19 ديسمبر، 2024 1:48 ص

ثروة وطن تبدد وشعب يشرد

ثروة وطن تبدد وشعب يشرد

تشكل مشاهد العراقيين العالقين على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا صور مأساوية عن مستوى المعاناة التي يعيشها شعبنا وما سببته المحاصصة من ويلات وكوارث في بلد غني بالثروات التي نهبت من قبل احزاب عبثت وانتهكت ابسط الحقوق بعيش كريم وامن .. وليس من السهل على عائلة تجازف بحياة ابنائها من الاطفال لولا مستوى اليأس الذي وصلت اليه وربما خبر الطفلة المفقودة في الغابات على الحدود وسط الثلوج ( ولا ندري ان تم العثور عليها ام لا )يعكس حقيقة واقعنا المر والموجع ..

ويكفي ان نشير الى الاحصاءات التي وردت في تقرير مفوضية حقوق الانسان الذي يشير الى وجود 15 مليون عاطل و10 مليون تحت خط الفقر و4 ملايين يعيشون في العشوائيات اضافة الى 5 ملايين عراقي مغترب يعيشون في 64 دولة و5 ملايين يتيم يشكلون 5 بالمائة من ايتام العالم ، لندرك حجم ثرواتنا المنهوبة واسباب اختيار المواطن التشرد والهجرة بحثاً عن وطن يوفر له ولاطفاله حقهم بالعيش الهانيء والكريم ..

لن نتحدث هنا عن انابيب النفط ولا عن واردات المنافذ الحدودية ولا عن عدد المشاريع والصفقات المشبوهة التي تذهب في جيوب الفاسدين فهي معلومة للقاصي والداني ، بل سنورد جزء من دراسة لمتخصصين في الشأن الاقتصادي اكدت ان اعادة توزيع رواتب الدرجات الخاصة من مدير عام صعوداً بما فيها الرئاسات الثلاث بشكل عادل ومعقول يخفض مستوى الفقر في العراق من 40 في المائة الى 6 في المائة .. فاي ظلم هذا الذي نعيشه ؟ والى متى نصبر ونحن نرى ثروات وطننا تتبدد واهلنا مشردون ومعرضون لخطر الموت في طريق البحث عن وطن يقبلهم ناهيك عن مخاطر عصابات التهريب !!

المعالجات والحلول ليست مستحيلة لكنها تحتاج الى ارادة وطنية وهي بكل صراحة غير متوفرة في احزاب السلطة ، لذا كانت مطالب التشرينين شجاعة عندما تجاوزت الحاجات المطلبية ونادت بضرورة تغيير شامل وجذري في هيكلية العملية السياسية المبنية على المحاصصة .. وواهم من يظن امكانية تحقيق الحد الادنى من حقوق المواطن ببقاء وهيمنة نفس الوجوه ونفس الاحزاب الفاسدة التي اعترفت بفشلها ومع ذلك تتصارع على مناصب لها بعد كل انتخابات ..

الخطوة الاولى تبدأ بالتاسيس لنظام وطني يلغي المحاصصة ويسمح للكفاءات الوطنية بان تمارس دورها في عملية تصحيح ما خربته احزاب المحاصصة وبغير هذا لانتوقع خيراً وسيستمر مسلسل نهب ثرواتنا يقابله مشاهد اخرى من ابناء شعبنا يتعرضون لذل التشرد والغربة !!

وهنا يبرز سؤال مهم عن سبل تاسيس هذا النظام الوطني الذي صار عند البعض حلم شبه مستحيل مع الاسف ، غير ان تجارب الشعوب بل تحربة شعبنا تؤكد امكانية تحقيق ذلك اذا ما توحد شعبنا وطنيا ورفض الدعوات الطائفية وحاربها بشجاعة وواجه دعاة استلاب العقل واشاعة الجهل والتضليل وهي مهمة القوى والتيارات الوطنية التي تحتاج الى توحيد جهودها والابتعاد عن روح الانا والغرور ، لكي تستعيد ثقة المواطن بها وقيادة طريق التغيير الحقيقي المنشود .

أحدث المقالات

أحدث المقالات