18 ديسمبر، 2024 10:51 م

دول الخليج وايران من الغالب ومن المغلوب

دول الخليج وايران من الغالب ومن المغلوب

عادت ايران اليوم كدولة قوية تمارس نفوذها في الخليج العربي والذي تطلق عليه تسمية الخليج الفارسي فبعد ان اطلق عليها الغرب لقب شرطي الخليج في سبعينات القرن الماضي لتلعب الدور القوي والمتمثل بصاحب الامر والمشورة السياسية الى حين بروز العراق في الثمانينات بعد حرب الخليج الاولى والتي دارت معاركها الطاحنة على طول الحدود العراقية الإيرانية لمدة ثماني سنوات انتهت بعدها مخلفةً دمار هائل بالبنى التحتية وفوضى اقتصادية لكلا الطرفين…
ولكن الطامة الكبرى للسياسة العراقية ومارافقها من اخطاء جسيمة هي غزو الكويت في بداية التسعينيات وسوء العلاقة بين العراق من جهة والدول العربية والغرب من جهة اخرى اضافة الى التبعات التي اقرها مجلس الامن الدولي على العراق من عقوبات دولية تتمثل بفرض حصار شامل على كل صادر او وارد للأراضي العراقية وهذا ما اوقف عجلة الحياة السياسية والاقتصادية للدولة….
وبقت منذ ذلك الوقت الحماية الدولية لدول الخليج ومنشآتها النفطية بعيدا عن المشورتين الايرانية والعراقية.. وبعد التغيير الذي حصل في العراق في عام 2003 وما تبعه من تغيرات في بعض الدول العربية تحت اسم الربيع العربي والذي انطلقت بذوره من الاعلام الجديد الذي وصلت افكاره الى كل بيت في العالم..
وهنا تولدت فكره جديدة امتداد للسياستين الايرانية والامريكية القديمة بين ما تطلق عليه ايران الشيطان الاكبر
وماتدعيه امريكا بان ايران راعية للإرهاب… وتواصلت القطيعة وسحب السفارات واغلقت اغلب الطرق الدبلوماسية.. ولكن الحكومة الايرانية استطاعت من خلال فترة الثلاثين عام بعد نهاية حربها مع العراق من تطوير اسلحتها الدفاعية وإقامة مفاعلات للطاقة لإنتاج وتخصيب اليورانيوم اضافة لتطوير سلاحها البري والجوي والبحري والذي اصبح له دور بارز في المياه الاقليمية واصبح مضيق هرمز بيد الايرانيين بالكامل بعد ان كانت تديره دول اخرى وفق مصالحها الخاصة…… ونتيجة هذه القوة والتطور التكنلوجي عاد الشعور بعدم الاطمئنان من قبل الدولة العربية الجارة لدولة ايران…
وفي المقابل اصبح العراق ساحة ساخنة لحل النزاعات الدولية في كل المجالات واصبحت دول الجوار لها النصيب الاكبر في التدخل في الشأن العراقي كلا حسب ما يستطيع.. هنا برز الايرانيين في ضرب المصالح الامريكية وخاصة الموجودة في العراق عن طريق دعم للدول والفصائل الموالية لها والتي تعتبر ايران صاحبة الفضل عليها وهذا يحسب نقطة نجاح للسياسة الايرانية سببها العجز العربي عن لملمة صفوفه وانعدام الثقة بين الحكام العرب وشعوبهم…
وان احد اسباب نجاح السياسة الايرانية هو التمسك بالقومية وهذا مااثبتته الايام لنا فأننا نجد ان جميع ابناء الشعب الايراني بكافة اديانهم ومعتقداتهم متمسكون بقوميتهم الفارسية ولا يقبلون على انفسهم التنازل عن ذلك لأحد عكس ما نراه اليوم في مجتمعاتنا العربية والتي لم يبقى منها سوى هيكل لمصطلح قديم اسمه جامعة الدول العربية.. وربما يوماً بعد يوم اصبحت عاجزة ومشلولة بالكامل…
ان الوضع السياسي اليوم في الخليج العربي يشبه لعبة القط والفار بين امريكا وحلفائها الخليجيون من جهة وايران والموالين لهم من الدول العربية من جهة اخرى ورغم ان الايرانيون يعيشون بقلق تجاه الخطر الامريكي القريب من اراضيهم الا انهم يشعرون بخطر اخر وهو انعدام الثقة بينهم وبين كل الحكومات والشعوب العربية المجاورة لهم ومانراه اليوم من زيارات من مسؤولين خليجيين لإيران الغاية منه ليس التقارب الخليجي الايراني وانما حمل رسائل من امريكا وحلفائها تخص الشأن الايراني…
وهذا ما تمنحه امريكا للحكومات العربية من دور يضنون انفسهم فيه انهم اصحاب قرار وليس ساعي للبريد فقط….