وكالات – كتابات :
نشرت مجلة (فورين بوليسي) الأميركية مقالًا، لـ”إيمرسون بروكينغ”، الباحث المقيم في مختبر أبحاث الطب الشرعي الرقمي التابع لـ”المجلس الأطلسي”، و”إليزا كامبل”، مديرة البرنامج السيبراني في “معهد الشرق الأوسط”، حول المعاناة التي يتعرض لها الفلسطينيون في “الضفة الغربية” و”غزة”؛ ومحاولة خنق أصواتهم على الإنترنت من جانب السلطات الإسرائيلية بتواطؤ من شركات التواصل الاجتماعي العالمية التي تسعى إلى تجنب المتاعب مع “إسرائيل”.
ويستهل الكاتبان مقالهما بالقول: يعيش: 4.8 مليون من سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة في واقعين متزامنين ومختلفين اختلافًا كبيرًا. وفي العالم المادي يعيش الفلسطينيون أسرى في “غزة”، أو “الضفة الغربية”، ومحاصرين بنقاط تفتيش عسكرية إسرائيلية، إنهم يخضعون لحكم (حماس)، أو لـ”السلطة الفلسطينية”، التي تحكم دون انتخاب لمدة 12 عامًا؛ وتُحافظ على سيطرتها على السلطة من خلال تخويف النشطاء الديمقراطيين.
وفي كلتا الحالتين يخضع الفلسطينيون، في نهاية المطاف؛ للمساءلة أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية، حيث الحرمان من الوصول إلى مستشار قانوني ونسبة إدانة تُقارب: 100%.
لكن على الإنترنت تختفي نقاط التفتيش، ويمكن للفلسطينيين التحدث مع عائلاتهم التي فصلتهم عنها الأسلاك الشائكة ونقاط المدافع الرشاشة، ويمكنهم مشاركة قصصهم مع المراقبين والمتعاطفين حول العالم. وبذلك يمكن للفلسطينيين أن يُطلقوا على أنفسهم مواطنين في دولة “فلسطين” ذات السيادة: دولة اعترفت بها: 138 دولة؛ واعترف بها في عام 2012؛ باعتبارها دولة مراقبة ليست عضوة في “الأمم المتحدة”، وتُمثل “فلسطين” الرقمية تحقيقًا لوعد الإنترنت المتفائل بإعطاء صوت لمن لا صوت لهم، وإلقاء الضوء على أحلك أركان العالم.
الاحتلال الإسرائيلي وفلسطين الرقمية..
يُلفت الكاتبان إلى أن “فلسطين” الرقمية مهددة بثلاث قوى. الأول هو جهاز الشرطة والمراقبة الموسَّع لدولة “إسرائيل”، والذي يستخدم لتتبع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وترهيبهم وسجنهم بسبب كلامهم على الإنترنت، والثاني عبارة عن شبكة من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية التي تستخدمها “إسرائيل” لاستهداف التعبير المؤيد للفلسطينيين في جميع أنحاء العالم، والقوة الثالثة هي شركات وسائل التواصل الاجتماعي الأميركية، التي أبدت استعدادًا لإسكات الأصوات الفلسطينية تجنبًا للجدل السياسي وضغوط الحكومة الإسرائيلية.
وتُظهر هذه القوى معًا كيف يمكن لحكومة ديمقراطية ظاهريًّا أن تقمع حركة شعبية على الإنترنت بقبول من المديرين التنفيذيين الليبراليين في (وادي السيليكون). وهذا السلوك ضد الفلسطينيين لن يقتصر على الشرق الأوسط، بل قد ينشر ضد مجتمعات النشطاء في جميع أنحاء العالم.
كان الفلسطينيون من أوائل المتبنين المتحمسين للإنترنت؛ وعلى الرغم من أن أقل من: 2% منهم كان لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت، في عام 2001، فقد ارتفع هذا الرقم إلى: 41%؛ بحلول عام 2011؛ مما يجعلهم من بين أكثر الأشخاص اتصالًا في الشرق الأوسط، وتمكنوا من ذلك على الرغم من ضوابط الاستيراد الصارمة والحصار الدوري، إضافة إلى سيطرة “إسرائيل”، شبه الكاملة؛ على العمود الفقري للإنترنت الفلسطيني، وفيما يخص شباب الفلسطينيين، وفَّرت وسائل التواصل الاجتماعي طريقة للتفاعل مع الهوية الثقافية والتاريخ المشترك الذي تحطَّم قبل ولادتهم.
