18 ديسمبر، 2024 10:42 م

حين تلقي الانتخابات اثقالها، ويختلف الفرقاء في نزاهتها، ويعترض الخاسرون من اصحابها، ويفرح الفائزون بنتائجها، فثمة خلل ينبغي تشخصيه، قد يكون في المواطن المعتقد بشفافيتها، او ذلك المقاطع لها، لتكون النتيجة سجالات في وسائل الاعلام واخبارها، ولن يعرف احد ما نهايتها.
صحيح أنها مبكرة، لكن تداعياتها المتأخرة، تنذر بخلاف يعقد المشهد السياسي أكثر من تعقيده الحالي، وهنا أشير الى هجمات يشنها داعش في وقت ينشغل فيه الجميع بالمقاعد واعدادها والتزوير وابعاده، والتنسيق ومآلاته.
الخبير السياسي هاشم الحبوبي يرى أن سبب تأخر نتائج الانتخابات يعود أساسا للدعوى التي رفعها تحالف الفتح بزعامة هادي العامري ضد الانتخابات وأنه لولا هذه الاعتراضات لأعلنت النتائج في وقت مبكر وكل ذلك سينعكس على استكمال مستلزمات ما بعد الانتخابات.
ولعل الحبوبي بحسن ظنه يرى أن الطبقة السياسية الحالية تخضع للقانون بشكل كامل ان كان في صالحها او ضدها، رغم تكذيب الوقائع لما ذهب اليه بدليل انتخابات الفين وتسعة وابعاد قائمة علاوي الفائزة بالكتلة الاكبر.
يضاف الى ذلك تأكيدات المجتمع الدولي والمراقبون وممثلة الامين العام للامم المتحدة في العراق بلا سخارت بنزاهة العملية الديمقراطية وهو ما أثار حفيظة الخاسرين.
انسداد سياسي
ما جرى بعد الانتخابات من اعتراضات مسؤولة وغير مسؤولة أسهمت بشكل كبير في إرباك المشهد السياسي في عموم العراق، وحراك بعض الأحزاب التي خسرت مقاعدها لم يكن مبررا في ظل شعبيتها التي لم تعد كما السابق، لأن مراحل الصعود والنزول متوقعة في المعادلة العراقية والدورات الانتخابية السابقة كانت خير مثال على التغيير الكبير في المقاعد لصالح هذا او ذاك.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الموصل الدكتور احمد الفكاك وهو من الذين لم يحالفهم الحظ بالفوز يؤكد ان الانسداد السياسي الذي جرى بعد الانتخابات له تأثير كبير على عموم العراق بكل محافظاته وقد يعرقل اندفاع عملية اعمار نينوى التي ينحدر هو منها اضافة الى تأخر إقرار الموازنة بحسب رأيه.
والفكاك يؤشر في حديثه المختصر الى مفردات تجاوزها السياسيون الباحثون عن تحقيق النصر في المعركة، واشكالية الأهم والمهم لم تعد متواجدة في القاموس السياسي، الاهم ان تكون المقاعد اكثر.
بين الاغلبية والتوافقية
يمكن تقديم كلمة على اخرى ليكون العنوان توافقية الاغلبية، حيث مفردة واحدة من الصعب ان تكون حاسمة في الوضع السياسي الحالي.
زعيم التيار الصدري الملوح بالاغلبية اعلاميا، لن يتحقق مراده، وتجارب الحكومات السابقة شاهد، وقد يذهب بكل قوته الى خيار الاغلبية التي ستدعمها التوافقية الحاكمة.
ومن ينادي بالتوافقية يتحدث بمنطق الواقع العراقي بعيدا عن احلام الديمقراطية التي ليس لها من التطبيق الا الاسم في العراق.
المحلل والباحث السياسي الدكتور عدنان عودة يرى أن الحكومة القادمة يجب ان تكون توافقية، وعد الخلاف على ذلك قائدا البلد الى الإنحدار، حين تغيب العقول الراجحة وتعلو المصالح الشخصية والحزبية على المصلحة العامة.
الإطار التنسيقي
يجتمع أمام كاميرات الاعلام، ويرى المتابعون بعض البرودة في اللقطات التي يتم أخذها، وهي تعكس الخلاف الحاصل بين الصدر وباقي الكتل الشيعية الاخرى.
اجتماع وحيد حتى الان عده مراقبون بادرة حسن نية من الصدر الذي زار بغداد، بانتظار ان يزور الاخرون الحنانة بالنجف مقر زعيم التيار الصدري
عضو المكتب السياسي لحركة عصائب اهل الحق بزعامة قيس الخزعلي سعد السعدي قال في وقت سابق انه لا يوجد أي موعد محدد لقادة الاطار التنسيقي لزيارة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وأن جميع قادة الاطار التنسيقي سيشاركون في اجتماع الحنانة ان عقد.
الكورد والمعادلة
التفاهمات السياسية غالبا لا تتم دون اشراك الجميع فيها، والكورد حين يذهبون الى بغداد يتوحدون رغم اختلافهم، والاشارات التي ترد من اللقاءات الثانية تقول ان الموقف هذه المرة من دعم احد دون آخر سيكون متأخرا بسبب عدم وضوح الخارطة النهائية لمن ستكون للتيار الصدري من جهة، والمحاولة التفاهمية مع السنة ككيان واحد، من جهة أخرى، وهذا بدا واضحا من خلال اللقاءات الثائية التي جمعت مسعود البرزاني بمحمد الحلبوسي وخميس الخنجر كلا على حدة ومجتمعين.
وبهذا قطع الكورد التفاهمات مع الشخصيات الفردية التي تسوق نفسها على أنها ممثل للسنة في مجلس النواب المقبل.
تزداد تعقيدات المشهد السياسي يوما بعد آخر، والاعتراضات على النتائج قد تكون مناورة لتحقيق مزيد من التقارب من جهة وحتى الضغط على الفائز المستعجل لتشكيل الحكومة.
بالتأكيد ستصبر الحكومة النور قبل نهاية العام الحالي بشكل توافقية الاغلبية وليس اغلبية التوافق