الأخلاق هي طبيعة إنسانية ويشذ عن طبيعته التي أنشئ عليها من لم يتحلى بالأخلاق لكن الموروث العقدي لدى مجتمعاتنا الشرقية (العربية خصوصا) هو أن الأخلاق سجية المتدينين أي إن المتدين هو الذي يتحلى بالأخلاق حتى عد من الأخلاق ما ليس منها باسم الدين وغبن حق الكثير من غير المعدودين على المتدينين في الكثير من صفاتهم الحسنة والتي تمثل المعيار العام للإنسان قبل المعيار الخاص ..
ورد في الخبر أن الدين المعاملة وهذه هي حقيقة الأخلاق التي هي اعم من التدين الذي قد يشوبه الكثير من المفاسد والتي يسعى أصحابها إلى تبريرها من خلال معرفتهم للنصوص الدينية التي يوجهونها وفق أخلاقهم (طبعا لا أخلاق الدين)..
بعد انهيار نظام الظلم الذي جثم على صدر العراق ثلاث عقود امتلأت الساحة بالأحزاب (اخص بالذكر الأحزاب الدينية) حتى صرنا لا نحصي لها عدا وأصبحنا لا نستعرب من أي اسم يضاف إليه حزب أسلامي (أكثر تلك الأحزاب تبخر ولم يبقى له ذكر وبعضها بقي الاسم) طبعا الأحزاب تتحدث باسم الدين وباسم المرجعية الدينية حتى أن الكثير من الأحزاب اخذ يقتل الناس على الشبهة وتراه يتشدق بفتاوى المرجعية الدنية التي يعدها مصدر مشروعية عمله وممثلها الاستيلاء على ممتلكات الدولة بدعوى (المأذونية)..
إن الأحزاب الدينية تأخذ مشروعيتها من ادعائها انتمائها للمرجعيات الدينية وهذا الكلام مجرد دعوى لا تمت إلى الواقع العملي بصلة فنرى تقلب الوجهة لدى بعض الأحزاب وانتقائيتها في تحصيل المواقف من المرجعيات المتعددة إنما هو نابع من تصيد تلك الأحزاب للمواقف التي تتفق وأيدلوجيتها المرحلية طبعا فإننا لا نعلم للكثير من الأحزاب أيدلوجية ثابتة ..
الإعلام من الأمور التي لم تنظم بقانون في العراق الحديث والذي أدى إلى عدم تثبيت قانون ينظم عمل المؤسسات الإعلامية إنما هو الأحزاب ورجالاتها في مواقع التشريع كون وضع قانون لا يتلاءم وأيدلوجيات تلك الأحزاب خصوصا وان الإعلام يعتبر اليوم القضية (الدسمة للأحزاب ) على مستوى السلطة والمعارضة …
عند مراجعة بعض القنوات الفضائية ولمراحل متعددة من تاريخ العراق الحديث (الحديث جدا) نرى تقلب المواقف إلا أن ما يعطي الديمومة والاستمرار لتلك القنوات إنما هو سذاجة المتلقي وسرعة النسيان التي ابتلي بها العراقيين فان أبناء ساعتهم ( لا أبناء يومهم) .. فترى أصحاب تلك القنوات (طبعا الأحزاب المالكة لان اغلب القنوات مملوكة حزبيا) يزوقون للكثير من الأحداث والمشاريع والأمور وبعد فترة تراهم ينقدونها وبشدة ويسقطون من يقوم بها وما ذلك إلا اختلاف الاصطفاف الحزبي وليس المبدئي أكيدا حيث اخذ الكثير من الكتاب المأجورين يروجون لبعض الأحزاب وبطرق غير مباشرة ويصفونها بالأحزاب المتنورة والمنفتحة التي غيرت أيدلوجيتها لرؤية الواقع المعاش وهذا كذب صريح ولا يخفى على متابع..
حتى بعض السياسيين ومن على تلك القنوات التي تدعي أنها منبر إعلامي حر اخذوا يناقضون أنفسهم وترى المقدم يتفاعل معهم ويعتبرهم أصحاب موقف شجاع لتغير الرؤى والسيد المقدم للبرنامج إنما هو أجير يعمل لدى ذلك السياسي..