بينما وجد الفلسطينيون صوتهم الرقمي، خلال منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانت الحكومة الإسرائيلية تشعر بقلق متزايد بشأن صوتها، وواصل الجيش الإسرائيلي قدراته على التأثير على الإنترنت، حيث جنَّد مدونين ومصممي غرافيك وأنشأ وجودًا قويًّا على (فيس بوك، وتويتر، ويوتيوب).
ومع ذلك لم يكن ذلك كافيًا لتغيير الرأي العام العالمي، الذي ظل منتقدًا بشدة لـ”إسرائيل”، خلال حربي: 2012 و2014 في “غزة”. وخلَّف نظام (القبة الحديدية) للدفاع الصاروخي؛ الذي استُخدِم في هذه النزاعات أعدادًا متفاوتة من القتلى المدنيين: قُتل تسعة مدنيين إسرائيليين، مقارنةً بحوالي: 800؛ (وفقًا للجيش الإسرائيلي)، و1800 فلسطيني؛ (وفقًا لحركة حماس)، كثير منهم من الأطفال. وسلَّطت وسائل التواصل الاجتماعي الضوء على معاناة الفلسطينيين.
انتفاضة الطعن..
ويضيف الكاتبان: في عام 2015؛ اتخذ عنصر الإنترنت بُعدًا جديدًا رهيبًا في الصراع “الإسرائيلي-الفلسطيني”. وبدأ الشباب الفلسطينيون، الذين حرَّكتهم دعاية (حماس) وغيرها من المنظمات الإسلامية؛ وكذلك مقاطع الفيديو لضحايا الاحتلال الإسرائيلي، حملة إرهابية عفوية وبلا قيادة إلى حد كبير. ونتج عن ذلك: “انتفاضة الطعن”، التي شهدت أكثر من: 300 محاولة طعن وإطلاق نار وهجوم دهس في “إسرائيل” و”فلسطين”؛ على مدار عام، مما أسفر عن مقتل: 34 مدنيًّا، 31 منهم إسرائيليون وثلاثة أجانب وخمسة أفراد أمن إسرائيليين. وردت “إسرائيل” بقتل أكثر من 150 مهاجمًا فلسطينيًّا.
وحوَّلت قوات الأمن الإسرائيلية انتباهها إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وأنشأت شبكات من حسابات مزيفة على (فيس بوك) لتسهيل المراقبة، واعتقلت أكثر من: 300 فلسطيني؛ لنشاطهم على (فيس بوك) بزعم: “التحريض على العنف والإرهاب”. وفي عام 2016؛ أصدرت “إسرائيل” قانونًا صارمًا جديدًا لمكافحة “الإرهاب”، والذي وسَّع تعريف التحريض ليشمل أي مظاهر “للتضامن” مع: “الإرهاب أو المنظمات الإرهابية”.
وبسبب التعريف الفضفاض لما يُسمى: “المنظمات الإرهابية”، جُرِّم المديح، أو الدعم العام، أو حتى رفع الأعلام المرتبطة بالتضامن الفلسطيني، أو حركات الاستقلال تجريمًا فعَّالًا، وكذلك الاعتقال بسبب المحتوى المنشور على الإنترنت.
وخفَّت حدة عنف “انتفاضة الطعن”، ولم تتوقف الاعتقالات. ووفقًا للأرقام التي جمعتها منظمة (حملة) للحقوق الرقمية الفلسطينية، اعتقلت “إسرائيل” نحو: ألفي فلسطيني؛ بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، منذ عام 2017. وتقول السلطات الإسرائيلية إن هذه الاعتقالات جاءت نتيجة لشرطة التنبؤ بمساعدة الذكاء الاصطناعي، والتي تستخدم التنميط الديموغرافي والنفسي لاحتجاز المشتبه فيهم الذين قد يرتكبون أعمال عنف ذات يوم.
