، وصار أستاذا لها وعلما من أعلامها إلا أنه يبقى طالبا يغترف من زاد المعرفة ووهجها مايغذي شهوته الجامحة الى معرفة المزيد، توقا الى ركوب عوالم المجد عن استحقاق وجدارة.
لم تثنه حالته الفقيرة في السبعينات وشظف العيش ، ومن شعب كله كان معدما في الغالب عن أن يصل الى ما يحلم به كل طامع لركوب سفن الابداع ، وقارع الرجل محن الحياة برجولة وصبر وتأن، حتى وصل الى تلك المرحلة الذهبية التي هو عليها الان، وكل أمنياتنا بأن يحفظه الله من عيون الحاسدين ومن يحاولون رمي تلك الشجرة المثمرة ببعض أحجارهم هنا او هناك، لكنهم لن ينالوا منها ، لأن جذورها تحدت الزمن الاغبر منذ سنوات طوال ودقت لها ركائز واغصانا واعمدة صلدة ، لتبقى شاهقة تحمل ثمرها الطيب وهي تحكي قصة إنسان مثابر أبى الا أن يركب سفن البحر ويغامر في محيطاتها وبحورها حتى أوصلته الاقدار الى ما يود كل أمريء أن يصل اليه من مجد ومكانة.
ومن حسن حظ الأقدار أننا زاملنا هذا الرجل وبقينا على تواصل لسنوات بالرغم من فترة انقطاعات طويلة ، لظروف خارجة عن ارادتنا، لكن لديه علاقات مع زملائه القدامى وجلهم من ذوي الشهادات العليا، وهم يتفاخرون أن الدكتور هاشم حسن كان على رأس هرم سلطة الصحافة، وهو حتى هذه اللحظة لايخشى في الحق لومة لائم!!
له مؤلفات كثيرة وبخاصة في تحرير الاخبار وعلوم الاعلام والتحقيق الصحفي، وهو عضو فاعل في الانشطة الصحفية العراقية المختلفة،وحضوره فاعل في الندوات الحوارية التي تناقش أوضاع العراق ومستقبل الصحافة والحرية الصحفية وكيف تتطور وسائل الاعلام وترتقي بعملها نحو الافضل.
عمل بمجلس أمناء شبكة الاعلام العراقي وكان له دور في إقتراح تجهيز جريدة الصباح بأحدث مطبعة في الشرق الاوسط ، وكذلك التمهيد لتاسيس معهد الشبكة للتدريب الاعلامي وحفظ الارشيف السينمائي وانقاذه من الدمار والتهريب واعمال اخرى لتنشيط الدراما المحلية.
وخلال عشر سنوات عميد لكلية الاعلام حافظ على استقلال الكلية واحدث فيها نقلة تقنية كبيرة بالتعاون مع المنظمات الدولية اليونسكو والكتب الانمائي للامم المتحدة ومنظمة ايركس الدولية من خلال انشاء ستوديو تلفزيوني تدريبي اج دي وتلاه استوديو اخر واذاعة ومختبرات حديثة والانجاز النوعي تحديث المناهج الدراسية في اقسام وكليات الاعلام بالتعاون مع الجامعات الامريكية وادخلت للدراسة التربية الاعلامية ومناهج الصحافة الاستقصائية ودراسة الدبلوم العالي وتعاون دولي للتدريب مع الجزيرة واتحاد التداعيات.
أسهم الرجل في مناقشة كثير من طلبة الاعلام للماجستير والدكتوراه ، وشجعهم على مواصلة طريق البحث العلمي، وحضر عشرات الندوات الاعلامية والثقافية التي تعنى بالاعلام ومهامه ومسؤولياته، وكانت له إسهامات فاعلة في الكثير منها.
أمنياتنا أن يتحقق لكل زملائنا مايصبون اليه من نجاحات وتألق معرفي وقيمي ، وهم الآن بالعشرات ممن يحملون الشهادات العليا في الاعلام ، ليصلوا الى تلك الدرجة من الاستحقاق، ويكونوا أعمدة الصحافة ، على شاكلة الدكتور المبدع الاستاذ هاشم حسن ، ويحصدوا نجاحات وتألق معرفي وقيمي ليصلوا الى تلك الدرجة من الاستحقاق، ويكونوا أعمدة الصحافة ، وهم من يضعون لها تصوراتهم ورؤاهم للانتقال بها الى الحالة الأفضل، وها هو أحد تلك الرموز الشابة التي كانت معنا في السبعينات على مقاعد دراسة قسم الصحافة والاعلام وقد تبوأ الدرجات العلا، في مراتب السلطة الرابعة وهرمها الشامخ ، بالرغم من أنها تعد اليوم السلطة الأولى التي يفترض ان يمنحها العالم أجمع إعترافا بفضلها في إعلان شأن الانسان أينما كان.
تحياتنا للدكتور هاشم حسن..والى المزيد من التألق والنجاح على صعيد الكلمة الحرة الصادقة الاصيلة..وله منا ومن كل زملائه القدامى ومخضرمي الصحافة ومحترفيها كل محبة وتقدير.