الفرات آفاق قنوات تابعة لأحزاب معروفة والإعلام الموجه هو جزء من الإعلام خصوصا وان كل حزب يحالون أن يوجد منبر إعلامي من خلاله يروج لأفكاره وتطلعاته وشخصياته السياسية وهذا لا ينكر ولا يعاب بل إن العيب الحقيق هو تجيير تلك القنوات لعملية تسقيط الآخر الخصم السياسي فان مراجعة واعية لبرامج تلك القنوات خصوصا موضع البحث سيرى أنها وخصوصا في الحكومة الحالية آخذت موقفا تسقيطيا خسيسا جدا فان اغلب برامج هذه القنوات ليس السياسية فقط بل حتى الثقافية والاجتماعية أخذت موقفا تسقيطيا ومن خسة تلك البرامج إنها بدأت تتاجر بالفقراء والمعوزين من ساكني التجاوز والمتقاعدين والناس الذين لا يملكون أي مردود مالي من الدولة ليس لوضع الحلول لهم وإنقاذهم بل لإسقاط الحكومة من جهة الذين لم يشتركوا بها … وترى كثيرا عبارة (نطالب الحكومة بوضع الحلول للشريحة الفلانية والفلانية ) وكأنهم غير مشتركين بالحكومة أو إنهم يعيشون بدولة أخرى ولو دققنا النظر في مواقفهم وتوفير احتياجات الناس من مواقع كانوا يتسلمونها في الدولة لوجدنا نفس التقصير إن لم يكن أسوأ..
والجهة الأخرى الموالية تجد برامجها تتركز على الانجازات وهي قليلة أكيدا لكنك ترى الانجاز الواحد يتصدر عدد كبير من البرامج لغرض الترويج وإظهار الصورة المشرقة للحكومة ..
وان الكثير من البرامج الحوارية تجد معظم الشخصيات التي تستضيفها قنوات المعارضة إنما هي وان لم تتفق معها أيدلوجيا إنما تتفق معها في معارضتها للحكومة حيث ترى القنوات الإسلامية المعارضة تستضيف حتى الشخصيات التي اشد عداوة للإسلام السياسي (العلمانية) من اجل إنها تختلف مع الحكومة.والعكس إن قنوات الموالاة تراها تستضيف الشخصيات المنتفعة من الحكومة والتي لديها مشكلة مع الآخر المعارض…
لم نجد قضية مصيرية أو مفصلية في الفترة السابقة تناولتها هذه القنوات بحيادية واستضافت فيها الشخصيات الإعلامية والكتاب والمثقفين على نفس المستوى وعلى كل القنوات الموجهة حزبيا وهذا ما يجعلنا نسيء الظن بعمل تلك القنوات والمسؤولين عنها بل حتى المناسبات الدينية أخذت تستغل لتعبئة الناس لا للمناسبة بل للجهة التي ترعى القناة …
وامتدت اليد لتتعدى العمل في القنوات الفضائية (الفرات .. آفاق) والذي بات مفضوحا لأبسط الناس إلى مواقع التواصل الاجتماعي وفتحت الصفحات التي هي تسقيطية محضة والتي تسيء إلى الجميع ولا يظنن احد فيها انه منتصر ولا يعتقد احد إن عوام الناس هو من انشأ تلك الصفحات بل إن الناس المتنفذين في الأحزاب هم الذين يرعونها إن لم يديروها ومنها صفحات محفظتي أولا وصفحة ما ننطيها التهكمية …
إن عمل تلك الصفحات والقنوات والمؤسسات الراعية للتسقيط السياسي الذي تتبناه أحزاب السلطة والباحثة عن السلطة يكشف عن سوء سريرتهم وخداعهم للمواطن العراقي المغرر به وإنهم لا يستحقون أن يعطيهم الإنسان صوته الذي سيعتاشون به لمدة سنوات الحكم ويكشف أنهم إنما يتناحرون لأجل مصالحهم الحزبية لا مصلحة المواطن المغلوب على أمره…