ولهذه الدورة من المراقبة والاستجواب والسجن تأثير مخيف وواضح على التعبير الرقمي. ولا يستطيع الفلسطينيون معرفة متى يمكن أن تصنف خوارزميات التنبؤ الإسرائيلية دعوة إلى التضامن الوطني على أنها تحريض. ولا يمكنهم معرفة هل “الإعجاب” على (فيس بوك) الموجه إلى أي عدد من الهيئات السياسية الفلسطينية؛ يمكن تفسيره على أنه دعم للإرهاب أو متى يمكن اعتبار مجموعة جديدة كيانًا إرهابيًّا. وفي تشرين أول/أكتوبر؛ أعلنت “إسرائيل” أن ست منظمات فلسطينية كبيرة لحقوق الإنسان تحمل صفة: “إرهابية”.
تعريف جديد لمعاداة السامية !
وأردف الكاتبان أن جهود “إسرائيل” لحظر الخطاب المؤيد للفلسطينيين تمتد إلى ما هو أبعد من الشرق الأوسط. وفي السنوات الأخيرة، مارست الحكومة الإسرائيلية والمنظمات التابعة لها؛ ضغوطًا هائلة على (فيس بوك) وشركات التكنولوجيا الأخرى؛ لتبني تعريف جديد وفضفاض لـ”معاداة السامية” نشره: “التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست”، (IHRA)، في عام 2016، وإذا اعتمدته منصات وسائل التواصل الاجتماعي، فإن مثل هذا التعريف من شأنه أن يُقيد بشدة النقد عبر الإنترنت لسياسة الحكومة الإسرائيلية.
وأثار تعريف التحالف جدلًا حادًّا داخل المجتمع اليهودي، ومن الواضح أن شركات التكنولوجيا لم تفعل ما يكفي للحد من إنكار “الهولوكوست” والتعصب المعادي لليهود، كما يتضح من الارتفاع الحاد في أعمال العنف المعادي للسامية في السنوات الأخيرة؛ غير أن بعض اليهود رفضوا ربط الصهيونية باليهودية ككل. وفي حزيران/يونيو؛ أصدر أكثر من: 200 باحث يهودي، “إعلان القدس”؛ حول معاداة السامية، والذي يهدف إلى تحسين تعريف التحالف بالتمييز بين الانتقادات الموجَّهة لـ”إسرائيل” والصهيونية وبين الهجمات على أصحاب الديانة اليهودية؛ ودعوا إلى: “نقاش مفتوح حول القضية الشائكة بشأن مستقبل” إسرائيل وفلسطين.
وفيما يخص الفلسطينيين، تحمل نتيجة هذا النقاش عواقب وخيمة. إن التبني الواسع لتعريف التحالف من شأنه أن يُعيق مناقشة التاريخ الفلسطيني، والذي يتجذر في الطرد القسري لأكثر من: 700 ألف فلسطيني من منازلهم على يد العصابات الصهيونية أواخر الأربعينيات، فضلًا عن كثير من الثقافة الفلسطينية الحديثة، المرتبطة بالاحتلال العسكري الإسرائيلي، وقد يؤدي حظر الانتقادات لـ”إسرائيل” إلى تقليص المساحة التي يمكن للمرء أن يُعرب فيها عن دعمه لتقرير المصير للفلسطينيين.
ومثلما تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى إعادة كتابة قوانين التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد أنشأت أيضًا مؤسسات جديدة لمراقبة المنصات مباشرةً، ومنذ عام 2015، أدارت “وزارة العدل” الإسرائيلية وحدة سيبرانية أصدرت عشرات الآلاف من طلبات إزالة المحتوى إلى: (فيس بوك، وتويتر، ويوتيوب)، بزعم التحريض العنيف أو دعم “الإرهاب”. وهذه الطلبات طوعية وليست مُلزمة قانونًا، ومع ذلك، امتثلت شركات وسائل التواصل الاجتماعي لطلبات الوحدة السيبرانية في نحو: 90% من إجمالي الطلبات.
