محاميها حراميها
في شريط بالصوت و الصورة روى رجل الأعمال العراقي السيد ماجد النجار تفاصيل تعرضه لعملية نصب و احتيال من قِبل محاميه الأردني ، وكان النجار قد أقام في عمان مستثمرا عقاريا منذ تسعينات القرن الماضي ومن الطبيعي أن تعرض له في عمله مشاكل يتطلب حلها اللجوء لسلطة القانون و بالتالي الإستعانة بمحام ، وتنص إجراءات التقاضي في الأردن باستيفاء مبالغ تأمين للمتقاضي غير الأردني تزداد قيمتها بحسب المبلغ محل النزاع ، ويبدو أن النزاع القانوني الأخير الذي خاضه السيد النجار دار حول مبلغ مالي كبير استوجب تأميناً كبيرا دفعه لمحاميه ليودعه خزينة المحكمة فما كان من ذلك المحامي إلا أن استولى على المبلغ و قطع اتصاله بموكله و اختفى ! وفي واقع الأمرفإن ما وقع للسيد النجار ظاهرة تكررت مع كل عراقي خاض نزاعا قانونيا في الأردن حيث يعتبرونه فريسة تجذب لصوص هذا البلد و محتاليه من ذوي الياقات البيضاء و الهندام و ثوب المحاماة الأسود ، ولا يتوقف الأمر عند سلب العراقي ماله فعندما يحاول استرداد ما سرقه منه محاميه عن طريق القانون والقضاء يفاجأ أن محاميه الجديد الذي كلفه بمتابعة القضية بحاجة إلى إذن من نقابة المحامين الأردنيين حتى يشتكي على زميله وعادة يرفض نقيب المحامين أو نائبه منح هذا الإذن إما لحسابات انتخابية ، أو لاقتسام الغنيمة مع المحامي اللص إذا كانت دسمة تستحق التواطؤ على قيم العدالة و الشرف .
ما من عراقي في الأردن إلا و تعرّض لمحاولة ابتزاز أو سرقة أونصب بأشكال وفنون مختلفة ، فبعضهم يتربص بسيارة ذات رقم عراقي ويتعمد الاصطدام بها بسيارته أو حتى بجسده لابتزاز سائقها العراقي ولو بخمسة دنانير ، ومنهم من يطرق باب العراقي وقد ارتدى الزي العربي باعتباره شيخ عشيرة ليطلب مالا بحجة إعمار بيوت الله ، بل أن عشرات البيوت لعراقيين حصراً تعرضت لسرقة ما خف وزنه وغلا ثمنه ، واللافت أن جهات إنفاذ القانون في الأردن بدءاً من الشرطي مرورا بقاضي الصلح و انتهاء بقاضي الإستئناف يتعاطفون جميعا مع الجاني إما بدافع غيبوبة الضمير أو بدافع الحسد للعراقي على كل ما يمثله وما يملكه ، ففي واقعة نصب فيها محام أردني على موكله العراقي وسرقه لم يخجل زميل له من تبرير فعلته باعتبار أن الضحايا هم عراقيون وأن العراقي عندهم لا دية له ! لقد تعرض عراقيون كثر من وزن اقتصادي ثقيل لمضايقات وعمليات نصب واحتيال في الأردن منهم على سبيل المثال السيد سردار صاحب أكبر معارض سيارات و استثمارات عقارية في عمان مما دفعه لتصفية أعماله و العودة إلى أربيل ، و منهم آل الخوام أصحاب استثمارات بمئات ملايين الدولارات فقد عزموا في سنوات قريبة مضت على تصفية أعمالهم و ترك الأردن لولا أن التقاهم الملك عبد الله الثاني وطيّب خاطرهم ، و كان آخرهم قبل أيام السيد ماجد النجار المثال الحي على مقولة محاميها حراميها ! وأما إذا اضطر عراقي لدخول مستشفى في الأردن فيتحول إلى صيد تتفنن إدارة المستشفى في مضاعفة تكاليف علاجه ، والعراقي دون خلق الله جميعا إذا أراد إقامة سنوية في الأردن فيتعين عليه إيداع عشرة آلاف دينار أردني في أحد المصارف لحساب وزير الداخلية ثم ينساها حتى يسقط إقامته هذا في حال امتلك بيتا وإلا فإن الوديعة ترتفع لثلاثين ألف دينار ، ولم يشفع للعراقي أن بلده وهب الملايين من براميل نفطه للأردن حتى العام 2003 ثم راح بعدها يبيعها له بأسعار شبه رمزية .
في طريق عودتي إلى العراق منهيا زيارتي الأولى – وأرجو أن تكون الأخيرة – للأردن خطرت في بالي مقولة يرددها المصريون : ” من خرج من داره قلّ مقداره “، و تذكرت وصف والدي للسفسطات عن العروبة وبلاد العرب أوطاني بأنها حديث خرافة يا أم عمرو !