ومن الناحية العملية تمتلك الوحدة السيبرانية الإسرائيلية قدرًا مذهلًا من القوة. وعلى الرغم من أنها تتحدث بقوة الحكومة الإسرائيلية، فإنها لم تزل غير مُلزمة بالقوانين الدستورية الإسرائيلية التي تضمن حرية التعبير والإجراءات القانونية الواجبة، وفي نيسان/أبريل قضت المحكمة العليا بأن ممارسات الوحدة لا تنتهك القانون الإسرائيلي.
ولأن الفلسطينيين تبنوا النشاط الرقمي واعتمدوا عليه لتعزيز قضيتهم – وأصبحت الحكومة الإسرائيلية تنظر إليه على أنه تهديد أمني – فشلت شركات وسائل التواصل الاجتماعي إلى حد كبير في رسم مسار وسط يُرضي الطرفين. وتُمارس “إسرائيل” حملة ضغط قانونية وخارجة عن القانون يصعب على المديرين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا تجاهلها.
وعلى النقيض من ذلك؛ تعني الطبيعة المجزأة للسيادة الفلسطينية أن الفلسطينيين يفتقرون إلى شكل فعَّال من أشكال الإنصاف، ولا يمكنهم إصدار مذكرات استدعاء أو أوامر من الشرطة لمنصات التواصل الاجتماعي، ولا يمكنهم التهديد بقوانين ولوائح الجديدة بخلاف أن فرع (فيس بوك)، في “إسرائيل”؛ مركز إقليمي هائل، وواحد من مكتبين فقط في الشرق الأوسط.
تحيز منهجي ضد الفلسطينيين..
يخلُص الكاتبان إلى أن النتيجة هي تحيز منهجي مناهض للفلسطينيين في تعديل المحتوى لشركات التواصل الاجتماعي. وكان هذا واضحًا في آيار/مايو؛ عندما احتشد الفلسطينيون ضد مصادرة الأراضي في “القدس الشرقية” المحتلة. وخلال أكثر من شهر من احتجاجات الشوارع وأعمال الشرطة الانتقامية، وثَّقت منظمة (حملة) نحو: 700 حالة لمحتوى مؤيد للفلسطينيين؛ حُذف أو هُمِّش أو أُخفِي بطريقة أو بأخرى، دون سابق إنذار أو تفسير مناسب عبر: (فيس بوك، وإنستغرام، وتويتر، ويوتيوب، وتيك توك).
وتعكس “مريم البرغوثي”، المحللة السياسية الفلسطينية، ذلك في مقال كتبته: لـ”باقي العالم”، فتقول: “كثير من قوتنا.. يأتي من قدرتنا على أن نُسمِع الناس صوتنا. وشعرتُ أننا نتعرض للهجوم من جميع الجهات ونُحرَم من مجرد الشهادة على واقعنا”.
ومع أشتداد أزمة آيار/مايو – مقتل 14 إسرائيليًّا بصواريخ (حماس)؛ و156 فلسطينيًّا في ضربات جوية للجيش الإسرائيلي – أصبحت هذه الفجوة الرقمية أكثر وضوحًا وبات أي محتوى باللغة العربية يُشاركه فلسطيني يُنظر إليه على أنه عمل: “إرهابي” محتمل، ووفقًا لرصد “هيومن رايتس ووتش”، شهد أحد مستخدمي (إنستغرام) شارك سلسلة من عناوين صحيفة (نيويورك تايمز) حول الضربات الجوية الإسرائيلية ومصادرة الأراضي؛ حذف منشوراته لأنه حثَّ أتباعه على: “عدم التنازل مطلقًا” عن حقوقهم بموجب القانون الدولي، وأزيل محتوى مستخدم آخر على (إنستغرام) لمشاركته صورة للأضرار التي أحدثتها القنابل الإسرائيلية في “غزة”، ولكن ظل: “خطاب الكراهية” ضد الفلسطينيين – المكتوب بالعبرية – مرئيًّا بسهولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
تحقيق مستقل في “فيس بوك”..
ألمح الكاتبان إلى أن بعض الجماعات داخل شركات التواصل الاجتماعي الكبرى تنبَّهت إلى التآكل المستمر للحقوق الرقمية للفلسطينيين. وفي أيلول/سبتمبر؛ دعا مجلس الإشراف على (فيس بوك) إلى إجراء تحقيق مستقل في ممارسات تعديل المحتوى المؤيد للفلسطينيين لتحديد مدى: “تطبيق ذلك دون تحيز”، كما أعرب مجلس الرقابة عن قلقه من أن المنظمات الحكومية، مثل الوحدة السيبرانية في “إسرائيل”، ربما تكون قد صاغت قرارات الإشراف على محتوى (فيس بوك)، وإذا أخذ (فيس بوك) هذه المخاوف والتوصيات بجدية؛ فقد تحذو شركات التواصل الاجتماعي الأخرى حذوه في التعامل مع الخطاب الفلسطيني.
ولا يوفر تعاطف مجلس إشراف الشركات سوى طمأنينة محدودة للفلسطينيين المستهدفين من جهاز الرقابة الإسرائيلي المتطور. وتتمثل الخطوة الأقوى والأسرع في إلتزام شركات وسائل التواصل الاجتماعي بمراعاة قرار “الجمعية العامة للأمم المتحدة”، (67/19)، لعام 2012، بالاعتراف بدولة “فلسطين” المستقلة ومنحها مكانة دولة مراقبة غير عضوة في “الأمم المتحدة”. ودولة “الفاتيكان” تعمل بموجب قرار مماثل من “الأمم المتحدة”.
ومثل هذا الإجراء سيُضفِي الطابع الرسمي على نوع من السيادة الرقمية الفلسطينية، ويضمن للفلسطينيين حقوقًا محدودة في التعبير عبر الإنترنت والإجراءات القانونية الواجبة بما يتجاوز تدخل مسؤولي الأمن الإسرائيليين. وسوف يُجسِّد روح اتفاقيات “أوسلو” ومبادرات السلام اللاحقة التي توسطت فيها “الولايات المتحدة”، والتي سعت إلى رسم خارطة طريق نحو دولة فلسطينية مستقبلية.
الاعتراف بدولة فلسطين..
وشدد الكاتبان على أن اعتراف شركات التواصل الاجتماعي بدولة “فلسطين” الرقمية؛ سيؤدي إلى تعزيز الحماية للخطاب الفلسطيني، ولن تكون الحكومة الإسرائيلية قادرة بعد الآن على إصدار طلبات إزالة المحتوى التي تعامل الفلسطينيين باعتبارهم أقلية متمردة وعديمة الجنسية.
ولن يعقد المسؤولون التنفيذيون في مجال التكنولوجيا الاجتماعات المنتظمة مع مسؤولي الأمن الإسرائيليين؛ بينما يتجاهلون الممثلين الفلسطينيين. وفي الأزمات المستقبلية، يمكن للفلسطينيين أن يشعروا بالطمأنينة أن أصواتهم الرقمية لن تقع بالكامل تحت رحمة قوة أجنبية معادية.
ولكن إذا حصلت “السلطة الفلسطينية” وحدها على مزايا الدولة الرقمية، فقد تستخدم هذه المكانة المعززة لتكثيف رقابتها على نشطاء الديمقراطية والمنافسين السياسيين. وثلاثة أرباع الفلسطينيين أصغر من أن يكونوا قد أدلوا بأصواتهم في الانتخابات الفلسطينية الحرة الأخيرة، في عام 2006. وعلى الرغم من مطالب الفلسطينيين المعترف بها دوليًّا بالاستقلال، فإنهم يفتقرون إلى حكومة تمثيلية حقيقية. ولذلك يجب أن تكون حماية السيادة الرقمية مهمة الشعب الفلسطيني نفسه في المقام الأول لحماية خطابه السياسي.
واختتم الكاتبان مقالهما بالقول: لطالما كان الإنترنت حليف النشطاء والمستضعفين. ويبدو أن العكس هو الصحيح الآن فيما يخص قضية تقرير المصير للفلسطينيين، وأنشأت الحكومة الإسرائيلية سلسلة فعَّالة من الأنظمة لقمع الخطاب الفلسطيني. وقامت شركات التكنولوجيا في سعيها لتقليل المخاطر القانونية والسياسية بالباقي. والنتيجة أنه حتى مع اتصال مزيد من الفلسطينيين بالإنترنت أكثر من أي وقت مضى، فإن مساحاتهم الرقمية لم تكن أبدًا صغيرة جدًّا.